30 jun 2016

بر الآمان في تلبية نداءات الرحمن

النداء السادس:
[سورة البقرة آية رقم 208].
(حديث مرفوع) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الْيَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُودَانَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ ، قَالَ : أَرَدْتُ وَجْهًا ، فأتيت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ جَالِسًا وَكُنْتُ قَائِمًا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا تُوصِينِي بِهِ ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ :
" أُوصِيكَ بِإِطْعَامِ الطَّعَامِ ، وَبِإِفْشَاءِ السَّلامِ ، وَبِلِينِ الْكَلامِ " .

بإطعام الطعام وَبِلِينِ الْكَلامِ
نعيش بإذن الله في سلام

بسم الله الرحمن الرحيم
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
[ البقرة 177]
ولدينا حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم نتعرف منه على معنى البر:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
" إِنَّ الصِّدْقَ بِرٌّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِنَّ الْكَذِبَ فُجُورٌ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَّابًا "
ونرى أهمية التعامل مع فئات المجتمع في كتاب الله من تكرار ذكرهم في القرآن، فلدينا آيات كثيرة نذكر منها ما يلي:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا
حتى الصاحب بالجنب والجار وابن السبيل، وهكذا نرى أن كل فئات المجتمع لها علينا حق معاملاتهم بالعدل والإحسان وأن نتقي الله فيهم لندخل في السلم كافة كما أمرنا الله تبارك وتعالى في نداءه.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
[ سورة النحل آية رقم 90]
الآن سنتطرق إلى موضوع في غاية الأهمية، وهو تقريبا السبب الرئيسي في معظم ما يدب بيننا من مشاكل إلا وهو المال ..
يقول الله تبارك وتعالى:
مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
[البقرة 245]
إذا كل ما لدينا من مال ومواهب لابد أن نجعله في خدمة الناس، خاصة الإقرباء والعشيرة والصديق والصاحب والزميل والجار، وأبسط الأمور أن نحفظهم من الغش والخداع والكذب.

وهنا يدلنا ربنا على خير تجارة .. وعلى أكبر مشروع عرفته البشرية وتهافت عليه أصحاب العقول النيرة والقلوب المؤمنة:
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
[ سورة فاطر ]
إذا نظرنا إلى موضوع المال والتجارة والربح والخسارة بنظرة إيمانية واقعية سنجد أن خير وسيلة نحفظ بها أنفسنا من السقوط ومن الهلاك هي أن نتاجر مع الله.
فالإنفاق مما رزقنا الله لا يتوقف عند المال .. إنما تمتد جذوره إلى المواهب والعلوم والجاه والسلطان وحتى أصحاب الحرف المهنية والوظائف الحكومية فإنهم في خير وضع للتجارة مع الله إذا ما قدموا ما لديهم من نصائح وخبرة في خدمة الناس.
الإيمان والأخلاق والتقوى لا ينفصل أحدهما عن الآخر
وكل خلل في أحدهم نجد أثره الفعال في حياتنا وفي معاملاتنا مع الناس.
وفي النداء السابع سنجد القاعدة العامة التى ينطلق منها  الإيمان وسمو الأخلاق وتقوى الله .. حيث يأمرنا ربنا في نداءه هذا بما يلي:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
[ البقرة 254 ]

مع هذا النداء  سيكون لقاءنا القادم بإذن الله فلا تحرمونا متابعتكم لنا رحمكم الله .