13 jul 2013

الإحسان 4 رمضان



وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) الأحقاف.
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا
أولا ما هو الإحسان؟:
((الإحْسَان أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك)).
الإحْسَان إلى الوالدين
سنفترض مثلا أن لك أخ صغير تحبه كثيرا وتعلم أن أباك يحبه كثيرا جدا ويعطيه كل عطفه وحنانه، من الطبيعي أنك ترعاه لأنك تحبه، ولكنك سترعاه أكثر وتعطف عليه أكثر إذا علمت أن والدك يراك، وسيسعد كثيرا برعايتك لأخيك، وربما يكفافئك عليى ذلك، الم يزيد حبك ورعايتك لأخيك؟ بالطبع نعم..
كذلك عندما تحسن إلى والديك وتعرف وتشعر وتتيقن أن الذي أمرك بالإحسان إليهما يراك.. فستحسن إليهما بمزيد من الحب والإحسان، لأنك تعرف أن الله يراك، حالتك هذه في يوم من الأيام مع إستمرار إحسانك لوالديك ستنقلك إلى مرتبة { كأنك تراه}.
((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال: الصَّلاة لوقتها. قلت: ثمَّ أي؟ قال: برُّ الوالدين.  قلت: ثمَّ أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقد رتب لنا حياتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيب في غاية الكمال والجمال والنظام، والنظام هو أساس النجاح، والنجاح يسعد الإنسان ويسعد به الآخر ممن نحبهم ويحبوننا، أول مرتبة في هذا النظام المبدع للحياة هي الصلاة، إن أنت أحسنت صلاتك رفعك الله بها درجات، وتكون النتيجة الحتمية لإحسانك صلاتك أن ينتقل هذا الإحسان إلى والديك، فتصبح بذلك بارا بوالديك.. وقد تكون في مرتبة المجاهد في سبيل الله ...
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
إن أنت أحسنت صلاتك، وأحسنت إلى والديك فأنت من الذين يحبهم الله، فهو سبحانه الذي يسرك لهذا الإحسان، ومما لا شك فيه أن كل من يصل إلى درجة الإحسان لابد وأن يكون له سابقة أعمال وتجارب كانت سببا في تذوق حلاوة الإحسان.
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
يربط الله تبارك وتعالى الإحسان بتذكيرنا بما بذلته الأم قبل أن نولد، لسنا في حاجة لشرح لهذه الآية الكريمة، يكفينا أن نتذكر أمهاتنا وما بذلن من مجهود جبار أثناء الحمل والولادة، وعلينا أن نرى قصص الأمهات اللاتي يعانين من صعوبة كبيرة في الحمل، كم تألمت، كم أضطرت أن تتحمل تلك الآلام وربما ضحت بحياتهها لتحافظ على حياة جنينها.. هذه هي رحمة الله تبارك وتعالى أن يضع المحبة بين الآباء والأبناء..
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا
ثلاثون شهرا وهي تحملك وترضعك وتنظفك وتعطيك من حنانها ورعايتها وتجعل راحتك قبل راحتها ونظافتك قبل نظافتها، تعطيك من حنانها ما لم تعطيه لأحد قبلك، هذه أمك قد أحسنت إليك طفلا وفتى وشابا وكهلا، وأبوك قد حرم نفسه مما يشتهي من اجلك، وقد ضحى بكل ثمين لديه ليكفل لك حياة كريمة، أعرف آباءا ظلوا يعملون في خدمة الناس حتى آخر يوم في عمرهم، أكثر من 80 سنة وهو يتحمل صاحب العمل لكي يضمن لإبنه حياة كريمة..
حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
الآن عليك ان ترد الجميل، أن تدعو لهما سواءا كانوا أحياءا أم لا، وأن تطلب من الله أن يعينك على أن تكون شاكرا لنعم الله عليك وعلى والديك.. أن نطلب من الله أن نشكر نعمته علينا وعلى والدينا فهذا عين الرحمة، لأن الذي سيمدك بالطريقة المثلى لشكر الله هو الله سبحانه وتعالى، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{وأعوذُ بك منك لا أُحْصى ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسِك  }.
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)
وتكمل إحسانك بإحسان دعاءك كما علمنا ربنا.. أن نطلب منه سبحانه أن يوفقنا لعمل يرضاه، وأن يصلح لنا ذرياتنا{ ادعوا بهذا الدعاء حتى ولو لم تكن لك ذرية.. فالله أعلم بمواطن الخير، فربما جعل ذريتك في الآخرة في جنات النعيم فهو سبحانه الذي قال في محكم آياته :  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ {الطور }.
أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) الأحقاف.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وارزقنا اللهم الإحسان في كل شيء في عبادتك وتوحيد ودعاءك وفي الإحسان إلى والدينا وإلى كل مخلوقاتك، وارزقنا اللهم من القول أطيبه ومن العمل أحسنه ومن الإيمان أصدقه ومن اليقين أحقه، ومن التقوى حق تقاتك يارب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين والحمد لله رب العالمين .





No hay comentarios:

Publicar un comentario