المودة والرحمة
هل يا ترى افتقدناها أم نسيناها
1. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
2. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)
3. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
4. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
5. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
6. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21).
[سورة الروم]
هذه هي مراحل أو مفاتيح أبواب المودة والرحمة، بينَنها العزيز الحميد لعباده حتى لا نضل ولا نشقى.
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)
[سورة مريم]
لقد شرح لنا الله تبارك وتعالى معنى المودة والرحمة في الآية التالية :
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97)
[سورة مريم]
قوما لدا معناها قوما شديدي الخصومة بالباطل، وكأن المودة والرحمة لا يمكن أن تكون في خصام أو عداوة أو بغضاء أو كراهية ...
إذا البشرى للمتقين، والإنذار من الله للمختصمين، للأعداء، للمكذبين، الذين حرموا أنفسهم من رحمة الله بكفرهم وتكذيبهم وعداوتهم.
يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله أن الإنسان قد يفعل المعروف لمن يحب ولمن لا يحب ، ولكنه لا يتودد إلا إلى من يحب.
الآن سنتعرف على مفاتيح السعادة الناتجة عن الإيمان بالله ومودته سبحانه لمن به آمن:
أولا:
1. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16 الروم)
نلاحظ كلمة في العذاب محضرون، إنهم حاضرون دائما وأبدا حيث العذاب، فالقلق عذاب، والخوف بأنواعه عذاب، فمثلا الخوف من المرض أشد من المرض لأن المصيبة تقع على العبد ومعها لطف الله ورحمته.
يعني بالبلدي الفصيح إذا شعرت بعذاب أو قلق أو خوف أو اكتئاب أو ضيق فهذا معناه الوحيد أن عليك أن تجدد إيمانك بتجديد عهدك مع الله بالتوبة والإستغفار.
إذا أول مفاتيح السعادة التى يعقبها مودة ورحمة هي أن ننسلخ تماما من كل أفكار وأفعال الكفر، وأولها العداوة والبغضاء أوأن نٌبدي غير ما نٌخفي
2. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17 الروم)
3. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18الروم)
ثانيا وثالثا علينا بذكر الله وتسبيحه ليل نهار، تعمل جوارحنا وأيدينا وأرجلنا ولكن قلوبنا مع الله الواحد القهار نذكره ونسبحهه ونستغفره.
ولنا عند الله العزيز الحميد ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء حبل ممدود دائما ليخرجنا به ربنا من الظلومات إلى النور، وذلك بدليل الآية التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
[سورة الأحزاب]
4. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19الروم).
يعني بصريح العبارة يقول لنا ربنا أمضي في طريقك وحياتك ولا تخاف من مخلوق ولا تخاف من شيء حتى من الموت لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يخرج الحي من الميت، يعني عندما يموت عندنا أمل أو يخيب رجاء في من نحب فلنسارع إلى الله مولانا وربنا ليحيي ما قد مات فينا، ومعنى آخر جميل جدا تحمله لنا الآية التالية:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
5. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20 الروم).
فقط سنستخلص من هنا شيئا واحدا وهو أننا من تراب، فلا نتكبر ولا نزكي أنفسنا لأن الله تبارك وتعالى يزكي من يشاء وهو سبحانه ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء، نعم فله الكبرياء في السموات والأرض.
6. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21 سورة الروم).
هذه هي المفاتيح المؤكدة المفعول التى وضعها لنا ربنا لنحقق المودة والرحمة في حياتنا، ولكي نعرف نتيجة غيابهما أذهب إلى قاعة المحاكم، وأنظر في حياة المعذبين الذي حرموا أنفسهم من مودة الله ورحمته.
وهنا نصل إلى غايتنا وأتوجه لكل شاب وفتاة بنصيحة استخلصتها من الحياة، وهي أننا لن نجد في الظلام غير أهل الظلام، فإن أردت زوجة صالحة فأصلح من نفسك واخرج من الظلومات وتعرف على أهل النور، فإذا ما رأيت وشعرت بنور الله فاستسلم له ليتكفل هو بعدها بكل أمورك، وليكن حالنا هو :
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا