8 feb 2013

عن التقوى


عن التقوى
يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. الأعراف
ساق الله سبحانه وتعالى محاضرة شيقة جدا  عن التقوى لأحد الشيوخ الأفاضل... وبما أن تقوى الله هي السبيل الوحيد لعبادته سبحانه على مراده، فلم أجد ابدع من هذا الكلام عن التقوى والذي حرص الشيخ على أن يصاحب كلامه الدليل من كتاب الله العلي العظيم... فهيا بنا نعيش هذه التجربة البديعة ندرب فيها انفسنا على تقوى الله ونغذي فيها عقولنا بكلمات التقوى التى جاءت في كتاب الله...{ لقد نقلتها لحضراتكم كما سمعتها بغير تعديل ولا تبديل}.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله ومن ولاه، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه،كما ينبغي لجلال وجه وعظيم سلطانه، أحمدك ربي حمدا يوافي نعمك ،ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ...
أيها الأخوة والأخوات يقول مولانا جل وعلا ..إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا، إذا تمكن الإيمان من القلب و رسخت جذوره في أعماق النفس، أثمر حالة من الحالات، التى تفجر الطاقات الكامنة ، والقوى التى وهبها الله للإنسان،فينبعث إلى الخير إنبعاث المحب، وينصرف عن الشر انصراف الكاره،فيكون شأنه كما وصفه الله سبحانه
{ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)} الحجرات
  وهذه الحالة تسمى بالتقوى، والتقوى تتضمن أصول الإسلام وقواعد الدين يقول الله سبحانه :
{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}البقرة
 والتقوى من أعمال البر، يقول الله :
{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } البقرة
ويقول سبحانه وتعالى:
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)}آل عمران
ويقول جل وعلا:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} الذاريات.
والعدل من التقوى، يقول الله سبحانه وتعالى :{ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } والعفو عن الناس من التقوى، يقول جلا وعلا { وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } والوفاء بالعهد من التقوى، يقول سبحانه وتعالى:
{ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) } آل عمران
 وهكذا نجد التقوى في كتاب الله تتناول العقائد والعبادات، والآداب وسائر الأعمال الصالحة، وإنه لا يتصف بها إلا من امتحن الله قلوبهم للتقوى، وأعدهم للقيام بمواريث النبوة وأداء الرسالة وهيئهم للعبودية الحقة، والجندية التى لا تخاف في الله لومة لائم، وهذه المنزلة لا يصل إليها إلا من راض نفسه بترك الشهوات والشبهات، وجاهدها في ذات الله حتى تذوق حلاوة الإيمان، وطعم اليقين،يقول الرسول عليه الصلاة والسلام :{ لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس }.
أيها الأخوة والأخوات ولما كانت التقوى جماع كل بر ومصدر كل خير وأصل كل صلاح للأفراد والجماعات كانت خير ما يتزود به الإنسان يقول الله سبحانه { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }.
 وكانت أحسن مظهر يظهر به المرء، يقول الله سبحانه :{ ولباس التقوى ذلك خير } وكان صاحبها أقرب إلى الله منزلة وأعلا شأنا..
 يقول الله سبحانه تعالى:{  إن أكرمكم عند الله أتقاكم }،وكانت هي الوصف الذي اختاره الله لخواص عباده وكانوا أحق لأن يبسط عليهم من بركاته وخيراته، يقول جل وعلا :{ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوالفتحنا عليم بركات من السماء والأرض،}  والأتقياء هم الذين يفيض الله عليهم من نوره فيدركون به الحق ويبصرون الصواب ويميزون بين ما يجب فعله من  الخير وما يجب تركه من الشر، يقول الله جل وعلا :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) } ا|لأنفال
ومن ثم فليس للشيطان على قلوبهم من سبيل، فلا يصابون بحيرة ، ولا يتعرضون للشكوك والريب، وإذا أصابهم منها شيئ فسرعان ما تبددها أضواء الحق واليقين، يقول الله سبحانه :
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) } الأعراف
 وهم أولياء الله وأحباؤه، يكلأهم برعايته ويحييهم في عافيته،ويحفظهم من السوء،ويجنبهم أحزان الماضي وآلام المستقبل،يقول الله سبحانه وتعالى:
{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) } يونس
 وهم دائما موضع نظر الله سبحانه وتعالى:
{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }وقال سبحانه : { ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} { ومن يتقي الله يجعل له من أمره يسرا}.
أيها الإخوة والأخوات، وتقوى الله لا تتم إلا بأمرين :
أولا : فقه في دين الله ومعرفة ما فيه من سمو وحكمة.
وثانيا: قوة الإرادة ومدار العزيمة لحمل النفس على الإضطلاع بالتبعات والتكاليف، فبالمعرفة من جانب، والإرادة القوية من جانب آخر يستطيع المرء أن يبصر الطريق ويسير على  الجالة دون تعسر أو إنحراف، وقد أشار القرآن إلى هذين الأمرين في معرض الثناء على بعض الأنبياء فقال عز وجل :{ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) } سورة ص، فأولي الأيدي أصحاب القوة، وهم كذلك أصحاب فقه في الدين وبصر به...
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون من الأتقياء، وأن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...



قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ


قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
1. أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا...{ هذا ينطبق على الإنس والجن نساءا ورجالا، لو كل واحد فينا بحث في نفسه عن مواطن الشرك لوجدنا أنفسنا غارقين في الشرك بالله، اللهم ياعزيز ياقدير، نعوذ بك من الشرك كبيره وصغيره ظاهره وباطنه ما نعلم منه فنجنا وطهرنا منه ومالا نعلم فإنك أنت علام الغيوب وانت الرحمن الرحيم الذي يغفر الذنوب جميعها فنجنا من الشرك برحمتك وقدرتك ومغفرتك يا كريم}.
2. وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..{ مسئولية يشترك فيها كل من آمن بالله من آباء وأمهات وأبناء رجالا ونساءا، وعن الإحسان أبحثوا عنه في محاضرات شيوخنا الأفاضل جزاهم الله خيرا عنا وعن الأمة، أما هنا فأقول بقدر ما تحسن أنت إلى والديك أو تسيئ بقدر ما يحسن إليك أبناءك أو يسيئون, }.إحسانك بوالديك يمتد إلى أن تعامل الناس بخلق حسن فينصب ذلك في ميزان حسنات أبويك لأنهم علموك وربوك تربية دينية صحيحة.
3. وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ. { المعنى الدقيق لهذه الآية الكريمة أن لاتقتل ولدك لأنك تشعر بالفقر المادى أو المعنوي، فالإملاق هو ذلك الشعور بعدم الرضا بما عندك، شعور بالإقلال، تشعر بقلة في كل شيء، حظك وعلمك ومالك حتى زوجتك وأولادك تشعر بأنهم أقل من الآخرين، وهذا ما يدفع الأباء إلى قتل أولادهم معنويا، يشعر الطفل بالفقر وبقلة حظه فتموت فيه الملكات والهواهب، وينمو فيه الشعور بالحقد وسوء الحظ { هذا الشعور هو أول سلاح في يد الشيطان يلعب به في رأس وقلب ونفس كل من شعر بعدم المساواة وسوء الحظ } وهكذا نمت مجتمعاتنا وفيها تلك المفارقات الرهيبة، فالأب يأمر أبنه بالصلاة ثم يراه الولد يضيع ماله ودينه هباءا منثورا بأن يلعن حظه وسوء التوزيع وعدم المساواة، هذا وناهيك عن السب واللعن وإضاعة الوقت والمال بالجلوس على المقاهي ولعب ألعاب الشياطين. وهناك آية فاصلة في هذا الموضوع يقول فيه المولى عز وجل: { فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) الفجر.}.
4. وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..{ وهكذا يخرج بنا المولى عز وجل من مسئولياتنا عن أسرتنا إلى مسئوليتنا نحو مجتمعنا، فعندما يقيدنا ربنا تبارك وتعالى عن أرتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما أكثر ما نرتكب مما بطن من فواحش، فهو سبحانه وتعالى يقيدك أنت كفرد، ولكنه جل وعلا في الوقت نفسه يقيد العالم كله عن اقتراف الفواحش ظاهرها وباطنها.. يعز عليا أن أرى كل هذه المعاني الجميلة وقد فارقناها وابتعدنا عنها. رغم أن فيها الأسس القوية المتينة لبناء مجتمع ظاهره محترم وباطنه الرضا والحمد لله رب العالمين}.
5. وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ... { وهكذا نعلوا بأنفسنا ويرقي بنا ديننا الحنيف حتى نكون جميعا مسئولين عن النفس البشرية فلا نقتلها، ووضع لنا ربنا إستثناءا واحدا فقال: { إِلَّا بِالْحَقِّ }، يعني قد وكل هذه المسألة للقائمين على إدارة الحقوق بين الناس{ القاضي والحكومة }.. فليس لأي فرد أن يتعرض لهذه المسألة فيعرض نفسه للجزاء الدنيوي ولمقت ربه وعذابه في الدنيا والآخرة.
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
{ إن أردت أخي في الله أن تكون من العاقلين بشهادة رب العالمين فعليك بتطبيق وصاياه، وقد وضعها الرحمن الرحيم في صورة وصايا حتى تتقبلها النفس البشرية ولا تهرب منها كما هي العادة، فهي ليست قوانين وليست أوامر ونواهي ولكنها وصايا.. وممن؟ من رب الخلق كلهم أجمعين، من الذي به آمنت وعليه توكلت، وهو الذي خلقك ورزقك وكفلك وإليه مرجعك، أخي في  الله أيهما أحب إلى نفسك، أن يقول عنك العالم كله أنك عاقلا؟ أم أن تحصل على هذا اللقب من رب العالمين ؟ }.فتكون عاقلا بحق؟
6. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ..{ مزيدا من الرقي الإجتماعي والنزاهة والحرية والعدل والمحبة وأواصر المودة بين الأقوياء والضعفاء. بعد أن طبقنا وصايا ربنا السابقة، يرتفع بنا مولانا، ونعلو مع وصاياه إلى درجات عالية من الأخلاق الحميدة القرآنية الربانية، والتى كان عليها خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم . { وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ }، يالحظ اليتيم في بلد أسلم لله رب العالمين وطبق وصاياه، معنى الإستثناء من الله كما شرحه المرحوم الشيخ الشعراوي، هو أن تنمي ماله ولا تقربه فتضعه في تجارة ولاتقربه ويأكل اليتيم من مالك أنت وهذا هو الإحسان، فعندما يكبر اليتيم يجد ماله وقد زاد ولم ينقص... كم نحن في حاجة إلى تطبيق هذه الوصايا حتى نخرج مما نحن فيه ونتمتع بأعلى درجات الإنسانية والتى تشتمل على المحبة والمودة والعطف والإحترام والعدل وا|لإحسان، وكل ما بقي من الفضائل الحميدة والتى وضعها لنا ربنا في وصاياه، ربي ما أرحمك، وما أعدلك، علمت فينا ضعفنا وعلمت فينا سقوطنا وعثرتنا فوضعت ما ينقذنا مما نحن فيه الآن، اللهم رب محمد وإبراهيم رب العالمين الرحمن الرحيم ردنا إليك ردا جميلا ولا تسلمنا لإعداء الإنسانية واغفر لنا ذنوبنا وتوفنا مسلمين لك الوجه والدين برحمتك يا أرحم الراحمين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
7. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..{ يا ألله,, أقولها حتى ترتاح نفسي بها، كم نحن في حاجة لتلك الوصية خاصة، يارب العالمين لن ينقذنا مما نحن فيه إلا أنت، يارب لم أعد أرى إلا رحمتك ووصايك، اللهم بلغها لكل من أراد لنفسه الخير يارب العالمين، لكل من تاه عنها في زحمة الحياة، لكل من تركها وذهيب يستمع لغيرها، اللهم إني أدعوك باسمك الله وباسمك الرحمن وبكل أسماءك الحسنى أن ترد كل من تاه عن وصياك ونداءاتك إلى ماجاء فيها وأنقذنا بها مما نحن فيه من ضلال وضياع.آمين آمين آمين وصل اللهم وسلم على أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم}.
8. وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى...{ بنظرة سريعة لمجتمعاتنا اليوم نكتشف حاجتنا الماسة والضرورية لهذه الوصية، التى هي قمة العدل والحكمة والإنسانية، عندما نقول الحق فقد حققنا الإيمان بالله فينا, وعندما نقول غير الحق فيخرج الإيمان من قلوبنا مسرعا، فقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم { أيكون المؤمن جبانا؟ قال نعم، فسألوه أيكون المؤمن بخيلا؟ قال نعم، ثم سألوه هل يكون المؤمن كاذبا فقال لا..} وهنا في هذه الوصية ليس فقط يوصينا ربنا بقول الحق ولكن بالعدل فيه، وهذه أكبر مرتبة ونزاهة وعدلا.}.
9. وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا...{ هذه يراه ويشعر بغيابها من مجتمعاتنا كل من يعيش فيه. وأذكر هنا حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم :{ " لا إيمانَ لمن لا أمانَ لَهُ ولا دينَ لمن لا عَهدَ لَهُ  " }.  
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)
{هذه الشهادة الثانية من العزيز الحميد بأننا متذكرين ذاكرين ومذكرين بما وصانا به الرحمن الرحيم، وهذه تحتم علينا أن نتذكر ذلك دائما ونذكر بها غيرنا }.

10.      وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ...{ هذه هي الفاصلة، والقاسمة، التى تفصل في الأمر كله، وتقسم العالم كله إلى قسمين،إما تقيا، وإما غير ذلك، ندعو في كل صلاة قائلين           { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } وهانحن أمام كلام رب العالمين يقول لنا بمنتهى الوضوح           { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا }لكي نتذكر هذا الكلام عندما ندعوا ربنا بأن يهدنا صراطه المستقيم، الذي قد أوضحه لنا في هذه الوصية، ثم يأمرنا أمرا حازما ولأول مرة في كل الوصايا بأن نتبعه ولا نتبع السبل { فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } وما أكثر السبل التى إتبعناها، وما أكثر المفارقات التى لقيناها، وما أكثر المتاهات التى وقعنا فيها من أثر تركنا صراط الله المستقيم..فوجدنا أنفسنا الآن أمام ما حذرنا منه ربنا جل  وعلا..{ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }. اللهم أخرجنا مما أوقعنا فيه أنفسنا بأيدينا بعدم إتباع وصاياك، رب العالمين قد تاهت عنا فاغفر لنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا إنا تبنا إليك فاغفر لنا وردنا إليك ردا جميلا يارب العالمين وأجعلنا من القائمين على وصاياك نعمل بها ونوصي بها أهلنا وإخواننا فهي بالنسبة لنا حبل النجاة الذي أرسلته لنا من رحمتك بنا.
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام.
الشهادة الثالثة من رب العزة ذو الملكوت والحبروت والعزة والكبرياء، التى يعطيها المولى عز وجل لكل من نفذ وصاياه، ولكل من طبقها في حياته العامة والخاصة، وهي تردنا إجباريا إلى أول الكتاب، بعد أن قال فيها{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا } وهو ما ندعو الله به في كل صلاة، ثم لقوله عز وجل  { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }، هذا يردنا إلى أول سورة البقرة والتى حدد فيها المولى عز وجل أن القرآن لا يهدى إلا المتقين، فقا ل عز وجل في محكم آياته:{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) }، ثم يوضح لنا ربنا من هم المتقين.
الآن عندي في خاطري عدة أسئلة وهي فقط للتذكرة، وللموعظة:
1.    هل يعقل أن نعبد الله عز وجل ولا نعلم شيئا عن وصاياه؟؟
2.    هل من المعقول أن يوصي الأب أولاده بكل شيئ ولا يوصيه بوصابا رب العالمين؟
3.    هل من المنطق أن نتبع كل من هب ودب من غير الله ثم لا نتبع وصايا ربنا؟
4.     هل تعرف معنى أن يوصيك أحد؟
5.     هل تعتقد أنه من الممكن أن تشتري جهازا في غاية التعقيد باهظ الثمن ثم تستعمله بغير وصايا صانعه؟
6.     هل ستعمل بوصايا ربك بعد أن عرفتها؟ مع العلم أنك من الآن أصبحت مسئول عنها أمام ربك،عن تنفيذها وتطبيقها ثم أن توصي بها كل من يعقبك ممن ترعى من الناس. وذلك حتى لاتكن ضمن ما شملتهم الآية التالية: {  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) سورة طه }.
إن شاء الله تعالى سنبدأ دورات تدريبية وضعها الله تبارك وتعالى لنا في كتابه الكريم وسوف تساعدنا كثيرا في تطبيق وصايا ربنا. وذلك في نادي العضلا ت الإيمانية على هذا الربابط: http://forum.amrkhaled.net/showthread.php?522414-%C7%D1%D4%ED%DD-%E4%C7%CF%ED-%C7%E1%DA%D6%E1%C7%CA-%C7%E1%C7%ED%E3%C7%E4%ED%C9-%E1%E1%E6%DE%E6%D1-%C7%CD%E3%CF-%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3-%C7%CA%E3%E4%EC-%E1%DF%E3-%E1%E1%DE%E1%E6%C8%DF%E3-%C7%E1%C7%D3%CA%E3%CA%C7%DA-_&p=1054895420&posted=1#post1054895420
الأثنين 28 يناير.

نظرية جديدة في العلاقة الوثيقة بين وصايا رب العالمين ونداءات الرحمن لعباده الكرام.








نظرية جديدة في العلاقة الوثيقة بين وصايا رب العالمين ونداءات الرحمن لعباده الكرام.
االعلاقة الوثيقة والقوية بين وصايا رب العالمين لمن أراد أن يستقيم{ في سورة الأنعام }، وبين نداءات الرحمن لعباده الكرام والتى وردت 88 مرة نصفها قبل سورة الأنعام ونصفها الآخر بعد سورة الأعراف، أي أن سورة الأنعام والأعراف لم يأتي بهما أي نداء.
في نظرية جديدة مطروحة للتدبر
وهي إجتهاد ولا إلزم به أحد
بسم الله الرحمن الرحيم  والصلاة والسلام على اشرف المرسلين المبعوث هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم .
لي مع سورة الأنعام، وخاصة مع الآيات 151 و152و 153 وبالتحديد في الوصايا العشر... وصايا رب العباد لإصلاح حال البلاد... أكثر من 4 سنوات، أبحث وأناقش كل من له صلة بكتاب الله ممن قابلت في مشوار حياتي، وكل من قابلت من القائمين على أمر الناس في البلاد التى عشت فيها... حملتنى الوصايا إلى النداءات، وحملتنى النداءات إلى القمم الأخلاقية التى كان عليها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : والنداء الأول أكبر دليل على ذلك فهو بدأ بخلق اللسان:
{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) البقرة}}
وهكذا أرى أن هذا النداء مرتبط إرتباطا وثيقا بالوصية الأولى في سورة الأنعام، فأدب الكلام واختيار الكلمات الراقية المهذبة، والبعد عن كل كلمة يستخدمها المنافقون تكون في ظاهرها كلمة طيبة، ولكنها تحمل معانيى أخرى خفية وقبيحة، مثلما فعل اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سمعوا الصحابة يقولون له        { راعنا } فانتهزوا الفرصة وخاطبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ليسخروا منه لأنها في لغتهم تحمل معنى قبيح، سخر الله منهم وقبحهم.
هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، و لا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه. }} الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني
إذا فتهذيب اللسان، وترك الكلمات النابية، واستعمال الكلمات السديدة واضحة المعنى، هو دليل حسن إيمان العبد، ودليل عدم شركه بالله،فلا يتبع هواه أو فلسفة أجنبية، أو ثقافة معوجة.
الوصايا مقسمة إلى ثلاثة مراحل، كل مرحلة وضع الله تبارك وتعالى لها مقومات تحقيقها:
المرحلة الأولى:
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
1 ـ  أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.  2ـ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.   وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ            4ـ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.    5ـ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
هذه خمسة عظام ختمها الله سبحانه وتعالى بقوله لعلكم تعقلون... كل من يريد أن يكون عاقلا بشهادة الرحمن عليه أن يطبق هذه الخمسة، في بيته وفي عمله وفي كل حياته...بل إنها تصلح لتكون دستورا للبلاد، يقودهم إلى مرضاة رب العباد. إن هذه الخمسة الكرام هي بمثابة شهادة عليا من رب العالمين بأننا عاقلين.
المرحلة الثانية الذاكرة.. نتذكر ونذكر ونذكر الناس.
  وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. 7ـ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.
8ـ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى.          9ـ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا.
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)
وهكنا نظل نرتقي ونسمو ونعلوا بأخلاقنا القرآنية حتى نصل إلى رتبة الذاكرين والمتذكرين والذين يذكرون الناس بأيام الله.
ولكي نحقق هذا الرقي والسمو الأخلاقي، إنما علينا تلبية وإتباع وتنفيذ نداءات الرحمن لعباده الكرام، خاصة تلك التى جاءت قبل الوصايا، فكلها تأمرنا بخير وتنهانا عن منكر يؤدي بنا في النهاية إلى إمكانية تطبيق وصايا ربنا في حياتنا العملية، وبذلك نكون قد حققنا أمر الله فينا :
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران}}.
ولي ملحوظة أخرى قوية جدا : إن الغالبية العظمى من شباب المسلمين، بل والآباء من مواليد الخمسينات فما فوق، لم يعرفوا وصايا ربهم، بل إنني عندما ناقشت كثيرا منهم أباءا وأبناءا، أكتشفت أن لا أحد منهم يعرف شيئا عن وصايا ربه الذي يعبده، وكذلل النداءات، فهل يعقل أن نعبد ربا ولا نعرف وصاياه؟ وهل يعقل أن نعبد ربا ينادي على من به آمن ليقول أفعل ولا تفعل ثم لا ننتبه؟
هذه مسألة خطيرة جدا، رغم أن كل واحد فينا يحفظ عن ظهر قلب قوانين الشركة التى يعمل بها والبلد التى يعيش فيه ويبذل كل ما في وسعه لعدم اختراقها حتى لا يقع تحت طائلة القانون.... أما وصايا ربنا فقد جعلناها من الكماليات..، وأما نداءات رب العالمين لمن أراد أن يستقيم فهاهي دون أن يلتفت إليها إلا من رحم ربي. !!!!!!!
10ـ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)
أما هذه فهي الأخيرة والفاصلة ... والتى تردنا اجباريا إلى فاتحة الكتاب وأول سورة البقرة.. فاتحة الكتاب لأننا ندعوا الله في كل صلاة { اهدانا الصراط المستقيم } وفي الوصية يحدد لنا مولانا أن هذا هو صراطه المستقيم ثم يأمرنا باتباعه وعدم اتباع السبل، ثم يختم وصاياه سبحانه بقوله الفصل وما هو بالهزل { ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. وهذا يردنا إلى أول البقرة لنسمع قول ربنا سبحانه وتعالى يوضح لنا أن القرآن الكريم إنما هو هدى للمتقين وليس لغيرهم: {{ أ لم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) }}.
وكلنا يعرف حال أمتنا الآن ... لقد إمتلأت رؤوسنا بالكلام، والعمل قليل، وضاع شبابنا وراء كل ما هو زائف وأحاطوه بالتزيين..ووقع في حيرة بالغة وقاسية تطيح براس العاقل، فقد اصبح شبابنا يرى تناطح وتناظر الأئمة الكرام، وهذا يطعن في ذاك، وكل له مذهب وشيخ وطريقة ، وكلنا مستعمرين من الداخل والخارج، واصبح حال الأمة يدعو بحزم وقوة إلى تنفيذ وصايا رب العالمين ونداءاته، وليس مذهبا أوفكرا أو ثقافة معينة....
• وهنا ساعرض على حضراتكم نظرية جديدة في سورة الأنعام... إن أول وصية ألا تشركوا به شيئا، معناها الأول والبسيط هو أن نحمل كلمة التوحيد ونكون أهلا لها.. ولما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق } ، كمال قال أيضا صلى الله عليه وسلم :{ لا إيمان لمن لا خلق له} فقد حملنى هذا إلى تدبر نداءات الرحمن لعباده الكرام والتى جاءت 88 مرة في كتاب الله... وكل نداء فيها يعطينعا خلقا حميدا من أخلاق القرآن، وينهانا عن خلقا ذميما من أخلاق الجاهلية...
فإذا أردنا أن نطبق الوصية الأولى : { ألا تشركو به شيئا } علينا أن نتحلى بالأخلاق التى تؤهلنا لحمل كلمة التوحيد والتى جاء بها النداء الأول كأهم خلق من أخلاق الإيمان، ألا وهو خلق اللسان، فإذا ما تكلمنا، أو عبرنا عن مشاعرنا، فلنتقي الله ربنا ولا نشرك معه شيئا من فلسفة أو فكر أو ثقافة معوجة.




















.