فَتَلَقَّى آَدَمُ
مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(37) البقرة
هذه
الكلمات هي
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ (7:23)}
فتاب الله عليه، وغفر له ذنبه إنه تعالى هو
التواب لمن تاب مِن عباده، الرحيم بهم.
هذه الآيات الكريمة تدلنا على أن هناك إتصال بين العبد
وربه... يتوب العبد إلى الله ويستغفره فيغفر له ربه ويظهر له في نفسه علامة مغفرته
سبحانه وتعالى فهو أرحم الراحمين...
إذا
هناك علامات لقبول التوبة فهل شعرت بها؟
بعض الأعضاء أكرمهم الله، قد
قصو علينا ما حدث لهم نتيجة إستغفارهم.. قد يظن البعض من كثرة ما يقوم من عبادات
المفروض أنها تقربه من الله ، يقف عند ذلك، وتستمر حياته في روتين لا ينقطع،
ويعتبر كالنائم يحلم، ثم يقذف الله عليه شيئا يوقظه، في نفسه أو ولده، أو عمله، أو
إلى آخر كل ذلك مما يصيبنا في حياتنا اليومية...
فالإستغفار يا سادة هو مطيتك
إلى النور... فإن شعرت بشيئ من الظلام في حياتك، فعليك بمزيد من الإستغفار...
المصائب
على اختلافها تأتينا من الظلام..
إن لم يحملك إستغفارك إلى الخشوع... فأنت في
حاجة شديدة لمزيد من الإستغفار
إن لم تبكي وأنت في حضرة
الله، وإن لم يوجل قلبك ويهتز كيانك عند سماعك لكلام الله، وإن لم تخر ساجدا داعيا
ربك ومتذللا له عندما ترى الموت وقد حل بأحد الناس، فأنت بحاجة إلى مزيد من
الإستغفار.
وعندما تهاجمك المشاكل
والمصائب والأحزان، فهذا معناه أنك في حاجة للرجوع إلى الله، لأنك عندما تكون في
جنب الله، تعبده وتصبر لعبادته، وتذكره وتصبر على ذكره، وتدعوه خوفا وطمعا وجهرا
وخفية، تكون في معية الله فلا تجرؤ عليك المصائب. أخي في الله إن لم تصدقنيى فعش
دقائق مع آيات الله التى ساقها الله تبارك وتعالى لك اليوم فهي رزقا حسنا لك فخذه
بقوة ولا تفرط فيه...
يقول تبارك وتعالى في محكم آياته:
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا
وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا
لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة.
بدأنا برسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فصلي عليه ثم استغفر ربك لكل مرة سمعت ذكره ولم تصلي عليه، وإن أردت
الزيادة فقل اللهم صل وسلم وبارك على نبيك ورسولك في كل مرة سمعت ذكره ولم أصل
عليه، وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك ورسولك محمد في كل مرة جاء ذكره على مسامع
أحد أولادي ولم يصل عليه، وهكذا تجد نفسك وقد دخلت بصلاتك على نبيك أشرف وأطهر
الخلق صلى الله عليه وسلم في حضرة ربك ونبيه... فتنعم وتسعد وتصلي عليك ملائكة
الرحمن وتنعم بغفرانه .. الآن إلى الآية التالية على تلك الكريمة:
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي
وَلَا تَكْفُرُونِ (152) البقرة
فاذكر ربك كما أمرك ويكون
لسان حالك تأدبا مع ملك الملوك الذي يهب الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء،
يكون حال لسانك معه سبحانه.. ربنا أمرتنا أن نذكرك وقد بدأت أنت سبحانك بذكر نبيك
فصلينا عليه ثم ذكرناك... فتقبل منا واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم .
الآن أنتبه معي جيدا، وافتح
أذان قلبك، واستحضر فيه العلي العظيم، لأن الآية التالية فيها حصنك ونجاتك، إن كنت
في زمرة من شملتهم الآية فهنيئا لك بمعية ربك، معية فيها نجاتك من النار، ومعية
ترفعك لأعلى الدرجات، ومعية تسمو بك وترقى إلى حيث لا يعلم مداه إلا الله، وإن لم
تكن ممن ذكرتهم الآية فخر لله ساجدا أن يجعلك منهم.. فأنتبه رحمك الله وإيانا...
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
أخي في الله .. هل أنتبهت
لترتيب الآيات ؟ سأعيدها كاملة على مسامع
أعضاءنا الكرام.. فربما دخلنا بإذن الله وبفضله في زمرة من شملتهم آيات الرحمن
المحكمات...
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ
يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ (153) البقرة.
هل لاحظت التدرج في
الآيات؟ ذكرنا المولى عز وجل بأن فينا
رسوله صلى الله عليه وسلم، يتلوعلينا آيات الرحمن، وقد علمنا الكتاب والحكمة، كما
علمنا ما لم نكن نعلم وهذه لنا الآن...
ثم بعد العيش مع ذكرى رسول
الله صلى الله عليه وسلم، تأخذنا الآية مباشرة لذكر الله، ذكرا كثيرا، ثم يحملنا
ذكر الله تبارك وتعالى إلى أكبر عطاء من الله وأعظم ما في الوجود من نعم ورحمة
وبركات لا يعلم مداها إلا هو سبحانه.. ألا وهما الصبر والصلاة...
أقرأوا عن الصبر وعن الصلاة
في كتب علماءنا الأفاضل، وستجدون العجب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الصبر أنه ضياء، وقال أيضا أن الصبر أكبر عطاء، وأما الصلاة فقد فرضها الله فيما
فوق سبع سموات، وهي أول فريضة تفرض في السماء، وفيها عطية رسول الله صلى الله عليه
وسلم عندما نقرأ التشهد الأول والثاني في صلاتنا...
والآن سأترككم مع كلام الله،
وفي حفظه ورعايته، ومع إستغفار جديد لعل وعسى نتوحد كلنا في مستوى واحد من الذكر
والإستغفار.. فإن الله لا يحب أن تذهب إليه بمفردك وتترك أخاك، لهذا سنأخذ بأيد
أخواننا فتتشابك الآيادي وتتوحد الوجهة والوسيلة إلى رضا ربنا سبحانه وتعالى...
وفي اللقاء القادم بإذن الله
تعالى سنعيش مع الآية رقم 154/155 من نفس السورة، ففيها مفاجآت كبيرة جدا، وكلنا
بدون إستثناء سندخل في رحابها إن شاء الله تعالى... لا تتكاسل ولا تتركنا فقد
بدأنا مشوارنا سويا، فلا تتخلف عنا فالله يحب أن يعبد في جماعة متحابين فيه،
متعاونين في جلاله، ومتأخين في سبيله وإبتغاء مرضاته.