25 sept 2013

(2) معطيات التغيير والترقي وبناء الشخصية والأسرة والمجتمع

( 2 )
معطيات التغيير والترقي وبناء الشخصية والأسرة والمجتمع
أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ 
أيها الأخوة الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. لا زلنا في الوصية الأولى .. مع مواطن الشرك ، ذلك الذنب الكبير الذي إن مات العبد قبل أن يتوب فقد مات على الشرك، أما لو تاب منه فإن الله غفور رحيم ...الآن لدينا آية وسؤال ، أرجو من حضراتكم أن تشاركوني تدبر هذه الآية الكريمة :
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا. (36 النساء ).
في الحقيقة مواطن الشرك لا حصر لها .. وعلماءنا الأفاضل قد قتلوا هذا الموضوع بحثا.. لذلك أجد نفسي وقد ترددت كثيرا كثيرا قبل أن اكتب في هذا الموضوع.. ولكني أشعر بخطورة تجاهله، أن ينتهي بنا العمر ونجد أنفسنا لا نستطيع الإجابة في القبر .. وربما والعياذ بالله لا ننطق بالشهادتين... لذلك فقدت دعوت الله أن يوفقني في هذا الموضوع الشائك والخطير.. فنيتنا جميعا هي أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا...
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ
طبعا نحن والحمد لله لا نشرك بالله شيئا مثل غيرنا.. فنحن نؤمن بكل ما آتانا الله من قوة إنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الملك ولم يتخذ ولدا ولم تكن له صاحبة ولم يكن له ولي من الذل، ثم نحن نكبره تكبيرا سرا وجهرا في ليلنا ونهارنا وسائر حياتنا، هذا والحمد لله رب العالمين أن نجانا من الشرك.
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ
وهنا يأتي السؤال..
ما علاقة الإحسان بالوالدين وبذي القربى بالشرك؟ هل ترى  أن هناك علاقة بين الإحسان بالوالدين وبين الشرك الخفي بالله العلي العظيم ؟
سأكون أنا أول من يجيب على سؤالي.... ثم سأترك لكم دفة المركب لتسبحوا في ملك الله مع الآية متدبرين ومفكرين وباحثين في معانيها القوية والعميقة..
أمرنا الله تبارك وتعالى أن نعبده .. ثم نهانا عن أن نشرك به شيئا.. والعبادة هي الطاعة لله رب العالمين، ومن هذا المنطلق سنجد أن كل جزء فينا له نصيب من طاعة الله تبارك وتعالى، كيف ذلك ؟
ما يخصنا هنا الآن هي عبادة القلب.. فهيا بناننعرف على بعض أنواع القلوب كما أخبرنا عنها مولانا العلي العظيم :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) البقرة.
عندما يرسل لنا ربنا إنذارا بعذاب واقع{ الأنذارات بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتينا في صور مختلفة من الرسائل.. حادثة أو مرض أو فشل أو خسارة أو فقد حبيب كلها إبتلاءات تحمل من الله إنذارات لكي نتعظ ونعود إليه مستغفرين ومنيبين إليه }.
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) البقرة
هذه خطيرة جدا، فهي حفرة عميقة  وربما وقعنا فيها دون أن ندري، مثل الذي يصلي وينظر إلى النساء، ومثل الذي يصلى ويدخن السجائر أو يتعاطى المخدرات، هذا نوع من الخداع. واستمرارنا فيه يصيب قلوبنا بمرض خطير وعلاجه طويل حفظنا الله وإياكم منه ومن كل أمراض القلوب.
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)البقرة
إياك أن تكون قاسيا مع أحد، فالقسوة ولو كانت بالكلمة فهي مع الوقت تنتقل إلى القلب فتجعله قاسيا ككلماتك، ولا تتظاهر بالقسوة فتسلمك نفسك هدية رخيصة للشياطين والعياذ بالله العلي العظيم .
لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
هذه نختم بها فهي تطمأننا بعض الشيء، فلننظر ما يسكن في قلوبنا من مشاعر ونوايا وأفكار، فالقلب السليم هو الذي سلم من آفات القلوب المظلمة..
أحبابي في الله في بحثى عن القلوب في كتاب الله وجدت 104 آية تحدثنا عن أصناف وأنواع القلوب، وهناك المزيد.. ونختم بعودتنا إلى صدر الآية التى بدأنا بها:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ
نستخلص من كل ما مضى  أن الإحسان بالوالدين بحق وبإخلاص لله رب العالمين هو دليل خلو القلب من الشرك بالله.. فإذا ما امتد إحسانك إلى ذي القربى فهذا معناه زيادة الإيمان بالله في قلبك وإضمحلال الشرك به، لأنك كلما بالغت في طاعة الله كان نصيب نفسك من الهوى أقل، وهكذا كلما تطرق إحسانك ليشمل كل خلق الله فهذا دليل خلو قلوبنا من الشرك.
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا. (36 النساء ).
فإذا تواضعنا لخلق الله على اختلاف اجناسهم ومللهم ودياناتهم نكون بذلك أقرب ما نكون لمحبة الله التى نسأل الله أن يرزقنا إياها.. اللهم ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب عملا يقربنا إليك, آمين
سأضع في القريب العاجل إن شاء الله ملحق عن أنواع وأصناف القلوب في كتاب الله.. وإلى هذا الحين أرجو من حضراتكم أن تتدبروا الآيات وأن تفحصوا قلوبكم عن طريق ذاكرتكم، لا تجعلوا في الذاكرة شيئا من السلبيات، فكل ذكرى سيئة هي ذكرى سلبية تعشش في القلب وتنادي على كل السلبيات وتجعل العقل الواعي والعقل الباطن اللاواعي يعملان سرا في كل ماهو سلبي { د/ابراهيم الفقي}.