11 ene 2014

من آداب الحوار وتهذب اللسان على أدب الكلام كما علمنا الرحمن

من آداب القرآن في إدارة الحوار وتدريب اللسان على أدب الكلام كما علمنا الرحمن.
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
قال الشيخ الشعراوي رحمه الله أن الملائكة الذين خاطبهم الله هم الذين سيقومون على خدمة الإنسان، وأضيف أن المقصود من هذا العرض البديع من الرحمن الرحيم هو أن نتعلم أن نجعل الأمر شورى بيننا إذا ما اتخذنا قرارا مصيريا، خاصة في محيط الأسرة، فإذا ما اتخذ الأب أو الأم قرارا هاما مؤثرا  فعليهم أن يعرضوه بود ومحبة ورفق وحكمة على جميع افراد الأسرة وكل من سيخصهم الأمر...
رغم أن المتلكم هو العزيز الجبار المتكبر ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء، والمخاطبون هم الملائكة الكرام الذين عصمهم الله من الخطأ وجعلهم مسبحين مقدسين لله العلي العظيم.
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ
عندما نعرض الأمر أو القرار الذي اتخذناه فسوف نجد نقاشا وربما طلب منا أفراد الأسرة تبريرا أو تفسيرا أو إيضاحا وهذا من حقهم لأن الله تبارك وتعالى علمنا ذلك في سياق الآية الكريمة التى بدأ بها ربنا في تعريفنا بقصة آدم عليه السلام ..
قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)
إذا رد رب الأسرة يجب أن يكون هكذا، أرى وأعلم ما لا تعلمون أو ترون،  تماما كما أجاب سيدنا يعقوب أولاده وأفراد أسرته عندما قالوا له أنه عاد لضلاله القديم فقال لهم :
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)يوسف
عندما يكون رب الأسرة على اتصال دائم بالله يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويتقي الله ربه سيكون كل كلامه برهانا ودليلا على سلامة فطرته واستقامته على أمر الله فلن يجادله مخلوق لأنه قد توكل على العزيز الرحيم، وإذا حدث وجادلوه فسيوفقه ربه للطيب من الكلام ويريه البرهان ويسدد قوله وخطواته بإذن الله تعالى.
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فهو سبحانه من يقول للشيئ كن فيكون، رغم ذلك فقد أوضح الله تبارك وتعالى بالتجربة العملية ما كانوا يجهلوه من أمر آدم عليه السلام، وجعل أول مهمة لأول إنسان هي مواجهة الملائكة الذين يسبحون لله ويقدسونه بما قد علمه الله تبارك وتعالى. وهذا ما يجب علينا فعله عندما نربي أولادنا فنعدهم ونجهزهم وندربهم على مواجهة الحياة كالفارس المغوار، فقد خلقه الله تبارك وتعالى مؤهلا لذلك.
قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
يجب أن نوضح الأمر بمنتهى الهدوء، فنبين للطرف الآخر احتمال خطأه، ونشرح له بالأسلوب الذي يفهمه وجهة نظرنا، وحيثيات حكمنا، فنكسب وده واحترامه وتأيده لنا، فكم من عدو اعترف بحكمة عدوه، ورزانته، وحلمه وأدبه، كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة في محيط العائلة وفي المجتمع بين الحاكم والمحكوم، معتبرين بأمر الله لكل الناس :[ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ].
قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)البقرة.
وهكذا يجب علينا أن نقدم البرهان لمن حولنا ولكل من سيتأثر بحكمنا وبقرارنا، فننبئهم بحيثيات الحكم، فإذا مثلا ولله المثل الأعلى أمرنا أولادنا بالصلاة يجب علينا أن نعرفهم معنى الصلاة ونوضح لهم لماذا كتبت علينا، وماهي الفوائد والنتائج التى سنحصل عليها، وقبل كل ذلك علينا أن نبرهن لهم عمليا نتائج تنفيذ أوامر الرحمن ونواهيه فيروا أثر ذلك في عموم حياتنا وخصوصها.
كنت قد تركت هذه الصفحة وانشغلت بغيرها ولكن الله تبارك وتعالى جعلني أراها في توقيعي فتذكرت على الفور كم نحن في حاجة لتحسين أسلوب حياتنا وما نقول ونفعل... وأؤكد لكم أن هذا العرض القرآني المبدع هو تمهيد لأمر الله لنا في أول نداء من نداءاته التى بلغت 89 نداء يأمرنا فيه ربنا بإنتقاء كلامنا والبعد عن الزيف وتقليد غير المسلمين.هذا واستغفر الله لي ولكم ولصالح المسلمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.






No hay comentarios:

Publicar un comentario