يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ينادي علينا ربنا ليعطينا مايلي:
- لقب الإيمان وهو من أجمل وأعظم الألقاب التى عرفناها في حياتنا الدنيا.
- ليعطينا مقومات الحياة السوية السليمة.
- ليعلمنا كيف نواجه مطبات الحياة ومغرياتها.
- ليجعلنا نعبده وحده ولا نشرك بعبادته شيئا.
- ليعلمنا كيف نُحسن إلى أنفسنا ووالدينا وكل من يعيش معنا أو حولنا.
- ليعلمنا كيف نربي أولادنا.
- ليعطينا مفاتيح النجاح والفلاح والثبات وتحقيق الذات.
- ليعطينا ما يعنينا على كل ذلك.
- ليجعلنا نرى ونفهم ونعقل ونتأكد أن كل أمورنا بيده وأن يملك كل شيء نحتاجه ولن نحصل عليه من غيره.
- ثم ليجعلنا من أحسن الناس وأشرفهم وأطهرهم فهو الذي قال سبحانه:
[وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا]( سورة النساء125).
كما قال سبحانه وتعالى:
[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ] سورة فصلت 33.
إن شاء الله سندرس نداءات سورة البقرة وحدها، لنعيد تكوين أنفسنا ونجدد بالنداءات إيماننا بالعلي العظيم، حتى لا تجرفنا تيارات الفتن، وحتى نقي أنفسنا وأهلينا نارا وقودها الناس والحجارة كما جاء في النداء التالي:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ]
( سورة التحريم آية رقم 6).
ولدينا اليوم كل نداءات سورة البقرة لنأخذة فكرة عامة ونلقي نظرة سريعة، لنعود إلى كل نداء بتأني وتروي وتدبر، راجين من الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا.
النداء الأول:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)
من الآية التالية سندرك أهمية الكلمة:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ
[سورة إبراهيم].
النداء الثاني:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
بالصبر نتذوق حلاوة الإيمان، ومن الصلاة نستمد طاقتنا المعنوية التى تمكننا من مواجهة جميع مواقف الحياة، وبهما معا نحظى بمعية الله العزيز الحميد.
النداء الثالث:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)
بعد أن طابت سريرتنا وتكلمنا بالطيب من الكلام، وبعد أن مارسنا الصبر وعرفنا أهميته في حياتنا وبعد أن أمدنا ربنا بالطاقة المعنوية اللازمة برعايته وعنايته بنا، الآن وجب علينا أن نعتني بجسدنا فلا نأكل إلا حلالا طيبا.
النداء الرابع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)
الآن بعد أن أسسنا شخصيتنا الإسلامية على مستوى الفرد، أصبحنا مسئولين عن حياة من يشاركوننا الوطن بأن لا نقتل لأن هناك قانون السماء الذي لا يغفل فلابد من القصاص.
النداء الخامس:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو التدريب العملي الرباني للتقوى، فغاية الصيام هي تقوى الله، أن نتدرب على كبح جماح أنفسنا، وهكذا نرى أن النداءات تربينا تربية إسلامية ربانية محمدية، فكل نداء يجهزنا للذي بعده، فلا فوت ولا تفريط بإذن الله.
النداء السادس:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
بعد أن امتنعنا عن الحلال في نهار رمضان، أصبحت أنفسنا جاهزة ومستعدة للحياة مع الآخرين في سلام دائم، يبدأ من البيت ويتطرق إلى العلاقات الدولية، وهذا النداء يصاحبه أحاديث كثيرة من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تعيننا على تطبيقه حرفيا بمحبة وود واحترام، سنذكرها إن شاء الله عندما نصل لهذا النداء.
النداء السابع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)
الآن قد أصبحنا أصحاب فقه ومال وتجارة وعمل وكسب حلال، ولكي يبارك لنا ربنا في كل ذلك لابد من الإنفاق، هذه الآية جاءت مباشرة قبل آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، وكأني بالله العلي العظيم يقربنا منه سبحانه بالإنفاق في سبيله ومما رزقنا.
النداء الثامن:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)
وها نحن أمام خُلق عظيم، نزاهة اللسان، وعفاف النفس وارتقاءها، ينزهنا ربنا عن المن والأذى، حتى نمضي في حياتنا مرفوعين الرأس لأن كلامنا طيب، وأكلنا طيب، ومعاملاتنا طيبة، فما أجمل الإسلام وأعظمه.
النداء التاسع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
توجيه من العزيز الحميد لأصحاب الأعمال والكسب الحلال الطيب، ولأصحات الآراضي الزراعية أن يعطو وينفقو بكرم وسخاء وطيب نفس، لأنهم عباد العزيز الكريم ذو العرش المجيد ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.
النداء العاشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)
آفة الإنسان، وآفة الأسرة، وآفة الدول الربا .. معظمنا قد عرفه عن قرب أو عن بعد.
النداء الحادي عشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ.
يقع في الدين كل من لم يطبق ما سبق من نداءات، يقع في الدين كل من تهاون ولم يربي نفسه بما ربانا به ربنا في نداءاته التى أعطانا فيها أجمل الألقاب وأعظمها فقال يا أيها الذين آمنوا.
ثم بعد ذلك لدينا في سورة آل عمران عدة نداءات تعلمنا وتدربنا على كيفية التعامل مع العالم الخارجي، وتحذرنا تحذيرات قوية حتى لا نقع فيما لا يحمد عقباه كما هو حاصل الآن.
وإن شاء لنا لقاءات قادمة ندرس فيها نداءات ربنا، لعل وعسى يهدينا الله بها ويهدي بنا من حولنا.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك