إذا عندما نحرر عقولنا من سطوة النفس ورغباتها الدنيوية تصبح كعيون يرى بها القلب كل الحقائق.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ
[ سورة يونس الآية رقم 6 ]
عندما نتبع الفطرة التى فطرنا الله عليها فإننا نفقه بقلوبنا، ويصبح القلب هو عمدة الفهم والتدبر وبالتالي المسئول عن اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتنا.. ويستخدم العقل في البحث وتقصي الحقائق ، فتنبهر النفس وتطمئن إلى جنب الله فتخشع وتستسلم.. ودليل ذلك نجده في الحديث التالي:
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ ،
قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ
جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
" لَا وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ " ، فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْآنَ يَا عُمَرُ
" .
****
اليوم لدينا مجال كبير جدا لنربط عقولنا بتقوى الله .. فالآية الكريمة في منتهى الوضوح .. فإن المولى عز وجل ينقلنا من الليل والنهار وتعاقبهما في حياتنا اليومية إلى ما خلق سبحانه في السماوات والأرض .. وهذا تمرين جميل جدا لندرب عقولنا لتعمل بحرية في تقلب الليل والنهار وفي ما خلق الله في السماوات .. إنطلاقا من تقوى الله .
وكأني بالله العلي العظيم يقول لنا دعك من تلك الأمور السفلية .. وحرر عقلك من كل متاهات الدنيا .. وفكر في حالك أثناء الليل .. وحركتك أثناء النهار لتكتشف أنك بحاجة لتقوى الله في ليلك ونهارك وحركتك وسكونك ونومك ويقظتك .. ثم إذا تعبت من الدنيا فارفع نظرك إلى السماء لترتاح عيناك ويطمئن قلبك أن الذي رفع السماء بغير عمد نراها قادر على أن يريح بالك ويعطيك أمنك وآمانك وكل ما تحتاجه فإنه هو سبحانه الرزاق ذو القوة المتين .