25 nov 2012

فلتبحث في عقلك الذي أعملته في كل شئون حياتك


فلتبحث في عقلك الذي أعملته في كل شئون حياتك ولتنظرماذا ارتكب من اخطاء في حق الله  ثم استغفره وتوب إليه
·        كم من مرة أرضيت الناس وأغضبت ربك؟ أبحث في ذاكرتك خلال سنوات عمرك ثم أستغفر الله العلي العظيم من هذا الذنب.
·        كم من مرة أعقدت اعتقادا جازما بأن رزقك متوقف على عملك أو رئيسك في العمل، أو على الحكومة أو على شخص ما؟  إن وجدت في ذاكرتك مثل هذا، فاستغفر الله العلي العظيم على إنك نسيت أنه هو الرزاق ذو القوة المتين.
·    كم من مرة حرصت على الدنيا وتكالبت عليها بكل قواك ونسيت في أثناء ذلك الآخرة؟ أعرف ناسا عاشوا وماتوا وهم يحاربون الصخر تكالبا على الدنيا، وقد نسو قول الله عز وجل: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20) الشورى.
·    كم من مرة سعيت وراء متاع الدنيا وتركت أو نسيت متاع الآخرة؟ وكم من مرة كان سعيك فقط لآخرتك؟ { أخي في الله كلنا وقعنا في هذا ولكن خيرنا هو من عاد إلى ربه واستغفره ثم تاب إليه، فاسمع قول ربك في هذا لعلك تتوب وترجع إليه منيبا} { ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)﴾ الرعد}. متعة تزول ويعقبها شقاء، ومتعة تزول ترضي بها نفسك وتحرمها من رضى الله، متعة تزول  أوقعك فيها العدو الأول واللدود لبني آدم وهو يضحك راقصا لأنه انتصر عليك.
·        كم من مرة تذكرت الله في يومك، أو في اسبوعك، أوفي شهرك، أوفي عمرك؟
·        كم من مرة تذكرت ملائكة الرحمن الذين يقومون على خدمتك؟
·        كم من مرة فتحت كتاب ربك وعشت مع النبيين والمرسلين وتتبعت قصصهم التى قصها علينا الواحد القهار؟
·        كم من مرة أنفقت مما تحب؟ وكم من مرة قذفت إلى صندوق القمامة ما فاض منك من نعم دون أن تفكر في خلق الله الذين يتضورون جوعا؟
·    كم من مرة ارتكبت فيها النميمة القاتلة ولم تستغفر الله؟ لقد أصبحت النميمة هي سمة الإنسان في كل مكان، في هذا الزمان، وهذا معناه أننا أصبحنا من آكلي لحوم البشر{ لحما ميتا نتنا} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) الحجرات.}.
·        من رحمة الله بنا أنه يذكرنا بأنه هو التواب الرحيم، فتب إليه واستغفره ولا تعود لأكل لحم أخيك ميتا.
·        كم من مرة أسأت الظن بالناس؟ وقد أمرنا العزيز الجبار المتكبر أن نتجنب سوء الظن؟
أذكركم ونفسي أن نتوب ونستغفر الله عن كل ذنب من تلك الذنوب تذكرناه، والآن أخوتي في الله في كل مكان وزمان وفي أي بقعة من بقاع الأرض أترككم مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي لنعيش معا درسا مفيدا، وكلاما حكيما، وموعظة بالغة من كتاب الله.
مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام ؛ في سورة البقرة آية رقمها سبعة وسبعون بعد المئة، يقول الله تعالى في الآية:
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)﴾
 كتمهيد لهذه الآية نأخذ موضوع الدراسة المدرسية، فلو أن طالباً اعتنى بدفاتره وجلدها واعتنى بأقلامه ونوّعها، واعتنى بمحفظته، وبهندامه وبشطيرته كل يوم، واعتنى بكل شيء لا علاقة له بالدراسة ولم يدرس، نقول له: أنت قد تعلقت بالقشور، ولم تتعلق باللباب.
 ففي الدين أشياء، إن طُبقت تطبيقًا جيدًا، لكنها لا تصل بها إلى جوهر الدين، فليس لها مردودات إيجابية على تدين صاحبها، فالله سبحانه وتعالى يقول:
﴿لَيْسَ الْبِرَّ﴾
 يعني ليس النجاح، وليس الفلاح، وليس التفوق، وليس الإحراز في الشكليات:
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾
 أحيانًا تنشأ مشكلاتٌ بين المسلمين، أخي: القبلة منحرفة بدرجة، القبلة خط وليست مقطعًا، ومادام الخط يحتمل ثلاث درجات، فتقع خلافات بين المسلمين مثلا: كم درجة بنظرك ؟ فقد تجد خصومات وخلافات وتمزقات لأشياء من ثانويات ثانويات الدين، وما أضل قوماً بعد إذ هداهم إلا أوتوا الجدل.
 فربنا عزو جل يلفت نظرنا إلى أن في الدين جوهرًا، وعرضاً، فإياكم أن تلتفتوا إلى القشور والأشياء الشكلية الإجرائية وتنسوا اللباب، فهذا الطالب الذي اعتنى بغرفته وطاولته وأقلامه ومحفظته ودفاتره وهندامه، لكنه لم يدرس أبداً، ثم ذهب إلى الامتحان، معه فطيرة ومعه أسبرين ومعه ستة أقلام، ينتظره السائق عند الباب، لكنه ما درس، لا كتب شيئًا، فلن ينجح في امتحانه.
 فربنا عز وجل يقول: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ﴾
 فإذا آمنت بالله أنه هو الرزاق، وهو المعز وهو المذل، فكيف تعصيه من أجل الرزق؟ معنى ذلك أنك لم تؤمن به رازقاً، فكيف تعصي من أجل أن ترضي زوجتك، فلو أنك أسخطته وأرضيتها لأسخطها الله عليك.
 إذاً: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ﴾  موجوداً وواحداً وفعالاً ورباً وحكيماً وقديراً وغنياً.
﴿مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾  فإنْ أحدٌ نقل اهتمامته للدار الآخرة، ورأى الدنيا عرضاً حاضراً، يأكل منها المؤمن والفاجر، فهذا هو البر و الصلاح و السعادة.
 أجل السعيد الذي نقل اهتمامته ونقل أعماله للدار الآخرة. ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾
 لكن أكثر الناس هذه الأيام وهم والله مساكين، يحسبون لكل شئ من أمور دنياهم حسابًا، فيقدم مثلاً طلبًا للحصول على هاتف لابنه و عمره شهر واحد، على مكاسب الدنيا ولا تراه يلتفت إلى آخرته.
 وليعلم الإنسان أيًّا كان و ليذكر قول الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)﴾
والحمد لله رب العالمين.
انتهي درس الدكتور... وإني لأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.