10 jul 2013

الرسول صلى الله عليه وسلم يوصينا بالجار لننعم بالمودة والرحمة



2 رمضان
الضلع الأعوج الذي منه تنبعث الحياة وهو يحميها
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وأن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5185
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
اليوم سنعيش بإذن الله تعالى مع حديث جامع وشامل ودقيق جدا ورقيق رقة النسيم، وهو عند الناس مظلوم، ظلموه في سوء فهمه، وظلموه بإساءة الظن في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وظلموه يوم أشاعوه بين الناس بمفهوم خاطئ...
يقول فضيلة الدكتور محمد هدايا في تفسير دقيق لهذا الحديث، أن غاية كمال الضلع في إعوجاجه، فالضلع لا يمكن إلا أن يكون فيه إنحناءات طبيعية فيه فهو كجزع الشجرة.. ويقول أيضا أننا لو نظرنا إلى الضلع في الإنسان نجد أن إعوجاجه كان لحماية القلب والرئتان ، وكذلك المرأة هي تحمى زوجها من الوقوع في جريمة الزنى، وكذلك تحمي الأولاد بمراعاتها وتربيتهم التربية الدينية السليمة..
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره
وبنظرة سريعة للحديث الشريف نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان يربينا تربية دينية قائمة على الحب وعلى المودة والرحمة، ففي هذا الحديث يتحدث عن المرأة ويوصي الرجال بها ولكنه صلى الله عليه وسلم بدأ حديثه يوصينا بالجار خيرا إن كنا نؤمن بالله واليوم الآخر.
واستوصوا بالنساء خيرا
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم}
من أجل هذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه بالجار.. وكأني به أراه يخاطب الرجل والمرأة معا أن يكرموا جارهم، لكي يحققوا أو يحصلوا على المودة والرحمة بينهم وتمتد هذه المعاملة الحسنة والأخلاق الطيبة الحميدة والروح المعنوية العالية إلى  الجار ثم المجتمع ككل.
فإنهن خلقن من ضلع
الضلع لع أهمية كبيرة جدا بالنسبة للقلب والرئتان، فهما جهزان حساسان ويحتاجان لحماية خارجية، لذلك كان الضلع لحمايتهما، وكذلك المراة هي في عموم الحياة وخصوصيتها عضو في غاية الأهمية، فهي أولا وقبل كل شيء هي الأم.. التى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة تحت أقدامهن، ثم هي الأخت، التى تكمل رعاية الأم لكل الأولاد، ثم هي الأبنة التى هي مهجة قلب أبويها، وهي البهجة والمرح والطهر والنقاء في مهدها.. ثم هي الزوجة التى نسكن إليها وتسكن إلينا..
فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وأن تركته لم يزل أعوج
وهنا يحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من التهور والتعنت والتذمر والمعاملة السيئة بحجة إقامة إعوجاجها، فالمرأة عالم من الجمال والحنان والحب والمودة والرحمة وقد اشتق لها الرحمن من اسمه ثم كلفها بأقدس مهمة في الحياة  فهي تلد الرجال .. والمرأة كا لؤلؤة في بحر هادئ وجميل تحتاج لسباح ماهر ليستخرج جواهرها، وهي كالفرسة التى لا تستسلم إلا لفارس نبيل وشهم وأصيل. فإن قصدت لعبا أوقعك الله فيما حفرت لها.
فاستوصوا بالنساء خيرا
وأخيرا يوصينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، ووصيته هذه معناها أننا لو أردنا أن تكون المرأة سكن لنا ونكون نحن سكن لها علينا أن نعاملها بما تستحق من الإحترام وإعطاءها حقها في الحياة بغير إنقاص، فاجعلها دائما تحظى باهتمامك لتكسب تقديرها لك، وعاملها على إنها الوردة الوحيدة في بستان حياتك لتحصل منها على كل ما تريد وتهتم.. وتزين بها جوهرك ومظهرك.



فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ



الفاتح من رمضان
بسم الله نبدأ لقاءنا مع أول إيام شهر الهدى والفرقان.
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
بين الله تبارك وتعالى لنا أول أسس المعاملة بين الناس، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رؤوفا بالمؤمنين.. وهكذا نستمد أول أسس التعامل مع الناس، وأول أسس التربية، وأول أسس بناء الأسرة والمجتمع، أن نلين للناس، وخاصة لأهلينا وذوينا، فإن الفظاظة شيء ينفر منه الناس، وهو عكس الرحمة، وينفي عن صاحبه تقوى الله..
فَاعْفُ عَنْهُمْ
عفوك عن الناس بصفة عامة ينفي عنك النفاق، فكثير من الناس يلين ويتودد وهو ألد الخصام، ولكن الصادق في وده، والذي هو بطبعه رحيم بين الناس فإنه لا يجد صعوبة في العفو عن الناس.. لأنه عرف ربه وعرف عفوه ويرجوه سبحانه ولذلك يعامل خلق الله بما يرضي الله وبما يرجوه من الله تبارك وتعالى..
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
العفو عنهم يكون تلقائيا بداخلك، لأن قلبك لا يحمل ضغينة لأحد، ولا يستمع لوسوسة الشيطان، ولكنه قلب بطبعه رحيم .. لأنه تربى في رحمة الله .. ودليل ذلك  أنك تستغفر لهم، واستغفارك لهم هو دليل عفوك عنهم، وهو وسيلتك لتتقرب إليهم ويتقربوا إليك، وهذا الأسلوب لو اتبعه الآباء مع أبناءهم لأصبحوا جميعا بنعمة الله إخوانا وقد ألف الله بين قلوبهم.
وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
هنا نجد أن المسألة تسير بنا تدرجا في العلو وسمو العلاقات بين الناس.. في البداية كنت رحيما بهم، وألنت جانبك لهم، ثم عفوت عنهم فيما أخطأوا أو اساءوا، ثم استغفرت لهم ربك وربهم، الآن أصبحت قلوبكم مؤلفة متقاربة متحابة بفضل رحمة الله، والآن تستطيع أن تشاورهم في الأمر..
ما أجمل أن يستشير الزوج زوجته وأبناءه فيشعرهم بأهميتهم في حياته، وبأهمية رأيهم فيما ينوى عمله، إن مشاورتك لأهلك ولمن هم تحتك تزيد العلاقة محبة وودا وإخلاصا لله رب العالمين .. فهو سبحانه وتعالى رب الناس ملك الناس إله الناس..الذي يعيذنا من الوساس الخناس.
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
وهكذا يدلنا ربنا على الخطوة التالية لكل ماسبق، وهذا ما كان يفعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لينا رحيما ودودا صابرا على الناس يعفو عنهم ويستغفر لهم ويشاورهم في الأمر صلى الله عليك وسلم ياسيدي يا رسول الله.. وبالمناسبة فله في هذا النمط حديث رائع بل في غاية الروعة لو طبقناه لأصبحنا أخوانا وأحبابا وكأننا البنيان المرصوص:
 لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه  ولا يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدرصحيح الترغيب - خلاصة حكم المحدثحسن
لقد ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم أستقامة الإيمان والقلب واللسان بالمعاملة الحسنة، فإذا أمن جارك بوائقك فمن باب أولى أن يأمن زويك تلك البوائق، وهذا دليل استقامتك على أمر الله .
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)
وهكذا يحثنا ربنا على الإستمرار في العفو والصفح عن الناس والإستغفار لهم فينعم علينا ربنا بمحبة منه سبحانه والتى تضمن لنا الحكمة والسعادة والإستقامة ثم جنة تكون في بيوتنا تصحابنا حتى نلقى ربنا يوم الدين.
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران
أرأيتم كيف ربط الله تبارك وتعالى كل ما سبق من لين وود ورحمة ومعاملة طيبة وعفو عن الناس وإستغفار لهم بالنصر  وبالخذلان.. وكأننا إن اتبعنا خطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرنا الله .. وإن تركنا سنته واتباع أمر الله ونهيه خذلنا الله .. وهذا ما نراه الآن بأعيننا في كل مجتماعاتنا .. فاللهم ألطف بنا فيما جرت به المقادير واغفر لنا وارحمنا وقنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
الآن أخي في الله في كل زمان ومكان عليك بالدعاء والتضرع إلى الله حتي يقينا تلك الفتني التى نزلت بساحتنا واخذتنا أخذا عارما بغير رحمة من الناس .. ولكن رحمة الله مرتبطة دائما بالدعاء والتضرع إليه سبحانه:
فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) الأنعام.
***
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) المؤمنون.
***
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) النساء.
***