19 ene 2013

الإِنْفَاقُ في وُجُوهِ الْخَيْرِ


« الإِنْفَاقُ في وُجُوهِ الْخَيْرِ »
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ ؟ 
قَالَ : « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ » .

أخرجه الشيخان
***
انتبه لشيء تمر به كل طلعة شمس
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« مَا مِنْ يَومٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَاً خَلَفَاً 
وَيَقُولُ الآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكَاً تَلَفاً » متَّفَقٌ عَلَيْهِ .
***
كل ما تعلمه لك فيه أمران ستحاسب عليهما
أن تعمل بما علمت ثم تعلمه لمن حولك 

وَعَنْ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « لا حَسَدَ إِلَّا في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلى هَلَكَتِهِ في الْحَقِّ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا » .

متفق عليه
وهكذا نرى أن الإنفاق يشمل كل شيئ أعطاه لك ربك، العلم والحكمة والمال والطعام والشراب وأي موهبة لديك، وكل نعمة تنعم بها كالسمع والبصر والصحة والذكاء والخبرة في أي عمل والشجاعة والكرم وحسن الخلق، فكل يجب أن ينفق مما عنده.

قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين


لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
***
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) المائدة.
***
 قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين
قال الشيخ الشعراوي رحمة ربي عليه،{ لقد كان لي رحمه الله مصباحا ينير حياتي كلما أظلمت} قال رحمه الله  في شرح هذه الآية الكريمة: أن الكتاب المبين هو القرآن الكريم، ثم سأل بطريقته المعروفه حتى يشد إنتباهنا للآية، قال الكتاب المبين هو القرآن فما هو النور؟  الآن هيا بنا نعيش مع نور الهدى والحق بعض الوقت:
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النور الذي جاءنا، ينور حياتنا.. لقد جاءنا بأعظم ما في الكون .. عُرج به إلى ما فوق سبع سماوات وعاد إلينا بأجمل هدية من الرحمن الرحيم ذو العرش المجيد .. عاد إلينا بخمس صلوات في اليوم والليلة فيها من الرحمات والبركات ما يعجز عن وصفه البشر، وفيها سلام من رب العالمين جل جلاله وفيها سلام من خاتم الأنبياء المرسلين ...
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ
جاءكم من الله.. هل تستشعر المعنى؟.. عندما تعود إلي بيتك ويخبرك أهل البيت أن قد جاءك خطاب، دون شعور منك ستسأل من أين؟ من الذي أرسله؟ فيخبرونك أنه من عزيز لديك لم تره منذ سنوات طويلة.. فماذا سيكون شعورك.. لقد رأيت اناسا يقبلون الخطاب، ويقرأونه ربما أياما وليالي.. لأنه من عزيز لديهم.. لأنهم يتوقون شوقا ولهفة على هذا الغائب .. وها نحن أمام بشرى من العلي العظيم :
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا
صلاتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخلك أو تحمل إليك أنوارا ثلاثة.. كما هو واضح أعلاه.. وأقسم بالله العلي العظيم أن الصلاة على رسول الله ليل نهار تغير حياة الإنسان ودائما إلى الأفضل، حيث النور والإطمئنان، بجانب أنك تشعر بشوق كبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شوق حقيقي  وليس كلاما.. وعلامة ذلك هي دموع تذرفها بداية من أثر وجدك، ونهاية هي دموع الحمد لله رب العالمين، تحمد الله أنك أحسست برسول الله صلى الله عليه وسلم ..أحسست به يطبطب عليك، يقول لك أنا بجانبك، وربما نصحك، وربما غير حياتك، وربما دعا لك ربك... وذلك كله بدليل الآية...
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
 عندما تكون عندك مشكلة عويصة، صل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إقرأ سيرته العطرة، إستحضره في قلبك، فإن ذكراه سكن لك، به تهدأ نفسك، ويطمئن قلبك، وتشعر بحالك وكأنك طفل صغير قد هدهدته أمه وضمته إلى صدرها فتهدأ وتجف دموعك وبعدها تعود إلى حياتك الطبيعية وكأن مشكلتك كانت قطعة من الثلج أذابها الهواء...
أفضل القربات
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
{ هذه نبذة صغيرة نقلتها لحضراتكم من إسلام ويب}.
فإن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي يفرج الله تعالى بها كل هم ويشفي بها من كل غم، فعن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح ـ وأحمد، وحسنه ابن حجر والألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك، وفي الرواية الأخرى: إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك ـ وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات.والله أعلم. إسلام ويب.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) المجادلة.
عندما ينادي علينا ربنا ليقول لنا إذا ناجيتم الرسول{ صلى الله عليه وسلم } هذا معناه أنه سبحانه وتعالى يخاطبنا نحن أهل هذا العصر والعصور المقبلة.... إذا اقتنعت بهذا فقد وجبت عليك الطاعة والتلبية...
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً
إذا قد وضح لنا الأمر.. ما أرحمك ياربنا.. تدلنا على ما في الخير لنا.. إذا صليت على حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقدم صدقة... وما أكثر الصدقات .. فمجرد مقابلتك أخيك بوجه بشوش صدقة..تلبية نداء والديك مسرعا من أكبر الصدقات، تقبيل أيديهما من أكبر الصدقات، صلاتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت مسموع لتذكر به من غفل عنها من أكبر الصدقات.. وكل صدقة من هذه هي نور يدخل إلى قلبك فترتاح، وتسعد وتنقل سعادتك هذه لكل من حولك..
ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ
ربك الذي خلقك يؤكد لك الخير فيما تقدم من صدقات، فهو سبحانه يطهرك بها.. وتطهير الله لك لايمكن أن تتصور مداه، فهو يطهر قلبك من كل ما يمنع دخول النور والخير إليه، ويطهر عقلك من تلك الأفكار التى أتتك من الخارج واحتلت في عقلك جزءا كبيرا أو صغيرا، ثم يطهر نفسك من تلك الترائب التى تراكمت فيها فحجبت عنك النور الإلهي..
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) المجادلة.
الله سبحانه وتعالى يعرف إن كنت ستجد أم لن تجد.. ولكنه ترك المسألة لضميرك لأنه سبحانه وتعالى جعل من كل عمل مما أوضحناه أعلاه صدقة يكافئك عليها خير الجزاء..مثل أبتسامة لا تستغرق وقتا ولاتكلفك مالا ولا جهدا ولكنها صدقة يضاعفها لك ربك على حسب صدق مشاعرك وأنت تعطيها للآخرين.
وعن الصدقات يحدثنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
يصبحُ على كلِّ سلامي من أحدِكم صدقةٌ . فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ . وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ . وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ . وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ . وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ . ونهيٌ عن المنكرِ صدقةٌ . ويجزئُ ، من ذلك ، ركعتان يركعُهما من الضحى.
الراويأبو ذر الغفاري المحدثمسلم المصدرصحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 720
خلاصة حكم المحدثصحيح
الآن لدينا في نادي العضلات الإيمانية بمنتدى عمرو خالد خمس تمرينات هي خمس عبادات محببة إلى الله العلي العظيم تبارك وتعالى، ندخل بها على مولانا نستزيد من رحمته ومن عطاءه ونتقي بهن غضبه وناره والعياذ بالله، هذه التمرينات والتى هي بمثابة عبادات تتلخص فيما يلي:
1.   الإستغفار.. وهذا انطلاقا من قول المولى تبارك وتعالى:{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ  }.
2.      التسبيح وذكر الله، إنطلاقا من قوله تبارك وتعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) }.
3.   الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفيذا لأمر الله لنا:{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  }.
4.      الصدقة.. تنفيذا وتلبية لأمر الله تبارك وتعالى:{ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً  }.
5.   صلة الرحم إنطلاقا من أمر الله تبارك وتعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6) الأحزاب }.
وكل تلك العبادات ستكون مصاحبة بإذن الله تعالى بالدعاء لأنفسنا ولأهلينا ولإخواننا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات....
وإلى أن نلتقي في العدد القادم أترككم في رعاية الله وحفظه واستودعكم الله دينكم وآماناتكم داعيا الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين والحمد لله رب العالمين .
وهذا رابط نادي العضلات الإيمانية 

16 ene 2013

( 1 ) مكانة المرأة في كتاب الله


مكانة المرأة في كتاب الله
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) البقرة.
أول بيت لها كان في الجنة، وأول عهدها بزوجها عهد مشرف وجليل تٌحًفه الرهبة والإحترام من كل الكائنات، كل شيئ مسخر لها، ليس عليها إلا أن تكون خلف زوجها يستمتعان معا بنعم الله..
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
لم يقل المولى عز وجل أسكنا الجنة، ولكن ذكر آدم وذكر زوجته، ليكونا الإثنان معا في كل شيئ، في المتعة وتنفيذ الأمر ومواجهة المواقف المترتبة على وجودهما..
وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا
أنت وهي كلا منها رغدا.. الأمر موجه لهما معا، أصبحا مشتركان في كل شيئ، في المتعة وفي المسئولية...
وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
أنت الآن مسئولة معه عن تنفيذ أمر الله، فالكلام موجه لهما معا، { وَلَا تَقْرَبَا } أنت وهو معا كما تمتعتما معا بكل النعم المتاحة، فأنتما معا مسئولان عن تنفيذ أمر الله .
جُبل الإنسان على حب الكمال والجمال والنوال
هنا كان أول عهد أم البشر، والتى بطبيعة الحال كانت أما للجمال، وأما للحنان، وأما للدفئ والعطاء، وكانت على أجمل صورة ممكن أن يتخيلها بشر، لأنها من صنع الرحمن، وضع فيها سبحانه من الأسرار ومن الغموض ومن القوة ما جعلها أهلها لمواصلة عملية الخلق، خلق الإنسان على الأرض، لقد قامت بها المرأة  في جزءها الأكبر، ثم أصبحت هي الأبنة والأخت والعمة والخالة والجدة ..
الكمال
يأخذني خيالي كالعادة ويسبح في أعماق بعيدة، فأتصور أبونا آدم عليه السلام وكأنه أقرب شيئ للكمال ولا أقول كأنه الكمال، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى...
والجمال
ثم يصل بي خيالى إلى أم البشر، أم الإنسانية، فأتصورها أصل الجمال في الإنسان، وأصل الحنان في النساء، أول حضن، وأول دفئ بشري، وأول عيون في جمالها وكمالها، وهنا عندما يجتمعا معا الكمال والجمال فإن الله يمن عليهما معا بالنوال، فيعطيهم من فضله ويشملهم برحمته ورعايته، هذا والله أعلى وأعلم.
وسنواصل مع المرأة في كتاب الله، فقد جعل منها المولى تبارك وتعالى مثلا أعلى يحتذى به، وكرمها في مقام الأنبياء، وجعل لها سورة باسمها في كتابه، { سورة النساء} ثم حدثنا عنها ملكة، وحدثنا عنها أما صالحة طاهرة نقية، وحدثنا عنها أبنة عفيفة شريفة طاهرة، وحدثنا عنها أختا صابرة واعية ذات بصيرة وصبر، وحدثنا عنها زوجة صالحة لملك فاسد، وحدثنا عنها في مواقف كثيرة جدا، فهي أيضا شاهدة أمر الله بالأخذ بشهادتها...
وهكذا فانتظرونا، أرجو من كل النساء والفتيات في منتدى عمرو خالد أن يقومو بنشر هذه فيما بينهم وعلى صفحات المنتدى فحقوق الطبع والنشر محفوظة لكل النساء ولكل مسلم موحد بالله.
السبت 12/1/2013.
http://forum.amrkhaled.net/showthread.php?516032-%E4%C7%CF%ED-%C7%E1%DA%D6%E1%C7%CA-%C7%E1%C5%ED%E3%C7%E4%ED%C9

( 2 ) مكانة المرأة في كتاب الله


( 2 )
مكانة المرأة في كتاب الله
***
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم ..
نواصل هنا رحلتنا مع المرأة في كتاب الله.. ذلك المخلوق العظيم الذي حار علماء الأرض في معرفة قدرتها الرهيبة التى هي سر تقدم الحياة، وهي سر نجاح الرجل في مهمته الأولى وهي إعمار الأرض، والرجوع بأسرته من حيث أتى .. فقد خلقه الله سبحانه وتعالى بيديه في جنة النعيم{ آدم عليه السلام } ثم جعل سبحانه وتعالى آمانة إستمرار الخلق في رحم المرأة، وحملها مسئولية الحفاظ عليه { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ  }...
عندما أبدأ الكتابة في هذا الموضوع أشعر بحنين شديد إلى أمي..رحمها الله.. كم عانت وكم ضحت وكم تحملت وكم كانت رحيمة حنونة وطيبة زكية...
في هذه السلسلة سنعيش مع ما قصه علينا الرحمن الرحيم عن الأمهات أولا، ثم مع الأبنة ثم مع الأخت ثم مع الزوجة ثم مع المرأة عموما ملكة وخادمة .. ولم يحرمنا الله تبارك وتعالى من ذكر الخالات والعمات والنساء عموما.. وسنلمس ونعرف ونعيش قيمة المرأة.. فقد صدق من قال وراء كل عظيم إمرأة عظيمة...
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) آل عمران.
يا لروعة الأسلوب القرآني، أنه يجعلك تعيش معه وتستمع بكل كلمة، بل بكل حرف، بل إنه يملأنا عز وفخرا وحبا وحيوية، ويزيدنا نهما وشوقا لمعرفة الحقائق الخالصة التى لا تقبل الريب ولا يرتابها شك، فهو روح وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه...
قبل أن يقص علينا ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء، قصة أم مريم عليهن السلام، يخبرنا بجذورها المصطفاة منذ آدم عليه السلام....
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ
أربعة جزور.. أربعة أركان.. أربعة عائلات... آدم ونوحا وآل أبراهيم وأل عمران.. ليخبرنا أنها ذرية بعضها من بعض...حتى نعرف ونتأكد أن الأصل الطيب يتصل ويدوم إلى يوم الدين...
فهنئا لكل أم حافظت على جذور أصلها الطيب، فتظل كشجرة  تنتج الثمار حتى تقابل ربها وفلذات أكبادها ينتظرونها على باب الجنة... هنيئا لكل أم تعلمت دينها وعلمته لأولادها.
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)
هذا أول خاطر طيب من نوعه في تاريخ البشرية، إمرأة عظيمة من أصل طيب ، فهي من ذرية آدم عليه السلام الذي خلقه المولى تبارك وتعالى بيده، ثم أسجد له ملائكته، ثم سخر له ما في الكون جميعا، ونوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه 950 سنة ليؤمنوا، كم كان صابرا، وحليما، وشجاعا، ومخلصا لله العلي العظيم، ثم آل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، خليل الرحمن، ثم آل عمران.. مجرد سماع اسماءهم ينشرح صدري.

رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا
قلبها الطاهر، ونفسها العفيفة،  وأصلها الطيب، كل ذلك جعلها تفكر في الطريقة المثلى ليستمر كل ذلك لعائلتها، كانت تعرف أنها من ذرية أشرف الخلق، ذرية أصطفاها الرحمن الرحيم، كانت تشعر بطهارة آدم وبراءته، وصبر نوح وشجاعته، وقرب إبراهيم من ربه، ثم زوجها عمران عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام..
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)
بعاطفة الأمومة، أرادت أن تكون ذريتها أستمرارا لمحبة الله والإخلاص له.. استمرارا  للنخبة المصطفاة من عباد الرحمن، فنذرت ما في بطنها محررا.. محررا من كل ما سوى الله، أن يكون ما في بطنها خالصا لله كما كان أجدادها عليهم السلام ...
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)
يخاطب الله تبارك وتعالى كل زوجة، وكل أم أن تسلك نهج إمرأة عمران، أن تعيذ أولادها من الشيطان الرجيم، أن تخلص النية لله، وأن يكون أولادها طيبين طاهرين عابدين لله رب العالمين، فيسبقونها إلى جنات الخلد والنعيم.
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)
يجب أن نعيذ أولادنا من الشيطان الرجيم، أن نحصنهم بالإسلام، ليس فقط بأن نأمرهم بالصلاة ، ولكن أن تكون كل أم مخلصة لله وتستعيذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم، وتحصنهم بحصانة الإسلام والإيمان بالله العلي العظيم، لابد للأم أن تحتضن أولادها، وترضعهم الإيمان بحسن تعاملها وتصرفاتها أمامهم، لابد من أن تسقيهم الإيمان كما تسقيهم من لبنها..
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
تقبلها ربها بقبول حسن.. وهكذا سيكون الأمر مع أي أم تهب أولادها لمن خلقهم.. لله العلي العظيم .. فينبتهم ربهم نباتا حسنا.. وكأنها شجرة طيبة مباركة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها..
وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا
لابد من كفيل صالح، لابد للأب من أن يكون صالحا، حتى يستطيع أن يكفل النبت الطيب، ولابد من أن يكون الأب أو الكفيل على درجة من كبيرة من الإيمان حتى يسقي نبته من نفس الماء الطاهر..
  قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
لابد للأب أن  يسأل من أين لك هذا، حتى يطمأن على أولاده بأنهم لم يقترفوا مالا من حرام..وهذا ما قد افتقدناه في وقتنا هذا، ربما السبب هي الرشوة، أو الحصول على المال بأي وسيلة.. لهذا نرى ما نرى في مجتمعاتنا، ولكننا الآن قد عرفنا ما يجب علينا فعله، أن نتوب إلى الله وأن نعيذ أولادنا من الشيطان الرجيم.
هذه كانت قصة أم عظيمة، خلفت أبنة صديقة جعل منها الله تبارك وتعالى مثلا للصلاح والطهر والعفة والبركة وآية كبرى تدل على عظمة الخالق العظيم سبحانه وتعالى...
ليتنا نتعظ من تلك القصص.. تابعونا فلا زال كتاب الله مكتظا بالكنوز والعظات..وإلى اللقاء القادم إن شاء الله مع مريم إبنة عمران، التى جعلها الله سبحانه وتعالى آية للعالمين، عندما بدأ عقل الإنسان يتطور ويكتمل نموه، بدأ يسأل كيف يحي الله الموتى؟ وكيف يخلق الله من لا شيئ؟ فأجاب الله تبارك وتعالى خلقه بأن جعل فيهم آية الخلق.

14 ene 2013

الإنفاق في سبيل الله



التمرين الرابع
الإنفاق في سبيل الله
الأثنين 14/1/2013
***
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) آل عمران
البر هو الإحسان والكمال في الخير.. هذا معناه أننا أمام شيئا في منتهى الأهمية، فلن نجني ثمار أعمالنا إلا إذا حصلنا على البر..
لن نصل إلى درجة الإحسان في عموم حياتنا وخاصتها إلا إذا منحنا الله سبحانه وتعالى درجة البر، التى ربطها المولى عز وجل بالإنفاق مما نحب..
وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) البقرة.
ليس فقط الإنفاق، فنحن في كثير من الأوقات ننفق مجبرين على الإنفاق، والله تبارك وتعالى يأمرنا بأن ننفق مما نحب حتى نبرهن بذلك على صدق إيماننا بالله العلي العظيم...
وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270)
لاحظت أثناء رحلتي مع كتاب الله، أن المولى تبارك وتعالى دائما ينوه عن الشيء وضده، كما هو الحال  في هذه الآية، ذكر فريق المؤمنين وما ينفقون، ثم يوضح لنا سبحانه وتعالى أن الظالمين ليس لهم من دون الله  من ولي ولا نصير..
إذا وبغير شرح أو تفسير نفهم أن الله نصير الذين ينفقون في سبيله، هو معهم بولايته إينما كانوا، ينصرهم ويتولاهم..
أخي في الله، كم من مرة كنت في حاجة لمن ينصرك؟.. كم من مرة كنت في حاجة لمن يشد أزرك ويؤيدك؟ كم من مرة تمنيت على الله أن يظهر لك الحق لتتبعه؟
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ
لقد أجابك المولى عز وجل بقوله { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }.. وكأن الإنفاق مما نحب يخرجنا من زمرة الظالمين ويدخلنا في ولاية الله تبارك وتعالى ونصره.
إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)
لك مطلق الحرية في أن تبدي الصدقات أو تخفيها، عليك أن تبديها إن كنت معروفا بين الناس بالغني حتى تكون عبرة لغيرك من الأغنياء، وحتى تتجنب حقد الفقراء وتكسب ودهم..
وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وزيادة في الخير أخفها وأتها الفقراء ممن تعرفهم ويعرفونك، ولا يسألون الناس إلحافا، فينالك من الله كل الخير، خيرا لا تتوقعه، خيرا عظيما لأن الذي يعطيه هو العلي العظيم.
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)
يقطع الله تبارك وتعالى الشك باليقين، ولا يترك في رأس مخلوق أي سؤال، يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس عليك هداهم، فإن الذي يتبع الهدى سيهديه ربه، ثم يربط المولى تبارك وتعالى الهدى والخير والصلاح وحسن المكافأة من الله بالإنفاق..
وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ
كل ما ننفق من مال وجهد ووقت يجب أن يكون في سبيل الله وإبتغاء وجهه الكريم سبحانه وتعالى.. إن كنت تريد أن تكون من الذين ينعمون بالنظر إلى وجه الله فعليك إبتغاء وجه في كل ما تنفق وفي كل ما تقوم به من أعمال.
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة.
الصدقات تطهرنا وتزكينا عند ربنا وخالقنا، خاصة إن أخرجناها طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم  ومصاحبة بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها سيكون لها مفعول السحر في حياتنا، تطهر أنفسنا من كل ما يعوق تقدمنا في رحلة الإيمان وطريق الوصول إلى رضى الله الرحمن تبارك وتعالى.
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)البلد
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)
عقبة ستواجهها في نفسك، دائما ستقول لك نفسك نحن في حاجة إلى هذا فلا تنفقه فأولادنا أولى به، أو تقول لك نحن أولى به لحاجتنا الشديدة إليه، أو تقول لك لقد تصدقنا كثيرا هذا الشهر، أو تقول لك علينا مدفوعات كثيرة، ستجد كل ذلك في نفسك، فلا تطعها واقتحم هذه العقبة وكأنك قد مهدت وعبدت طريقا أو جسرا تعبر عليه أعمالك الصالحة.
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
كل ما سبق من تمرينات، كل ما قمنا به من أعمال، كل تسبيحة واستغفار وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سيقف خلف هذه العقبة...
هل تعرفون قصة السمك،.. سمك السلمون رحلة طولها حوالي 4000 كيلومتر ليضع بيضه ثم يموت، وعندما يخرج فقس البيض ويكبر يكرر نفس الرحلة مرة اخرى قاطعا نفس المسافة، مواجها صعوبة يعجر عنها البشر، وهي القفز إلى أعلى عند شلالات المياه  التى يبلغ طولها حوالي سبعة أمتار وعكس التيار.
وهناك معلومة تقول أن سمك السلمون يصوم 7 أيام ليحصل على الطاقة اللازمة للقفز 7 أمتار إلى أعلى وعكس شلالات المياه...
فلا تتطاوع نفسك واقتحم عقبتك وأنفق مما تحب إبتغاء مرضاة ربك... حتى تنعم بكل الخير وبكل ما قمت به من أعمال صالحة، التى نعتقد أنها صالحة، وهي في الحقيقة تقف خلف عقبة الإنفاق حتى نقتحمها فننال الخير كله من العلي العظيم .
معنا الآن أربعة تمرينات هي اربع عبادات:
1 ـــ الإستغفار.        2 ــ التسبيح.   3 ــ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.       4 ــ  الإنفاق إبتغاء وجه الله.  5 ـ صلة الرحم المصاحبة بالدعاء لهم.
والتمرين الخامس والآخير سيكون بإذن الله تعالى صلة الرحم  والدعاء بما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء في كتاب الله من دعاء الأنبياء.
أذكركم ونفسي بهدفنا الأول في هذا النادي  وهو تحقيق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يخبرنا فيه كيف يجب أن نكون:....
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى
[مسلم]
لذلك أرجو من الجميع أن يعلن الحاضر الغائب، وأن نكون جميعا أخوة في الله، يخاف بعضنا على بعض، ونسارع في تقديم العون والخير لمن أنضم ألينا هنا لنقوي عضلاتنا التى ترهلت وفقدنا بسبب هذا الترهل كثيرا من الخير.
لازال لنا بقية في هذا التمرين، سنكشف الغموض عن كثير من النقاط المهمة جدا والتى ستعيننا على التقدم في طاعة الله وعبادته على مراد الله، وتصحيح كثيرا من المفاهيم الخاطئة والعادات السيئة التى نرتكبها دون أن ندري أحيانا..
وحتى يتم هذا عليكم بقرآة سورة البلد وتدبرها والتعمق فيها فإن فيها العقبة الحقيقية التى تواجهنا الآن، وسنتناولها بالتفصيل في الأيام القادمة إن شاء الله .
وإلى هذا الحين أستودع الله دينكم وآماناتكم داعين الله عز وجل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه... وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير لديننا ودنيانا وآخرتنا...

13 ene 2013

العمل الصالج


أحا
أحاديث رمضان 1422 - موضوعات قرآنية - الدرس ( 03 - 52 ) : العمل الصالح.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-11-17

الفصل الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
الوجه الأول: العمل الصالح
 الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة:
 الإنسان في حقيقته عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك، وأية نظرة إلى الإنسان تقتصر على جسمه كما هي الحضارة الغربية نظرة قاصرة ورؤية عرجاء، بل إن القرآن الكريم يخاطب عقله تارةً وقلبه تارةً أخرى لأن العلم غذاء العقل ولأن الحب غذاء القلب، ما منا واحد لا يحب ولا يتمنى أن يُحب ولو لم يكن كذلك ليس من بني البشر أن تُحب أو أن تتمنى، أن تُحَب هذه خصيصة أساسية من خصائص البشر لذلك الإيمان حب وكره أن تحب في الله وأن تبغض في الله وهذا أبرز معالم الإيمان الحب في الولاء والبراء أن تحب المؤمنين وأن تحمل همومهم وأن تتمنى نصرهم وأن تتألم من الكافرين ولو كانوا أقوياء ولو كانوا أغنياء ولو كانت مصالحك معهم ولو كانت سلامتك في رضائهم، ولو كان أمنك في تطمينهم ينبغي أن توالي المؤمنين وأن تتبرأ من الكفار والمشركين.
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )) [ البخاري، مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد ]
إخواننا الكرام:
 الإيمان له حقائق وله حلاوة والمسافة بين حلاوة الإيمان وبين حقائقه كبيرة جداً كالمسافة بين خارطة قصر ورق وأنت لا تملك كوخاً وبين قصر تسكنه، الخارطة كلها حقائق مبنية على حسابات وعلى هندسة وعلى علم ويوجد مهندس إنشائي ومهندس معماري ومكلفة مائتين ثلاث مائة ألف الخارطة ولكن ورق هل يستوي الورق ؟ أما حلاوة الإيمان كالقصر تسكنه لذلك:
 ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما عند التفاضل، طبعاً كلاً يدعي محبة الله وأموره تمشي كما يتمنى، كل يدعي محبة الله ومصالحه مضمونة، أما حينما تتعارض مصالحه مع الأمر والإلهي أو مع النص الشرعي فيقف مع الأمر الإلهي ويركل مصالحه بقدمه هذه تضحية كبيرة إيمانه قوي جداً، عندئذ يستحق أن يذوق حلاوة الإيمان.
 ثلاثة من كن فيه أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما عند التعارض، صار في تعارض تجارة رابحة جداً بالتعبير العامي يقبر الفقر لكنها محرمة فركلها بقدمه، ماذا تريد يا محمد ؟ إن أردت مكانةً سيدناك علينا لا نقطع أمراً دونك، إن أردت مالاً جعلناك أغنانا، إن أردت زواجاً زوجناك أجمل بناتنا، قال: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه. إذا كنت كذلك عندئذ تذوق حلاوة الإيمان أما الإسلام كفر، فكر والله رائع منطقي كاتجاه كاهتمام كأرضية كخلفية كنزعة، ثلاثة أرباع المسلمين عندهم نزعة إسلامية وعنده اهتمامات إسلامية ويتابع الأخبار ويفرح بالنصر ويتألم للهزيمة أما هل أنت ملتزم؟ هل أنت مطبق لهذا المنهج ؟.
الشيء الثاني وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود بالكفر كما يكره أن يلقى في النار.
الآية الآن موضوع هذا الدرس إن شاء الله:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً﴾
[ سورة البقرة: الآية 165]
 أنداداً لله، هو لا يقول هذا إله يقول هذا إنسان لكنه يعامله كما يعامل الإله يخضع له يحبه يأتمر بأمره ولو على حساب دينه يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل إرضاءً لزيد أو عبيد.
 كان الحسن البصري عند والي البصرة جاء توجيه من يزيد من الخليفة إلى والي البصرة لعل في هذا التوجيه ظلماً، فقال: ماذا أفعل إن لم أنفذ هذا التوجيه أغضبت الخليفة وإن نفذته أغضبت الله، فقال له الحسن البصري: إن الله يمنعك من يزيد ولكن يزيد لا يمنعك من الله.
 فالنقطة الدقيقة إن هؤلاء الناس لضعف إيمانهم لضعف توحيدهم يرون بعضهم بعضاً كل شيء وأحياناً الإنسان يتأله إما صراحةً وإما ضمناً يشعرك أنه هو كل شيء، وهذا يحصل في هذه الأزمات العالمية جهة قوية تدعي القوة المطلقة وتفرض إرادتها على كل الشعوب، قال تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾
[ سورة البقرة: الآية 165]
 الإنسان متى يحب ؟ الإنسان يحب القوي، ويحب المعطي ويحب الجميل، عبر عنها العلماء بأن الإنسان يحب الكمال والنوال والجمال، إذا أنت بحاجة إلى بيت وخاطب ومضى على الخطبة سنة وكاد يفسخ العقد وجاء إنسان وقدم لك بيتاً وقال اسكنه بيت كامل ألا تحبه ؟ ولو كان ذميم الخلق، لا تنسى ذكره تذكره كل يوم، النوال أحد أسباب الحب، وإذا إنسان بلغك عنه أنه شريف، شهم، ذو مروءة وقف مع الحق، تنهج بالثناء عليه دون أن تشعر وإذا شيء جمال آخاذ أيضاً تتعلق به، فالإنسان يحب الكمال والجمال والنوال هذه فطرته وهذه جبلته يحب العمل الأخلاقي الكامل، يحب الجمال يحب العطاء، قال هؤلاء الناس:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾
[ سورة البقرة: الآية 165]
 لكنه يقول:
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾
[ سورة البقرة: الآية 165]
 تعلق هذا الشارد تعلق هذا الجاهل بإنسان مثله أعطاه شيئاً أو دعمه أو طمأنه أو قربه، محبة هذا الإنسان الشارد لهذه الجهة القوية لا يمكن أن يتساوى مع محبة المؤمن لله عز وجل.
سيدنا سعد بن الربيع كان في النزع الأخير في ساحة المعركة جاءه أحد أصحاب النبي يتفقده من قبل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا سعد أنت بين الأحياء أو بين الأموات ؟ قال: مع الأموات، قال له: إن النبي الكريم أرسلني كي أتفقدك، قال له: أبلغ رسول الله مني السلام وقل له جزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته. وهو في النزع معنى هذا أنه كان في قمة سعادته وقل لأصحابه لا عذر لكم إذا خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف.
اقرأ تاريخ الصحابة الكرام تجد أنهم كانوا في أعلى درجات سعادتهم حينما لقوا ربهم عند النزع الأخير.
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾
[ سورة البقرة: الآية 165]
 لا يوجد إنسان لا يحب، بالمناسبة إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم، لابد أن تكون تابعاً إلى جهة وإن لم تكن حراً عبدت الله عز وجل لابد من أن تخضع لعبد لئيم إن رأى خيراً كتمه وإن رأى شراً أذاعه، إن أحسنت لن يقبل وإن أسأت لن يغفر، وكل إنسان يكون بخدمة إنسان آخر شارد عن الله كهذا المنديل تمسح به أقذر عملية ثم يلقى في المهملات، دققوا في هذا الكلام كل إنسان يعاون كافر على مؤمن دوره كدور هذا المنديل تمسح به أقذر عملية ثم يلقى في المهملات لذلك:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾    [ سورة البقرة: الآية 165]
الفصل الثاني
فالإيمان له حب ولا إيمان لمن لا محبة له، الإيمان مواقف، الإيمان ولاء وبراء، الإيمان أن تحب المؤمنين، أن تدافع عنهم، أن تتمنى قوتهم، أن تتمنى وحدتهم، والإيمان أن تكره الكفار والمشركين ولو كانت مصالحك معهم، لكن النقطة الدقيقة:
﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾    [ سورة البقرة: الآية 165]
دققوا الآن هؤلاء الذين أحبوا غير الله هؤلاء ظلموا أحبوا شيئاً ثانياً أحبوا ضعيفاً أحبوا فقيراً أحبوا لئيماً، أحبوا عبداً ذليلاً إلى الله عز وجل.
﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾   [ سورة البقرة: الآية 165]
الآن:  ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾     [ سورة البقرة: الآية 165]
كلمة قوة عامة، تقول فلان مركزه قوي، قد يكون نحيفاً، منصبه قوي، فلان حجته قوية، هذا الجمال آسر معنى آسر قوي، يعني سبى عقلك، معنى كلمة قوة واسعة جداً، يوجد إنسان مركزه قوي، حجته قوية إنسان جماله قوي، والإنسان يحب الموقف الأخلاقي، يحب العطاء يحب الجمال، هؤلاء الذين أحبوا غير الله، هؤلاء الذين تعلقوا بغير الله هؤلاء الذين عبدوا حقيقةً غير الله، هؤلاء الذين حسبوا على أناس بعيدين عن الله، هؤلاء ظلموا أنفسهم ويوم القيامة:
﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾ 
لماذا الإيمان أعلى درجة جمالية ؟ لأن المؤمن عرف أصل الجمال، حينما تأكل طعاماً طيباً تشعر بلذة الطعام خلال ثوان فقط أثناء بلع اللقمة لأن اللسان يرفع هذه اللقمة إلى سقف الحلق أعصاب الذوق في سقف الحلق، إذا إنسان أكل طعاماً نفيساً جداً والثاني أكل طعاماً خشناً الفرق بينهما ثوان فقط من بعد تناول الطعام شعر الإنسان بامتلاء المعدة فشبع.
 الجمال أصله عند الله عز وجل كل ما في الكون من جمال، من جمال بشري، جمال في الطبيعة، من جمال في الجبال في البحار، من جمال في الفواكه والثمار كل جمال الخلق مسحة من جمال الحق، فهذا المؤمن وصل إلى أصل الجمال لذلك في قلبه.
سعادة لا توصف:   ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾    [ سورة البقرة: الآية 165]
ظلموا أنفسهم حينما أحبوا غير الله، قضية حب الآن إن أحببت غير الله ظلمت نفسك لأنك أحببت الدون، أحببت الذي يفنى، أحببت الذي قد لا يكون وفياً لك، يقول النبي الكريم:
لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لكان أبو بكر خليلي ولكن أخ وصاحب بالله، من خليله؟ الله جل جلاله، لذلك إذا أحببت الله أحبك كل الخلق وألقى محبتك في قلوب الخلق، قال تعالى:  ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾   [ سورة طه: الآية 39]
إذا أحبك الله سخر لك عدوك ليخدمك، عدوك اللئيم وإن أحببت ما سواه تطاول عليك أقرب الناس إليك.
﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعا﴾ً  [ سورة البقرة: الآية 165]
قوة الجمال كلها عند الله، قوة العطاء كلها عند الله، قوة الكمال الإلهي كمال مطلق أنت تحب الكمال والجمال والنوال كلها عند الله. ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) البقرة: ا165
وبالمقابل عذابه أشد أنواع العذاب، الله عز وجل أنت في قبضته خطأ بجسمك يجعل الحياة جحيماً لا تطاق، الحياة يجعلها جحيماً خلل في الجسم، الغدة النخامية تفرز هرمونات كل هرمون لو قل إفرازه أو كثر لأصبحت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق:
﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)﴾ [البقرة165]
نحن في الدنيا نحب بعضنا بعضاً محبة شرك هناك حب في الله وهو عين التوحيد وهناك حب مع الله وهو عين الشرك، فرق كبير بين أن تحب في الله وأن تحب مع الله، أن تحب مؤمناً هذا حب في الله أن تحب رجلاً محسناً هذا حب في الله، أن تحب رسول الله هذا حب في الله أي جهة تنتمي إلى الله إذا أحببتها فهذا حب في الله وهو عين التوحيد، وأية جهة لا تنتمي إلى الله لكنها قوية أو غنية إذا أحببتها من أجل مصالحك، الحب بالله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك، فهؤلاء الذين اتبعوا الأقوياء الأغنياء في الدنيا يقول الله عز وجل:
كما قلت قبل قليل هذا الذي اتبع وضحى بدينه هو يعامل كهذا المنديل الرخيص التي تمسح به أقذر عمليه ثم يلقى في المهملات.
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)﴾ [ سورة البقرة: الآية 167]
أيها الأخوة:
 قضية الحب والبغض في الإسلام أساسية جداً، والحب كالمحرك والمنهج كالمقود، المحرك من دون مقود إلى الوادي والمقود من دون محرك جمود وسكون، فلابد من منهج يوجه أعمالنا وهو العلم ولابد من حب يحركنا، والحقيقة الذي تراه من الصحابة الكرام لا يوصف والسبب هو الحب، مثلاً امرأة بلغها أن النبي في أحد قد قتل خرجت هائمةً على وجهها رأت أباها مقتولاً قالت ما فعل رسول الله رأت ابنها مقتولاً رأت زوجها مقتولاً رأت أخاها مقتولاً فلما تأكدت أن النبي معافى سليم قالت: يا رسول الله كل مصيبة بعد جلل تهون. هذا حب الذي يفعله الحب شيء لا يصدق، الإنسان من دون حب جثة هامدة منته من دون حب، لذلك آية الحب: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾   [ البقرة 165]   ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم، ظلموا أنفسهم حينما أحبوا غير الله، يوم القيامة: ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾ البقرةة 165
هو الغني هو القوي هو الجميل، هو أحب قوياً في الدنيا أو أحب جميلاً هؤلاء روميو وجوليت، أو امرؤ القيس، هؤلاء أحبوا جمالاً بشرياً لكن المؤمن أحب الجمال المطلق أحب الله عز وجل هؤلاء يوم القيامة يرون أن القوة لله جميعاً، قوة الجمال عند الله، قوة العطاء عند الله، قوة الكمال عند الله، وبالمقابل أشد أنواع العذاب عند الله وأن الله شديد العذاب، والذين أحبوهم في الدنيا تبرؤوا منهم، لا يوجد أصعب من إنسان يكون مخلصاً لجهة كل عمره تتخلى عنه في النهاية هذا شيء لا يحتمل.
فيا أيها الأخوة الأكارم:
 أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، لو فرضنا خيرناك بين قطرميز زجاج ثمنه عشرون ليرة، وكأس كريستال ثمنها ألف ليرة وجوهرة استنبول ثمنها مائة وخمسين مليون دولار، اختار فأنت استكبرت القطرميز هل يكون في عقل برأسك ؟ أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، بالتعبير الدارج المؤمن عرف أن يختار، اختار جهةً لا تزول، اختار حياً باقياً على الدوام، اختار من بيده أعداءه، إذا كنت مع الله أعداءك الأقوياء بيد الله عز وجل ترى بفعل بهم الأفاعيل الله عز وجل، إذا إنسان كان مؤمن إيمان كما يريد الله تماماً شيء لا يصدق، أقوى قوى البشر بيد الله عز وجل يجعل تدميرها في تدبيرها هذا شيء واضح تماماً، الصحابة كانوا قلة فتحوا العالم كله شرقاً وغرباً لا بحنكتهم العسكرية ولا بعتادهم ولا بطائراتهم ولا بما عندهم من أجهزة فتاكة لا، لا فتحوها بقوة إيمانهم، هذه الآية منهج لنا إن شاء الله ينبغي أن تحب الله.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه  ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته  إن المحب لمن يـحب يطيع

آخر كلمة:
مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه  ومستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه:
إلى متى أنت في اللذات مشغول  وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
 مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه ومستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه والحمد لله رب العالمين.
* * *
والحمد لله رب العالمين