كيف نتحول من حالة التحمل إلى الرضا بقضاء الله لنسعد
بالصبر مع الرضا فهما قرينان إن غاب أحدهما غاب الآخر.
تابع
التمرين الأول
29/10
الآن سنحاول أن نستعين
بالصبر والصلاة لنسعد بأمر الله وتطمئن قلوبنا بآياته ونصدق بالصدق فيكون هو الصفة
الغالبة علينا...
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)الصافات.
بالصدق في الدعاء وبتصديق كلام
الله تبارك وتعالى نتحول من حالة التحمل{ تحمل كل ما يمر بنا لأنه لا حول لنا ولا قوة
} إلى حالة الرضا بقضاء الله والذي تصاحبه طمأنينة في القلب واستسلام النفس لأمر ربها
لأنها تؤمن بأنه هو سبحانه القاهر فوق عباده.. ولأنها لا تحب الألم ولا الشقاء.. فسترى
بعين اليقين أن سعادتها في الإستسلام لله رب العالمين ... لا تنسى أن تعامل نفسك
على إنها طفلك المحبب إليك الذي يحتاج لعنايتك ورعايتك وحمايتك فزكها ولا تتطاوعها
فتشقى ...
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)
البقرة
الوجه هو أكرم شيء في الإنسان، جعل الله تبارك وتعالى فيه مرآة تعكس كل ما
يعتمل في داخلنا، العيون هي عالم من الجمال الغامض الذي قد لا يجرؤ الناس أحيانا
أن يطيلوا النظر إليها، كما إنها بحر عميق تجري فيه أمواج المشاعر والأفكار..
والوجه يحمل أعقد جهاز على وجه الأرض ألا وهو المخ.. وفيه الجبهة وهي الجزء
المسئول عن الخشوع لله رب العالمين ..
ثم به بعد ذلك السمع والبصر وبهما معا نصل إلى الفؤاد، ذلك الشيء الذي تكلم
عنه كل علماء الأرض ولم يستطيعوا حتى أن يسموه باسمه الحقيقي الذي اخبرنا به ربنا
تبارك وتعالى في محكم آياته:
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ
لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ
ولكي نعرف معنى الفؤاد تابعوا معي الآيات التالية :
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى
فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) القصص
من هنا نعرف أن الفؤاد محله القلب .. هو مثل الروح لا يسمع ولا يلمس ولا
يرى .. هذا خلق الله تبارك وتعالى وهو يظهر وينمو ويترعرع بالإستسلام لله رب
العالمين، والفؤاد هو دليل الإيمان بالله العلي العظيم، تجد قلب المؤمن يوجل ويخبت
ويرجف ويرتج ويهتز وينبض بقوة عند ذكر الله.. هذا ما سنحاول أن نصل إليه بإذن الله
تعالى ...
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا
أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)
الفؤاد هو أعلى شيئ وأنقى شيئ وأطهر شيء وأصدق شيء في الإنسان وهذا ماتمتع
به أشرف خلق الله وخاتم أنبياءه ورسله عليه الصلاة والسلام...
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى
صدق الرؤيا يصب فيه، وصدق الإحساس يصب فيه، وصدق الإيمان يصب فيه، وصدق
الكلام يصب فيه، وكذلك صدق الدعاء وصدق الإستغفار، وكذلك كل ذلك ينبع من الفؤاد إن
كان صاحبه يتمتع بحياة ....
لكن فيما يبدو لي والله أعلى وأعلم أن الفؤاد لا يعمل بكامل طاقته إلا إذا
كان صاحبه يعيش بنور الله، وله قلب سليم
خالي من كل شائبة تشوب فكره ومشاعره وبالتالي إيمانه، وهنا نعود إلى تلك الآية
الكريمة:
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ
لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ
لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا
آَلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) الصافات.
لابد أن نطهر قلوبنا، بكثرة الإستغفار، وعندي لكم طريقة تعلمتها من فضيلة
الشيخ الشعراوي رحمه الله، فرغ قلبك من كل مافيه من سوى الله، فرغه من كل حب ومن
كل شهوة ومن فكرة ومن كل أعتقاد في غير الله ثم أنظر إلى الحق بعين مجردة ومحايدة
فإذا آمنت به فسيسكن قلبك ولن يخرج منه
أبدا.. هذا والله أعلى وأعلم