29 sept 2013

كيف نغير ما بأنفسنا

(3 م)
معطيات التغيير والترقي وبناء الشخصية والأسرة والمجتمع
الوصية الأولى
أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
نتخذ من كتاب الله تبارك وتعالى حبل نجاتنا من الشرك، فالقرآن هو دليلنا، وهو الروح والنور بالنسبة لنا، وفيه حبل النجاة، نستخرج منه ما يعيننا على حسن عبادة ربنا ...
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً
عندما ندعو الله مخلصين له الدين ونتضرع إليه، { لا أدري إن كنا نعرف معنى التضرع } التضرع إلى الله هو أحساسك بالهلاك والضياع فتتزلل إلى الله وتتضرع إليه بكل كيانك وقوتك لينقذك من النار ومن الهلاك ومما تخاف وتحذر، الذين تضرعوا إلى الله من قبل يعرفون بل يدركون بل إنهم قد عاشوا معنى التضرع وجربوا نتائجه..
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)
مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى سيأخذ بأيدينا وسيلبي لنا دعاءنا وسيقبلنا عنده برحمته لأنه سبحانه هو الكريم الجواد ذو الرحمة واسع المغفرة، ومن رحمته بنا ورعايته لنا ينبهنا أنه سبحانه لا يحب المعتدين، فلا تعتدي على أحد، وهذه من أقوى علامات عدم الشرك بالله، لأن الذي يعتدي يشرك بالله هوى نفسه فيغضب لنفسه ويثأر لها، وتحدثه نفسه بأنه إنما رد على من اعتدى عليه، من يقرأ القرآن سيجد آيات كثيرة تأمرنا بالعفو عن الناس.
وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا
أيضا عدم الإفساد في الأرض هو دليل طاعتنا لله العلي العظيم، وطاعتنا لله العلي العظيم دليل عدم الشرك به سبحانه،  وصور الفساد كثيرة، منها الكذب والغش والخداع والنميمة وسب الطفل وضربه وإهانته ومعاملة الزوجة معاملة سيئة، والإساءة إلى الجار، ولدينا حديث هنا في منتهى القوة نرجو الله أن نطبقه في حياتنا فننجو من الشرك :
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب خلاصة حكم المحدث: حسن
حسن معاملة الناس إبتداءا من الجار دليل حسن الإيمان ودليل عدم الشرك بالله، ذلك لأن الإيمان بالله جزء لا يتجزأ، فالعبادة هي الطاعة الكاملة لله رب العالمين.
وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا
مرة أخرى يأمرنا الله تبارك وتعالى بالدعاء، ولكن في هذه المرة ينبهنا أننا يجب أن نحول خوفنا من أي شيء، خوفنا من الفقر ومن المرض ومن الناس ومن الفشل ومن ظلم الظالمين، أي صورة من صور الخوف يجب أن نحولها تلقائيا إلى الخوف من الله، خوفا مصاحبا بالطمع في رحمته وفي إحسانه...
إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
ولكي نحصل على رحمة الله كاملة يجب أن نحسن، نحسن إسلامنا، ونحسن إيماننا، ونحسن صلاتنا، ونحسن اتصالنا بالله العلي العظيم، ونحسن كما أمرنا الله أمرا واضحا وقاطعا في الآية التالية:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
يجب أن نحسن إلى جميع خلق الله، بل يجب أن يكون الإحسان هو صفتنا الغالبة في كل أفعالنا وتصرفاتنا وكلامنا وتعاملتنا، وهذا الإحسان هو تفعيل الإيمان بالله، إن كنا نؤمن بالله فنحن نؤمن بأنه يراقبنا وأنه سبحانه معنا إينما كنا، وأنه سبحانه يعلم ما نعلن وما نخفي، وأنه سيحاسبنا على كل ذلك  لنصل بهذا إلى درحة الإحسان والتى تنفي عنا الشرك بالله العلي العظيم لأننا سيكون حالنا هو من يعبد الله كأنه يراه، فإن لم تراه فإنه يراك.
الراحمون يرحمُهم الرحمنُ . ارحموا من في الأرضِ يرحمْكم من في السماءِ، الرحمُ شِجنةٌ من الرحمنِ فمن وصلها وصله اللهُ ومن قطعها قطعه اللهُ
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
نعود هنا إلى القلب الرحيم، والرحمة في أقل تعبير لها هي مزيج من الرقة والإحسان، وعندنا بعض آيات الرحمة، حاول أن تكون رحيما مع نفسك أولا فتبين لها حلاوة الطاعات وحلاوة القرب من الله فإن لم ترتجع فبين لها مواطن عذاب الله وما ينتظرها بعد موتها فستخشع وترتدع بإذن الله.
( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ )
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
إلى هنا تنتهي رحلتنا اليوم فأترككم في رعاية الله وحفظه، نريد أن نتوحد كلنا، هنا وفي كل مكان، فإن لجماعة المؤمنين المتحابين رحمة خاصة عند الله، ونحن في حاجة ماسة إلى هذه الرحمة لنستطيع مواصلة الحياة وما نرى فيها من ظلم جائر وغربلة قوية وشديدة يفصل فيها ربنا بين الكافر والمؤمن الموحد التقي، أما من هم ليسوا هكذا فيفصلهم الله عن الذين آمنوا ليلقوا مصيرهم
{ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }