بسم الله الرحمن الرحيم
طبعا وجودي بينكم أصبح قليلا .. والأسباب كثيرة .. ولكني لا زلت أشعر بأني مرتبط إرتباطا وثيقا بهذا المنتدى وبصفحتي وبالنادي وبكل أعضاء المنتدى وبكل الزوار الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم ...
أعرف أن بعضنا يعيش بعيدا عن وطنه وعن أهله.. والبعض الآخر يشعر بإستغراب ودهشة وربما بحيرة شديدة بسبب ما يحدث .. فإن من ليس عنده مشاكل يكفيه أن يرى مشاكل غيره .. ومن عنده قوت يومه يكفيه من الهم أن يرى ويسمع عن أطفال يعانون من كل ألوان الحرمان، لابيت لا طعام لا أمن ولا آمان ...
وأقوى ما في الأمر أن هناك تضارب في كل شيء .. فما كنا نعتقده صحيحا بالأمس أصبح اليوم سرابا أو وهما أو إلى آخره ...
لذلك فكرت أن نسترجع ما لدينا من حظ عظيم .. يكمن في اتصالنا الحقيقي بالعلي العظيم .. حظا يعطينا الطاقة والحيوية اللازمة لنواصل رحلة عودتنا إلى أصل وجودنا ..
حظا نشعر به .. ويدخل الفرحة إلى قلوبنا .. ويزيدنا علما وفهما وإدراكا لكل الحقائق .. حظا يجعلنا ننام ونحن مستسلمين كلية لله الواحد القهار ..
حظا يجعلنا نبتسم دائما للناس .. ونعطيهم شيئا من الثقة التى أصبحت في ظل الذكريات.. وشيئا من الحب والدفئ الإنساني .. فكلنا يحتاج إلى مثل هذا ..
أما الآن فدعونا نرى حظنا اليوم فهو من السماء .. حظا مؤكدا .. حظا لن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تفسده أو تحرمنا الإستمتاع به .. فتابعوني بقلب مفتوح وعقل محرر من كل السلبيات .. فإن النور لا يجتمع أبدا مع الظلام:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
[ سورة فصلت ]
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
وهكذا نرى أن الإستقامة تقهر الخوف وتذيب الحزن .. وتفتح الأبواب لملائكة الرحمن ليبشرونا بالجنة وبالخير وبكل ما أعد الرحمن لعباده الكرام .. ولكن كيف تكون هذه الإستقامة؟ أو كيف نستقيم لله رب العالمين؟
يجيبنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
إذا هي الأخلاق .. قال العلماء الإيمان هو الخلق.. ومن زاد عليك في الأخلاق زاد عليك في الإيمان.. واليوم سأستودعكم سرا سيذهب عنا جميع منغصات الحياة وسيجعلنا سعداء رغم أنف من لا يريد ...
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا
هذا هو السر .. أن نكون حالنا الحقيقي من الداخل شاكرين لله رب العالمين .. ولكي نعرف هل نحن فعلا شاكرين لله علينا أن ندرس ونراقب عن قرب حالنا قبل الشكر وبعده .. فإن زاد إيماننا بالله .. فإن زاد حبنا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. فإن ذهب عنا الغم والقلق والحزن .. فإن استطعنا أن نعفو عمن ظلمنا .. فإن استطعنا أن نمد غيرنا بما يحتاج ماديا ومعنويا .. إن استطعنا كل ذلك فنحن فعلا قد شكرنا ربنا تبارك وتعالى وقد زاد إيماننا.
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وهكذا سنرى أثر إيماننا الحق بالله العلي العظيم في كلامنا .. الطريقة التى نتكلم بها مع الناس.. خاصة من ليسوا على وئام معنا.. [ هذه مرحلة تحتاج لوقت ومراقبة شديدة للنفس وطريقة كلامنا ] كل محاولة لتصحيح مسارنا ستزيدنا حبا لله ولكل خلق الله وأولهم أنفسنا .
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
وهذه هي الطريقة المثلى والمؤكدة والسارية المفعول أن ندفع بالتى هي أحسن .. زمان علمونا ونحن أطفال أن نقول لمن أغضبنا أو أساء إلينا [ الله يسامحك ] ...
ياريت نرجع تاني لهذا الخُلق العظيم وندرس عن قرب طفولتنا ففيها شخصيتنا وفيها تختبئ النفس وتتقلب بين جنبات الذكريات.
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
مرة تانية نعود إلى الصبر الجميل .. فهو مدخلنا إلى كل حظ عظيم .. صبرا يجعلنا نرى أن ما يحدث حولنا مما ينغص علينا حياتنا هو رحمة كبيرة جدا من الرحمن الرحيم.. فهو يبتلي خلقه ليقومهم ويبعدهم عن النار وعن عبادة الطاغوت.