27 jul 2013

مكانة العقل في ملك الله

مكانة العقل في خلق الله
17 رمضان
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)الإسراء
عقلك هو بمثابة العيون بالنسبة لقلبك و لكن إذا سيطرت عليه نفسك فهو خادمها المطيع، ومع ذلك فهو مطيتك التى تحملك حيث تشاء، تستطيع أن توجهه حيثما شئت، ولكي يعمل بكامل طاقته لابد من أن يكون حرا... وتحرره متوقف على عبوديتك لله العلي الكبير، لذلك سنجعل عقولنا تعيش مع لا إله إلا الله... نستغفره ونستعينه ونتوب إليه. لأننا بهذا الإستغفار نستطيع أن نحرر عقولنا من سطوة النفس، فيستخدمه القلب ليرى به الحقائق الكبرى.
بلا إله إلا الله سنحرر عقولنا، وذلك بالإستغفار كثيرا كثيرا كثيرا... تنفيذا لأمر الله العلي العظيم لنا، فقد قال سبحانه وتعالى في محكم آياته:|<< يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) الأحزاب >> الأحزاب.
أحبتي في الله، أريد منكم أن تلبوا أمر الله بأن تذكروه كثيرا، وخير ذكر لله إستغفاره في كل أوقاتنا. وعن مكانة العقل سنعيش معا هبة الله للإنسان ومطية تكليفه ووسيلته لمحبة الله وطاعته واتباع رسله صلى الله عليهم وسلم جميعا .... وهو مطيتنا ووسيلتنا المثلى للتفكر والتأمل في خلق الله .
ذات يوم كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفكرون في خلق الله، ودار بينهم سؤال، تـــٌرى ما هو أكبر وأقوى مخلوقات الله على الأرض ؟ ...
منهم من قال الجبال ومنهم من قال كذا وكذا وكذا... وفي هذه الأثناء مر بهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، فسألوه .. فكانت إجابته قاطعة، ومحددة ولا يمكن لمن يسمعها أن يساوره الشك فيما قال، قال رضي الله عنه هم عشرة:
أولا: الجبال الرواسي
 أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) النبأ.
ثانيا: الحديد يقطع الجبل
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ { سورة الحديد }
أثبت علماء عصرنا الحديث أن الحديد ينزل من السماء.
ثالثا: النار تأكل الحديد
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) سورة القصص.
رابعا: الماء يطفئ النار
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ. الأعراف
خامسا: السحاب يحمل الماء
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) الرعد.
سادسا: الهواء يحمل السحاب
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر
سابعا: الإنسان يتوارى من الريح { العقل}.
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) البقرة.
ثامنا: السُكر يغلب الإنسان
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ. الحج.
قد يسكر الإنسان بما لديه من هموم ومشاكل، فيدخل في دوامة مشاكله ودائرة أفكاره السلبية فيتوه ويحزن ويفقد توازنه وقدرته على التركيز..... وهذا نوع من السكر بغير خمر أو مواد مسكرة، إنما الذي يسكر بالخمر فهو يستعجل غياب عقله ليهرب من مشاكله.. وهنا نجد آفة البشر، لذلك المخرج الوحيد من كل ذلك هو الرضى بقضاء الله والإستغفار كثيرا كثيرا كثيرا.
تاسعا: النوم يغلب السكر
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) الفرقان.
وهكذا نرى من رحمة الله على الإنسان أن وهبه النوم وجعله ثباتا، ليستيقظ من نومه جديدا ليواصل حياته لعله يستغفر ربه ويتوب إليه فيكشف عنه ما ذهب بتوازنه وإستقراره.
وأخيرا: الهم يغلب النوم
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ{ يوسف}
من كانت الدنيا همَّه فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينيْه، ولم يأتهِ من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانتِ الآخرةُ نيتَهُ جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ، ومن كانت الدنيا همَّه جعل اللهُ فقرَه بين عينيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما قُدِّر له.
الراوي: زيد بن ثابت المحدث:الدمياطي - المصدر: المتجر الرابح - الصفحة أو الرقم: 334
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

وهذه المسألة كلنا مر بها ويعرفها معرفة يقينية، فكلنا جرب الهم، وكلنا يعرف أن المهوم لاينام، وإن نام تهاجمه الكوابيس والأحلام المزعجة، والمهموم حزين وإن طال عليه الأمد وصل إلى الإكتئاب والعياذ بالله .
وهنا نرى أن الله سبحانه وتعالى قد سخر للإنسان كل شيئ، فجعل عقله فوق السحاب والهواء والماء والنار والحديد والجبال، وقد استخدمنا كل ذلك  فأصبح من السهل علينا أن نصل إلى أي نقطة في الأرض في زمن محدود، فهناك طائرات وشركات وعمال وكلهم في خدمة المسافر نظير دراهم معدودة.
فعندما يترك الإنسان كل ذلك ويهتم بسوى الله فإنه يقذف بنفسه وروحه وعقله وفؤاده وجسده إلى العذاب والآلام، فتتلقاه شياطين الإنس والجن معا ليفعلوا به ما يشاؤن وكأنه لعبة في أيديهم, والسبيل الوحيد للنجاة من كل ذلك هو الإستغفار والتوبة إلى الله الواحد القهار. ثم نأتي إلى دعاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، يعلمنا أن نستعيذ من ثمانية أشياء قاتلة لطاقة الإنسان وحيويته وتقضي على راحة باله وتصيبه بالقلق وبإضطراب حياته كلها...
{ الحديث صاحبني مدة عمري منذ أن كنت شابا، له أثر عظيم في نفسي وحياتي، ولكني لا أعرف مدى صحته، سأقصه عليكم ليس كحديث وإنما دعاء يقينا من أشياء كثيرة كلها قاتلة للنفس}
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
سنتكلم في هذا الدعاء بإفاضة اليوم أو غدا إن شاء الله..
اللهم ربنا ورب العالمين، يا أرحم الراحمين ، نستغفرك ونتوب إليك، ولا حيلة لنا ولا رجاء إلا في إستغفارنا فإنك أنت سبحانك غافر الذنب وقابل التوب، علمنا من الإستغفار مما علمته عبادك الصالحين، ووفقنا برحمتك وفضلك لكلمات تلقيها في قلوبنا فنستغفرك بها فتقبلها منا وتقربنا بها إليك.. ربنا لا نبغي إلا رضاك عنا، بهذا الأمل نحيا، وعلى أمل لقاءنا بحبيك المصطفى وبكل أنبياءك الذين آمنا بهم ولم نراهم نحيا وبهذا الرجاء تهون علينا ما نلقى  في حياتنا الدنيا ..
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) آل عمران.


مكانة العقل الذي كرم به الله الإنسان والذي هو مطية التكليف،  فكيف نستقبل به عن الله ورسوله وهو قد أصبح مملوءا  بالصالح والطالح  ويعج فيه كل ما نرى ونسمع  دون أن نعرف شيئا عن مدى صحة ما نحمل من أفكار ومفاهيم،ووسيلتنا الوحيدة  لتحرير عقولنا وتنظيفها  هي الإستغفار  وإستحضار عظمة الله مع كل اسم نستغفر الله به. وكشح كل مفهوم خاطئ ، وأسهل طريقة لذلك هي الأخذ بكلمات الله وتلبية نداءاته ال 89 نداء والتى بدأت جميعها بيا أيها الذين آمنوا.

بالإستغفار وحده نستطيع أن نحرر عقولنا... أبحث في عقلك ستصعق عندما ترى ما فيه... خاصة لو أنك ممن يؤمنون بالله، وخاصة لوعرفت أنك ستسأل عن دينك وعن نبيك وماقال وما دعاك إليه وما نهاك عنه، لقد وضعت فلان وعلان من الناس في عقلك جنبا بجنب  مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع كلمات الله وآياته  واصبحت تعامل الناس بخشية واحترام أكثر من خشيتك لله وتقديره وتعظيمه فهو الذي خلقك وخلق لك هذا العقل وجعل لك عينين ولسانا وشفتين فرحت تلهث وراء آمال كاذبة وافكار خادعة وتركت ما هو خير لك وأبقى.  وإنما علاج كل ذلك لا يكون إلا بالإستغفار والتوبة إلى الله والرجوع إليه ثم البقاء عنده وهذه هي الإنابة .....