التسبيح يخرجك من دوامة الحياة إلى الأسرار الكبيرة
المتناثرة في ملكوت الرحمن
أذكركم بأننا نعمل على محاور ثلاثة
العقل..الذاكرة.. لندخل بهما على تقوى الله والتى تلزمنا
بمعرفته
فإذا عرفناه سبحانه أحببناه، وإذا أحببناه أطعناه
فالمحب لمن يحب مطيع
السبت 22/12/2012
**********
الذاكرة
*****
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا
سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) { آل عمران
}.
بكى النبي صلى الله عليه وسلم
لهذه الآيات ثم قال:” ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها “
اليوم سنستخدم ذاكرتنا بصورة قوية ..
لنستخرج منها كل مواقف الرحمة التى نزلت علينا من ربنا.. ونتفكر في كل نعمة ظاهرة
من نعمه سبحانه .. وكل موقف دعوناه فيه واستجاب لنا.. وسنتذكر كل متعة تمتعنا بها
من نعم الله علينا.. فهو سبحانه الذي قال يذكرنا بعظيم رحمته وعظيم قدرته وعظيم
رأفته وعنايته بنا :
ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7)
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)
السجدة.
هل هو عتاب من رب العالمين؟.. هل هي
تذكرة لنا قبل فوات الآوان؟ .. طيب هل نحن شكرنا الله وحمدناه على كل تلك النعم؟
ياترى هل نعرف كلنا كيف نشكر الله على نعمه؟
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.. حتى نتبعه ونفعل كما فعل
ونشكر ربنا الذي أنعم علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، قال صلى الله عليه وسلم :
قام
النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى تورَّمَتْ قدَماه ، فقيل له : غفَر اللهُ لك
ما تقدَّم من ذَنْبِك وما تأخَّر ، قال :
( أفلا أكونُ عبدًا
شَكورًا ) .
الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - خلاصة حكم المحدث:
[صحيح]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكر
ربه.. بكثرة السجود خاشعا مخبتا منيبا لله رب العالمين .. فهل فعلنا نحن ذلك ؟...
نقول لا ولكننا في طريقنا إلى فعله..
فعندما نخرج من الدوران في الدنيا مع عقارب الساعة وندور مع الكون المسبح مستغفرين
تائبين نادمين.. وعندما نعيش مع أسماء الله الحسنى، على الأقل التى نقرأ بها في
صلاتنا.. الله.. الرحمن .. الرحيم .. مالك يوم الدين ..
استعمل ذاكرتك لتخرج لك كل المواقف
التى وجب عليك شكر الله فيها ولم تفعل... ثم استعمل ذاكرتك لتخرج لك كل المواقف
التى نجاك الله منها من هلاك مؤكد.. ثم استعمل ذاكرتك لتخرج لك كل ما استمتعت به
وحصلت عليه مستخدما نعم الله عليك ..
وهكذا تستطيع أن تعيش في تسبيحك له حالة العبد الشكور.. فعندما تقول سبحانك اللهم
وبحمدك.. ستدرك مدى نعمه عليك وسيزيدك الله من فضله لأنه سبحانه قال لأن شكرتم
لأزيدنكم .. ثم علينا أن نفكر لحظة في حال من لم يتمتعوا بما متعنا به ربنا، وجاء
ذكرهم في الآية التالية:
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى
قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ
نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) الأنعام.
ربما الآن سبحته بقلبك .. فتتلاشى
همومك .. وتذهب عنك أحزانك.. ويحدث لك الإنسجام الواجب عندما ندخل مع المسبحين في
كون الله ونشاركهم في تسبيح مولانا الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد.
وأذكركم ونفسي بحديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
من كانت الآخرة همه
من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ،
و جمع له شمله ، و أتته الدنيا
و هي راغمة ، و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه
، و فرق عليه شمله ، و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له
إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ
لِأُولِي الْأَلْبَابِ
الآن
سنعيش مع الآية الكريمة لحظات، يخبرنا المولى عز وجل بالطريقة المثلى لتسبيحه
وذكره والتقرب إليه والتعرف عليه سبحانه، وهي تدبر القرآن والتفكر في خلق الله..
حتى نمحو من عقولنا وقلوبنا الجهل به تبارك وتعالى.. فنتعرف على عظمته وقدرته عن
قرب في التفكر في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار...وهذا لا يكون إلا
لمن عنده رجاحة عقل وقليل من العلم بقدرة الله وعظيم سلطانه.
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
ذكر الله المطلوب هنا هو أن نذكره
سبحانه وتعالى في جميع أوقاتنا، عندما نكون قائمين وقاعدين ومضجعين. هذه هي
الحالات الثلاثة لحركة الإنسان في الأرض.
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ
بعد أن حدد لنا المولى تبارك وتعالى
الحالات التى نمر بها عندما نتحرك في الحياة، أخبرنا سبحانه بما يجب علينا فعله
أثناء هذه الحركة، أن نتفكر في خلق السموات والأرض.. فلا يصح أن تشغلنا قطعة الخبز
عن عظيم قدرة الله وعظيم قدره وعظيم سلطانه وعظيم نعمه علينا.
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ
هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
ثم يدلنا المولى عز وجل على صيغة
تسبيحه المثلى.. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك.. وأيضا يدلنا على أنه هو سبحانه
الحق.. والسماوات السبع حق.. وكل مانرى بأعيننا هو الحق من ربنا.. وكل ما جاءت به
الرسل هو الحق، والجنة حق والنار حق.. وبهذا يحق لنا أن نستعيذ بالله العلي العظيم
من النار..
اللهم إنا نعوذ بك من النار ونسألك
الجنة يارب العالمين يا أرحم الراحمين يا ولي الصابرين .. وأن ترزقنا حمدك وشكرك
وتسبيحك .. وأن تجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين والحمد لله رب العالمين .