23 jul 2016

أنت عند الله كريم فكن كذلك حتى تلاقيه






أنت عند الله كريم فكن كذلك حتى تلاقيه.
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى
[ سورة طه ]
مع هذه الآية الكريمة عن التوبة يسرني أن نعيش مع تفسير فضيلة الدكتور/ محمد راتب النابلسي لها، فله فيها رؤية في منتهى الروعة وقريبة جدا من أرض الواقع الذي نعيشه:
﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ ﴾
هنا قال بعض المفسرين : " إذا أُطْلِقَت التوبة انصرفت إلى التوبة من الشرك " ، إذا كان هناك تعلُّق بالسِوَى ، اعتماد على ما سوى الله ، اعتماد عليه ، إذا عقدت الأمل على جهةٍ غير الله عزَّ وجل فهذا الشرك يحتاج إلى توبة ، إذا وضعت ثقتك في غير الله فهذا شركٌ ويحتاج إلى توبة ، إذا خِفْتَ من غير الله فهذا شركٌ ، ويحتاج إلى توبة ، إذا رَجَوْتَ غير الله فهذا شركٌ ، ويحتاج إلى توبة ، فإذا أطلقت التوبة انصرفت إلى التوبة من الشرك ، وسياق هذه الآية يُغَلِّبُ أن هذه التوبة من الشِرك ، لمن تاب من الشرك بالله وآمن بالله ..
الآن سنضع النقط على الحروف، ونعيد كلام فضيلة الدكتور حتى يثبت في رؤسنا فالموضوع جد خطير، فتابعون رحمكم الله :
  • ·    إذا عقدت الأمل على جهةٍ غير الله عزَّ وجل فهذا الشرك يحتاج إلى توبة.
  • ·    إذا وضعت ثقتك في غير الله فهذا شركٌ ويحتاج إلى توبة.
  • ·    إذا خِفْتَ من غير الله فهذا شركٌ ، ويحتاج إلى توبة.
  • ·    إذا رَجَوْتَ غير الله فهذا شركٌ ، ويحتاج إلى توبة.
وأضيف إلى كلام فضيلة الدكتور شيئا في غاية الأهمية، آية كريمة ولكنها وقعت في نفسا وهزت أوصالي:
حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
[ سورة الحج].
عندما نقصد جهة غير الله، عندما نتوقع الخير أو نرجو من الغير شيئا نتمناه أو نحتاجه فإننا نكون كمن هوت به الريح في مكان سحيق، ثم يبدأ القيل والقال، ويبدأ التخطيف في صورة تعنيف ولوم وعتاب ومقارنة، هذا هو ذاته ما نقع فيه عندما نتوجه إلى غير الله ... رحم الله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قال يعلمنا أن نصون كرامتنا ونحفظ ماء وجوهنا:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:
((يَا غُلَامُ, إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ))
[أخرجه الترمذي في سننه]
الآن قد تبين لنا أن المؤمن كريم على الله، يحفظه ويصونه ويهديه ويقيه شر نفسه وشر خلقه كلهم أجمعين ... نختم بقول الله تبارك وتعالى :
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)
[ سورة الزمر ].
هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، وأدعو الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.