28 abr 2013

أخلاق القرآن كما جاءت في نداءات الرحمن لعباده الكرام.


أخلاق القرآن كما جاءت في نداءات الرحمن  لعباده الكرام.
*****
النداء الأول
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)البقرة
أول الأخلاق التى بدأ بها المولى عز وجل لتربية من به آمنوا... هو خلق اللسان، أمرنا امرا قاطعا وحازما وحاسما ألا نقول كلمات أهل الكفر... لا تقولوا راعنا... كلمة عندنا نحن العرب ليس بها عيب، ولكن الله امرنا ألا نقولها لأنها في لغة الغير تحمل معاني ملتوية وقبيحة.. لذلك أمر الله كل المؤمنين به أن لا يتكلموا بالكلمات التى استعملها اعداء الدين لتسكن عقول الشباب..
ولكن علينا أن نستعمل كلمات الإيمان، ونستعمل كلمات صريحة معناها الداخلي يوافق ظاهرها، هذه هي قمة الأدب التى وجب على كل مسلم ان يتحلى بها تنفيذا لأوامر ربه.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم
آية أخرى: {{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} البقرة.{ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} النساء.
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)} النساء. وهذه آية عظيمة في عطاءها لكل الآباء والأمهات، الذين يخافون على اولادهم من الضياع، إنها بمثابة تأمين اجتماعي على الحياة، الحياة الصالحة التقية التى ترضي الرب والعبد، الكلمة السديدة، كلمة محددة لا عوج فيها، تسد منافذ الشك، وتسد منافذ الشيطان، هذه هي اخلاق المؤمن الحق.ولو أجرينا دراسة علمية على هذه الآية، سنجد في النهاية أن علينا أن نمحو من عقولنا كل الكلمات التى جعلتنا نغوص في حضارة الغرب وننسلخ من لغتنا العربية ولغة القرآن التى اختارها الله ليخاطب بها العالم. 
حديث:{ إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظن أن تبلغ مابلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، و إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه}. المحدث: الألباني، وخلاصة حكمه : صحيح.
النداء الثاني
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة.
بعد أن اعددنا انفسنا اخلاقيا بما جاء في النداء الأول، اصبحنا الآن جاهزين لكي نتلقى من مولانا المعية الخاصة بمن اراد بهم ان يحملوا راية الإيمان،...
في النداء الأول حثنا على أن نؤدب ألستنا، فإذا ما نجحنا في ذلك، عرف الناس فينا إلتزامنا بتعليمات ديننا، وهذا هو ما ينقصنا الآن نحن ابناء هذا العصر، لقد تعودت ألسنتنا الكلام كما يحلو لنا، فلا احد يفكر أن يمحو من قاموس عقله كل الكلمات التى  تحمل في طياتها معنى خبيث وفي ظاهرها معنى لا بأس به{ هذه النقطة مسئول عنها أمام الله الجالية المسلمة الموجودة في بلاد الغرب فكلامهم وتصرفاتهم قد تجعل الآخر ينفر من الدين الإسلامي الحنيف، لأنهم يعيشوا على طريقتهم وبنفس أخلاقهم السطحية، فيقول الآخر في نفسه لو في دينهم خير لتمسكوا به وطبقوا تعليماته، فيبتعد بذلك عن الدين}.
في الحقيقة النداء الثاني الذي جعل الله لنا فيه الدرع الواقي الذي نواجه به الحياة بما فيها من كل ألوان الإعتداءات والمغريات والفساد، فتحلينا بخلق الصبر يجعلنا نقبل على الله العلي العظيم في صلاتنا إقبال المحب المشتاق لنفحات ربه، والراجي مغفرته سبحانه، لأن الصلاة هي أعظم ماجاء به خاتم الرسل والأنبياء صلى الله عليه وسلم، وقد سبقها الله بالصبر وقرن بينهما، فالصلاة إن كانت فرضت فيما فوق سبع سموات لعظمها وأهميتها وقداستها، فإن الصبر ملازم لها وهو في نفس درجة الصلاة إن لم يكن أكبر.
النداء الثالث:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة
بعد أن أدب الله فينا ألستنا ووجهنا نبينا وقائدنا وأسوتنا{ صلى الله عليه وسلم} إلى المراد من الآية الكريمة، وبعد أن منحنا الله سبحانه وتعالى ما نستطيع به تغيير أنفسنا إلى الأفضل والأصلح بالصبر والصلاة،.. الآن يوجهنا إلى الطريقة المثلى لنعلوا ونسموا ونترفع عن كل ما هو دنيئ، إنها تربية دينية ربانية، لأن الطعام الذي نأكله يؤثر في اخلاقنا، ويؤثر في مسار حياتنا، فالذي يرتشي فقد أطعم نفسه وأهله من حرام... وهذا يجلب عليه من الإبتلاءات حتى يرجع إلى ربه تائبا.
وهذا بأجماع علماء الغرب الذين خرجوا علينا بأبحاث تدل على أن الطعام له تأثير سلبي وإيجابي في سلوك الإنسان، أما عن السادة الأفاضل علمائنا الأجلاء قد تكلموا بما فيه الكفاية في الطعام الحلال وتأثيره في حياة العبد... وفي هذا النداء عديد من الأخلاق الربانية القرآنية الحميدة التى ترتفع وتسمو وترقي بالعبد المؤمن الحق.
النداء الرابع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) البقرة.
بعد أن وطدتنا أنفسنا وربيناها على ما جاء في نداءات ربنا الأول الذي فيه علمنا كيف نتكلم { وهذا معناه الحقيقي هو كيف نفكر}، ثم علمنا أن نستعين على كل امور حياتنا من طاعة في تنفيذ أوامر الله بالصبر والصلاة{ النداء الثاني }، ثم علمنا أن نأكل حلالا طيبا، وأن نطعم أهلينا من حلال{ في النداء الثالث } ، بعد كذ ذلك أصبحنا مؤهلين لنتعامل مع باقي فئات المجتمع ، في قضيية هي من أخطر قضايا المجتمع المصري، لقد وضع الله قانونه الأزلي وسنته التى لن تجد لها تبديلا أوتحويلا، سنة وقانونا كلما مر الزمن أكد على شدة احتياجنا لتنفيذه.وفي هذا ارجو ان تستمعوا لتفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله فقد أبدع فيه الشرح.
النداء الخامس:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة.
الركن الخامس الذي يضفي علينا نعمة من أجل النعم، إن أي شرح لهذه الآية يقلل من قيمتها، هذه الآية الكريمة يجب علينا أن نتعمق فيها، نعيشها بكل ما لدينا من فهم ومشاعر وأفئدة.  كل الأخلاق الحميدة التى اختارها لنا الله تبارك وتعالى جعلها في الصيام، وجعله شهرا كاملا ندرب فيه أنفسنا على تذوق طعم القرب من الله، وحلاوة الطاعات، وجمال النفس حين تخشع وتخضع وتسلم لله رب العالمين، فنحبها وتحبنا، وتطلب دائما رضا ربها الذي خلقها، وأعد لها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، نفسا يناديها ربها يوم يقوم الحساب:{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) } الفجر.
النداء السادس:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) البقرة.
طبعا كما هو واضح للجميع أننا لا يمكن أن نطبق هذا النداء العظيم من العلي العظيم إلا إذا طبقنا كل ما سبقه من نداءات والتحلي بما جاء فيها من أخلاق. ويكفينا الآن كمدخل لتغيير مابنا وبمجتمعاتنا أن نطبق خٌلق اللسان في أول نداء من الرحمن، لأنه هو المدخل إلى عالم الأخلاق المحمدية الربانية والتى ارتضاها رب العالمين لعباده المؤمنين.
النداء السابع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) البقرة.... الآية التى تليها هي أعظم آية في كتاب الله{ آية الكرسي} فخلي بالكم. الإنفاق في سبيل الله يدخلك مباشرة في رحمات ونفحات العلي العظيم، فيرفع من شأنك ويستخدمك لخدمة أهلك وييسر لك أمرك ويجعلك من الأخيار الأبرار.. هذا والله أعلى وأعلم .
الان بعد تطبيق أمر ربنا والدخول في السلم كافة، أي أن نعيش في سلام، ونترك الهتفات والمشحنات وتزوير الإنتخابات يحثنا المولى عز وجل على الإنفاق مما رزقنا، ويذكرنا بيوم لا بيع فيه ولاشراء.
النداء الثامن:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) البقرة.
يجب على المؤمن أن يكون نزيها ذو أخلاق عالية، ويترفع عن الأخلاق الوضيعة، فيمن على من تصدق عليه ويتكبر، أو ينفق رئاء الناس.
النداء التاسع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) البقرة.
النداء العاشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)
الآن نحن نعيش هذه الحرب من الله العلي العظيم، حربا أتت على البركة من جذورها إلا ما رحم ربي، وحربا شملت الحاكم والمحكوم، والأخ وأخوه، كلنا أصبح يحارب كلنا.
أكتفي بهذا القدر من النداءات وليتنا نطبق منها شيئا ليغير الله ما بنا من خراب ودمار وإهدار لكرامة الإنسان.
اللهم أصبغ علينا نعمك كلها التى جاءت في نداءاتك لنا، واجعلنا لك شاكرين حامدين مسبحين ولا نعبد إلا إياك ولا نشرك به أحدا من خلقك ولا شيئا ظاهرا أم خفيا، يارب العالمين كلنا عار إلا من كسوته، فاكسنا تقواك من الداخل والخارج يارب العالمين كلنا ضال إلا من هديته، فاهدنا اللهم وآباءنا وأولادنا وحكامنا وكل من وليته أمرنا، يارب العالمين لا تسلمنا لأعدانا بذنوبنا وردنا إليك ردا جميلا واهدنا وارحمنا، آمنا بك ربا واحدا لا شريك لك في الملك، فلا إله غيرك في السموات والأرض، فأحينا بلا إله إلا الله ، وأمتنا عليها ولقنا إياها عند الممات. آمين يارب العالمين ياأرحم الراحمين والصلاة والسلام على من بعثته بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم . والحمد لله رب العالمين .

السر العجيب في كتاب العزيز الحميد للزواج السعيد


الدرس الرابع 28 أبرايل.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم
سنبدأ بامر الله وبعونه أولى مراحل تأسيس شخصيتنا الإسلامية إستعداد لبناء أسرتنا السعيدة المؤمنة بالله إبتداءا باتباع أولى الخطوات التى خصصها الله لنا في محكم آياته..
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
هذه لا يمكن أن ننساها بحال من الأحوال، لابد وأن نضع في صميم عقيدتنا، أن كل من كفر بالله واتبع هواه هو في العذاب حاضر، لا يغيب عنه العذاب، فهو عندما يرتاح جسديا يعذبه ضميره، وعندما يخمد ضميره بالمخدرات أو الخمر أو أي متاهة من متاهات الشيطان فإنه جسده يأن ويشكو ويدعو عليه بعدم الراحة وبالهلاك، وهو عندما يعالج جسده من الآلام يتعذب بخيانة من حوله ممن يؤلمه خيانتهم، وهو عندما يستبدلهم بغيرهم يعذبه شكه وريبته في كل ما يرى ويسمع...
وهكذا نرى أن الله تبارك وتعالى قد أوضح لنا مواطن القلق والحزن والعذاب والشك والريبة في تلك الآية الكريمة..{ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }.. وكل ما سبق من أمراض هو عكس ما نحتاجه لتأسيس وبناء أسرتنا السعيدة، لأن السعاد هي أن تعيش سعيدا بغير عذاب لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهيا بنا نعرف كيف:
وسنبدأ بإذن الله بما بدأ به الرحمن الذي خلق الإنسان علمه البيان والذي له يسجد النجم والشجر وكل ما في كونه الفسيح، سنبدأ بآدم عليه الصلاة والسلام أبو البشر، الذي كرمه الله أجمل وأرقى وأعلى تقييم فخلقه بيديه سبحانه ثم أسجد له ملائكته:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
أخبر الله تبارك وتعالى ملائكته الكرام بأنه سيجعل في الأرض خليفة، إخبار تكريم وتشريف وترحيب بالمخلوق الجديد وتوزيع اختصاصات كل ملك سيقوم على خدمة الإنسان...ومعنى كلمة خليفة أي سيخلف بعضه بعضا، وليس خليفة الله في ارضه كما يعتقد كثير منا.. فحاشا لله أن يكون له شبيها أو مثيلا أو وزيرا أو خليفة فهو سبحانه الغني عن العالمين.. وإنما معنى خليفة في الأرض أي سيخلف بعضه بعضا ستكون له ذرية في الأرض تخلفه..
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ
عرفوا على الفور طبيعة هذا الإنسان، وهي طبيعة التراب، والأرض التى تختلف تربتها من مكان لآخر وحسب درجات الحرارة وطبيعة الكائنات التى تعيش عليها، فعرفوا بمجرد سماع كلام ربهم الصفات التى سيكون عليها بني آدم..
 ولكي نقرب تلك المسألة إلى أذهاننا سنضرب مثلا صغيرا ولله المثل الأعلى، مثلا إذا قال رئيس أمريكا قد خصصنا لهذه الحرب مبلغا عظيما، عامة الشعب سيعتمد في تقدير هذا المبلغ على التخمين، والمحافظين والوزراء كل سيقدر المبلغ على حسب تصوره وقد يصيب أو يخطئ، إنما وزير الدفاع ووزير المالية والقائمين على هذا الأمر سيعرفون المبلغ بالتحديد كذلك الملائكة الكرام الذين سيقومون على خدمة الإنسان الجديد عرفوا الطبيعة التى سيكون عليها بني آدم لأنهم من التراب.. اقول هذا والله أعلى وأعلم، فما كان من خطأ فهو مني واستغفر الله له، وما كان من صواب فهو من الله ونقول سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم...
قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة
هذا هو رد العلي العظيم على الملائكة، ومن هذا الحوار البديع بين العلي العظيم الذي ليس كمثله شيئ وبين ملائكته سبحان يجب أن يتعلم الرجل والمرأة على السواء، بل يجب أن يدرك بني آدم أن أدب الحوار مطلوب للإستمرارية وللوصول إلى الحقائق الثابتة من لدن العزيز الحميد، فلا يتكبر ولا يتعصب لرأيه، وإنما هو أدب الحوار للوصول إلى الحقائق التى لايكشف عنها الستار إلا العزيز الجبار المتكبر سبحانه وتعالى عما يصفون..
وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ
من هنا نستخلص عدة دروس عظيمة بعظمة الخالق العلي العظيم، لم يعاقب الله ملائكته عندما تعجبوا من أمر الإنسان، بل علم آدم الأسماء كلها، أي أنك أيها المخلوق لله، أيها الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، ولاعلم له ولا برهان إلا ما علمك ربك، قبل أن تحزم أمرك وتتعصب لرأيك عليك بأن تأخذ بالأسباب المنطقية وتقنع غيرك بالبرهان والحقائق العلمية الثابتة لديك بعد أن تتعلمها من ربك العزيز الحميد..
فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)
لا تعترض أبدا على رأي مخالف لك إلا إذا قدمت الدليل على بطلان رأيه، وذلك بادب بالغ فإنك أبدا لن تبلغ أن تكون شيئا في ملكوت الله العلي العظيم، بل عليك بتقديم الدليل أو طلبه من الطرف الآخر حتى يحملكما معا الحوار إلى الحق المبين.
قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
وهذا هو موقف كل مخلوقات الله العلي العظيم، لا علم لهم إلا ما علمهم ربهم، فكلما رزقك الله شيئا من العلم أو المعرفة وجب عليك تسبيحه وحمده ولا تنسى أبدا أنه لا علم لك إلا ما علمك ربك فلا تتكبر على خلق الله بما علمك الله...
قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
هذا هو موقف آدم عليه الصلاة والسلام، علمه ربه مالم يكن يعلم، ومالم يعلم الملائكة الكرام الذين سيقومون على خدمته، فقد رفعه ربه إلى درجة عالية جدا من التكريم والتشريف والتنعيم وسخر له كل شيئ جميعا منه سبحانه، فكل ما لدينا من علم ومواهب وملكات وغرائز هي وسيلتنا المشروعة لنصل إلى غاية وجودنا في الحياة الدنيا، فلا يجب أن ننسى ذلك فنضل ونشقى..
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ
وهنا نأتي إلى نقطة البداية والنهاية، مربط الفرس كما يقولون، أسجد الله تبارك وتعالى ملائكته لآدم بعد أن علمه أسماء كل العلوم والأشياء، شرف كبير لأبو البشر، أول إنسان في ملكوت الرحمن، علمه ربه بعد أن خلقه بيده الكريمة، وأسجد له ملائكته، فما أجمل هذا وما أبدعه وما أشرفه من تكريم وتنعيم من العلي العظيم سبحانه....
فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
 وفي هذا الموقف العظيم أراد الله تبارك وتعالى أن يعرف آدم عدوه اللدود، فوضع له تمرينات عملية, وتطبيق النظرية العلمية وتحويلها إلى واقع عملي ومنطقي، فأجرى أمام عينيه تلك التجربة، ليعرف عدوه، وليعرف من سيخدمه ويسهر على راحته من الملائكة، ومن سيحقد عليه ويتوعده ويكرهه ويحول بينه وبين مرضاة ربه..
أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ
اول موقف يفرق بين الكفر والطاعة، الطاعة من الملائكة، أطاعو ربهم بمجرد أن أمرهم بالسجود، وهذه الطاعة أراها هنا والله أعلى وأعلم أنها الإيمان، وعدم الطاعة هي الكفر بعينه، وأول عناصر الكفر الإباء والإستكبار كما هو واضح من الآية الكريمة...
إلى هنا سنقف، وسنتدارس موقف أول مخلوق من البشر، أول رجل، أول إنسان، أول عالم، أول واعظ، أول متدرب دربه ربه على الطاعة وعرفه الفرق بين الكفر والإيمان.. ذلك هو آدم عليه الصلاة والسلام..
هذا هو الرجل هو أول الأنبياء وأول الرسل، وأول البشر، وأول متلقي عن الله، وأول من علمه الله، وأول من أسجد له ملائكته، وأنت يامن تبحث عن الزواج السعيد هذه هي عناصر الرجولة والأدب والأخلاق والطاعة، وهذه هي وسيلتك الوحيدة للوصول إلى الحقائق الثابتة في الأرض والسماء وذلك بطاعة ربك ورب العالمين..
جعله الله تبارك وتعالي في السماء الأولى، ليلاحظ عن قرب عمل أولاده في الأرض، يفرح بنجاحهم وعبادتهم وطاعتهم لربهم، ويحزن لمعصيتهم وكفرهم.. هو هناك مطلع علينا، آدم عليه الصلاة والسلام أبو البشر.. ألست فخورا بأن يكون أبوك هو آدم أول إنسان الذي أسجد له الله ملائكته؟؟؟ طبعا كلنا سعداء بهذا والحمد لله رب العالمين .
الآن قد عرفت بغير شك ولا ريبة ولا ظن، أنك من نسل أكرم خلق الله على الله، ولك نسب آخر لا يجب أن تنساه، أنك من أمة من بعثه الله هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم ...
على هذه الأسس التى عرفناها وعلمنا إياها ربنا الرحمن المستعان على مايصفون سنبني أولا شخصيتنا العابدة والطائعة لله رب العالمين، على أساس من العزة والكرامة وعدم الكبر والإباء  صفتان يكرهمها الله تبارك وتعالى وهما أساس الكفر والعياذ بالله...
تواضعك لله يرفعك، تسبيحك لله يفتح لك ابواب رحمته، سجود لله دليل إيمانك، تلقيك عن الله دليل يقظتك وفطنتك وفراسة الإيمان فيك...
إذا كنت متصلا بالله بكل كيانك تلقيت من الله ما يجعلك مستحقا لسجود ملائكته لك، وسجود الملائكة هو تذليل لكل عقبة تقابلك في حياتك، أي بطاعتك لله سبحانه وتعالى وحده تكون أسعد إنسان في الوجود، وهذه السعادة ستقدمها أنت بيديك لكل من تحب من خلق الله.....
لنا مواقف قادمة إن شاء الله تبارك وتعالى مع آيات الله لنفهم عن الله ونتدبر آياته فيصلح لنا ربنا أحوالنا.. والآن أحبتي في الله، أقول لكم بآمانة وصدق أنه إذا سكنت آية أو كلمة من آيات وكلمات الرحمن قلبك فاعلم أنها رزقا حسنا ساقه الله إليك فلا تفرط في أي منها أبدا...
وإلى أن نلتقي بإذن الله على محبته وطاعته وامتثالا لأمره سبحانه أترككم في رعاية الله وحفظه واستودع الله دينكم وآماناتكم وعهدكم ومحبتكم في الله .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين .
28 ابريل 2013