7 sept 2016

الموت والحياة في جعبة واحدة يعقب كل منهما الآخر

لموت قبل الحياة دائما أبدا

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ
لنا وقفة فكر وتدبر مع كل حدث من أحداث الحياة.. والموت أكبر حدث يواجه الإنسان.. عندما أمرنا الله بأن نستعين بالصبر والصلاة ذكر أن أول ما سوف نحتاج فيه إلى صبر مصاحب بصلاة وخشوع واستسلام هو الجهاد في سبيل الله لأن فيه مشقة كبيرة على النفس وموت وقتال .. فقد كان الصحابي معرض لأن يقتل أباه بيده إذا كان على الكفر.
العقل يخطط ويدبر ويتكتك للحرب أو لتحقيق أي غاية ممكنة .. لذلك ما وضع الله أبدا خطة حرب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكن ترك ذلك له وللصحابة وللتابعين من بعده .. والموت يهز العقول الشابة الزكية، لأنها تقف بلا حراك، لا تفهم الحكمة .. ولا تصل وحدها إلى الحقائق المتوارية خلف كل حكمة ..
من أجل هذا قال الله تبارك وتعالى :

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
لذلك وجب علينا أن نستعمل قلوبنا وأن نجعل عقولنا كعيون للقلب لترى الحقائق التى قد أخبرنا الله عنها في محكم آياته لنراها ونعيشها وتطمئن بها قلوبنا وتستسلم لها نفوسنا وترتاح لها عقولنا:
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وهذه مسألة لا يصل إليها الإنسان بعقله وحده .. ولكنه يراها بعيون قلبه وفؤاده وعقيدته الثابتة الراسخة .. أما العقل وحده يتوه وقد يتذمر وقد يتبع النفس فيضل ويشقى ..

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
وهكذا نرى أن الموت قبل الحياة .. ولدينا أمثلة واقعية قوية وغريبة وتحدث على مدار الساعة وربما الثانية، أنظروا إلى الطفل قبل أن يولد .. كان حيا يرزق في عالم من الرعاية المركزة الإلهية العجيبة .. كل يسير بإتقان لا نهاية له .. فهو قد خرج من حياة كل شيئ فيها يسير بحكمة عالية وبالغة وبغير نقصان ولا كذب ولا عدوان .. إلى حياة هي أقل وأدني والمشقة فيها قبل الهناء ..