وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)
( سورة البقرة )
إذا علينا كمسلمين أن نواجه كل معضلة تواجهنا، وكل أمر عظيم من أمور حياتنا بالتضرع إلى الله أن يفرغ علينا صبرا وأن يثبت أقدامنا وقلوبنا على دينه ..
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا هَنَّادٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ :
" يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ "
الآن لي فهم خاص جدا في هذا الحديث استخلصته من عالم جليل منذ أكثر من 40 سنة من كتاب له ( مع الأسف الشديد لا أذكر أسمه ) عن نظرية إيمانية قوية جدا عن القلوب، ( من الظلومات إلى النور ) قال :
أن الإنسان عندما يعبد الله يكون قلبه متجه إلى أعلى حيث النور، ولكن عندما نغفل أو نرتكب معصية فإن القلب ينقلب إلى أسفل حيث الظلام.
والآيات التالية ستشرح لنا ذلك بالتفصيل:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
( الأنفال آية رقم 2)
في كثير من الأحيان نذكر الله ولا توجل قلوبنا، والسبب أنها هناك مع الناس، مع الأولاد والزوجات والأهتمامات الأخرى ( حيث مرتع الشياطين والعياذ بالله ) فكل هم الشيطان أن يملأ قلوبنا عداوة وبغضاء.. بدليل الآية التالية :
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
( الأنفال )
إنه القلب أهم مالدينا، به نقابل ربنا، وبه نؤمن، وبه نحب ونكره، وقد قال عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ )).
وقال الله تبارك وتعالى :
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
قال الله سبحانه وتعالى:
(( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))
القلب السليم هو القلب الخالي من النفاق والرياء والضغينة والحقد، وهو سليم لأنه استسلم لله فسلم مما يصيب عامة الناس.
وقال أيضا سبحانه وتعالى:
(( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ))
أواب حفيظ أي رجاع إلى الله بالتوبة والإستغفار، وحافظ لحق الله فيه.والقلب المنيب هو القلب المخلص المقبل على طاعة الله.
القلب له عبادة خاصة جدا، عبادة هي تاج من نور فوق رأس صاحبها، ألا وهي الإخلاص لله رب العالمين .. وهذا المعنى نجده في الآية التالية:
(( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ))
(( غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ))
(( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) آخر سورة البقرة.
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{{ " الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ " }}
في كتاب رأيت الله لفضيلة الدكتور مصطفى محمود رحمه الله قرأت نصيحة قد حفرها الزمن في قلبي .. وأنصح بها كل من امتلأ قلبه بهموم الدنيا:
(( أحفظ قلبك عن طريق عينيك وإلا فلم تحفظه أبدا ))
(حديث مرفوع) (حديث موقوف) حَدِيثٌ ( حم ) : حَدِيثٌ ( حم ) :
" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ ، إِلا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلاوَتَهَا "
ونختم بدعاء جميل جدا لعله يكون من نصيبنا:
(( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ))