10 ene 2016

كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ

بسم الله الرحمن الرحيم 
(إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
)

في مقالة رائعة للدكتور مصطفى محمود رحمه الله يحكي لنا فيها كيف حرر عقله من كل السلبيات فرأى الدنيا بنور الحق يوم سجد لله بكل كيانه محررا من كل القيود .

حرر عقلك من كل السلبيات ترى الدنيا بنور الحق ( فريق نادي العضلات الإيمانية)



وهكذا نرى ونعرف ونلمس المعنى الحقيقي للحرية التى طلبتها إمرأة عمران لمن كان في بطنها قبل ولادته .. وكانت تتمناه ولدا لأن الذكر ليس كالأنثى .. فجعلها الله أنثى محررة حتى من لمسة البشر وفكرهم وطرق حياتهم .


بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
وقعت على مقالة للدكتور مصطفى محمود رحمه الله ..أكثر من رائعة .. فيها يبين لنا الدكتور مصطفى محمود كيف تحرر من قيود الكبر والعناد والتمرد وغشاوات الظلام وخطافات الإختناق ومعادلات الغرق في الوحل والتفاهات .. ومن الأثقال التى تشدنا إلى أسفل .. 
من روائع كتابات الدكتور مصطفى محمود:
- سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها .. ؟؟

ومـر بخاطري شريط طويل من المَشاهِد ..لحظة رأيت أول قصة تُنشر لي، ولحظة تخرجت من كلية الطب، ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب ..
ونشوة الحــب الأول و السفـر الأول والخروج إلى العالَم الكبير متجوِلًا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء، وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا ..
ولحظة قبضت أول ألف جنيه .. ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي ..استعرضت كل هذه المَشاهد وقلت في سِري .. لا .. ليست هذه اللحظة ..
بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عامًا اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجَدتُ لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد ..
عظامي تسجد .. أحشائي تسجد .. عقلي يسجد .. ضميري يسجد .. روحي تسجد ..حينما سَكَت داخلي القلق، وكَفَّ الاحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خير، وكل تصريفه عدل، وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حب ..
لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويّتي وانتسابي وعرفت مَن أنا .. .انتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجّة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقًا عميقًا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية .. وأي انطلاق ..
يا إلهي .. لكأنما كنت مبعَدًا منفيّاً .. مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فُكَ سجني .. وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها .. حجاب ثم رُفِع الحجاب .
نعم .. لحظتها فقط تحررت .نعم .. تلك كانت الحرية الحقّة .. حينما بلغت غاية العبودية لله .. وفككت عن يديَّ القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزَيفة ..

المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة و الغَلَبة والقوة ..
وشعرت أني لم أعد محتاجًا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنَف مَلِك الملوك الذي يملك كل شيء .كنت كفَرخْ الطَير الذي عاد إلى حضن أمه ..كانت لحظة ولكن بطول الأبَد .. تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقَت بظلِها على ما بقيَ من عمريولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقّة .. وتلك هي جنة الأرض .. التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي .يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام .. { واسجد واقترب } العَلَق – 19 .صدق الله العظيم ..وما كل ساجدٍ بمقترِب إلا إذا خلع النعلين .. فألقى بالدنيا وراءه ثم ألقى بنفسه خلفها .. ودخل مسَلِّم القلب .. عريان المشاعر .. خاشع الفؤاد .. ساجد الأعضاء ..حينئذٍ يكون القرب .. وتكون السجدة ...


وهكذا لا أجد أحسن من هذا التعبير لنحرر عقولنا من جبابرة السلبيات .. فكل حزن ينتابنا .. وكل إخفاق وإحباط وفشل يمر بنا.. وكل عذاب وآلم واختناق واكتئاب وملل .. أصله فكرة سلبية قدمها لنا غيرنا .. فأخذناها وصدقناها واختنزتها عقولنا ... فسببت لنا ما نسميه بأسماء مختلفة وكثيرة جدا .. فنقول هذا درب من الخيال .. او هذا مستحيل .. أو أنا لست كفؤا لهذا .. عبارات كثيرة نطلقها فتكون أسوارا عالية لا نستطيع اختراقها .. والحل هو أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم ندعوه بما علمنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن .. وأعوذ بك من العجز والكسل .. وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.