25 nov 2013

إذا لم نخشى الله ونخافه جاءنا الخوف من كل شيء حتى من أنفسنا

[1]
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين... صلى الله عليه وسلم
أبناءي وأحبائي في الله، هنا نكون قد وصلنا لأول بنود النظرية
كيف نكون لله رب العالمين
السر الكبير في نظريتنا يكمن في كيف نكون لله رب العالمين؟ نحن فعلا لله رب العالمين .. ولكننا لا نعيش وفقا لكوننا لله رب العالمين .. وإنما نعيش حسب الظروف.. نعيش وفقا لتيارات الحياة، نعيش على هوانا..
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
لا يوجد إنسان على وجه الأرض إلا وعانى من الخوف.. والخوف هو جندي من جنود الرحمن، جندي يسلب الناس لبهم، ويتنزع عنهم هدوئهم، ويزلزلهم زلزلة شديدة وقوية، فتعالوا بنا نعرف الخوف من كتاب الله العلي العظيم ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء:
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء 83]
 معنى جاءهم الخوف .. أي أرسله رب العالمين .. ويختم الله تبارك وتعالى الآية مشيرا إلى أنه سبحانه رحمنا من عدم اتباع الشيطان، لأن الإنسان عندما يخاف من غير الله يأخذه شيطانه ويلعب به في ملعب الخوف المملوء بالمحترفين الذين يملكون رقاب الناس فيخوفونهم بسلطانهم الزائل، هناك ناس تخاف حتى من خادم الوزير {اتكلم عن مصر بلدي}
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل 112]       
هذه قرية بالكامل غيروا ما بأنفسهم، بدلوا النعمة نقمة، كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان ورغدا أي بكثرة فكفروا بأنعم الله، غيروا فكرهم وبدلوا الحسن سوء، اتبعوا أهواءهم، أملى لهم شيطانهم فكساهم الله جوعا وخوفا ..
أحبابي في الله إن أصابك شيئا من هذا فقل { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } ثم استعرض شريط حياتك وغير كل أفكارك السلبية واجعل مكانها تلك الكلمات { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }أجعلها كرابط يعمل عليه عقلك الباطن ويطمئن به قلبك فتخرج من ظلومات  السلبيات إلى نور الإيجابيات بفضل الله وبفضل رجوعك إلى النقطة التى سقطت فيها من الأمن إلى الخوف.. وهذا معنى وإنا إليه راجعون.
إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
مهمة الشيطان في هذه الحياة هو تخويفك من غير الله، يحول خوفك من الله إلى خوفك من كل شيء، من المرض من الفقر من جارك ومن رئيسك وصديقك ومن كل شيئ.. فعد إلى ربك مسرعا متمسكا بحبل النجاة الذي مده إليك لينجيك من الخوف وهو [إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ].
لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ  ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ  يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ
عندما يستبد بنا الخوف من غير الله، كما يحدث الآن في معظم البلاد، تجد الفرد يخاف، والأسرة تخاف، والشركات والمصانع والدولة بكاملها تخاف من كل شيئ، لقد استبد بهم الشيطان يخوفهم من غير الله، الآن أنت أيها الإنسان شغل عقلك وامسك بحبل نجاتك واستغفر ربك وعد إليه منيبا مستغفرا محتسبا عنده مصيبتك، وليكن حالك هو :
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [31 الروم]
هنا نحتاج إلى الصبر الحقيقي، صبر مع الأمل والرجاء في الله العلي العظيم..  صبرا نتذوق حلاوته عندما ندعو الله منيبين إليه:
دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ
وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [31الروم]
والبطولة الحقيقية هنا هي أن نظل عند ربنا منيبين إليه، ولا ننصرف عنه لنعود إلى حيث كنا قبل الدعاء، لا بل أمكث هناك عند ربك فيقيك ويقيمك ويقويك ويمدك بما تحتاج من الهدى والمغفرة.. وهذا في حد ذاته هو المعنى الحقيقي ل:[ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ].
أبنائي وأحبابي في الله ورفقائي على الطريق إلى الله، مع الصبر الجميل .. لقد دخلنا في النظرية، وسنتعمق فيها يوما بعد يوم، حتى تستقيم لنا الحياة.. أنتم الآن بعد كل تلك الممارسات ستصبحون بعون الله أساتذة وأئمة تعلمون أبناءكم وجيرانكم وأصدقاءكم المعاني الجديدة التى سنتكشفها في رحلتنا مع الصبر..
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
كل ابتلاء من هذه الإبتلاءات هي فرصة حقيقية لتبرمج نفسك من جديد، لتعيد حساباتك، لتبحث عن السلبيات التى اكتسبتها في مشوار حياتك لتغيرها، فيغير الله ما بك، هناك مشاعر يجب تغييرها واستبدالها بأخرى أرقى وأنظف، وهناك أفكار مظلمة سلبية مدمرة يجب أن نغيرها .. وهناك وجهات نظر خايبة بائدة وخبيثة .. كل ذلك وجب علينا تغييره بــ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ..فنعود إلى الله في حياتنا قبل مماتنا.. ونظل عنده نذكره كثيرا ونسبحهه.

[2]
الخوف جندي من جنود الرحمن
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)  البقرة
بسم الله العلي العظيم نبدأ .. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.. يارب العالمين يارب محمد وإبراهيم عليهم أفضل الصلاة والسلام، نتوجه إليك في هذه اللحظات التى نقرأ فيها آياتك عن الصبر، معتصمين بك يارب العالمين وندعوك أن تفرغ علينا صبرا وأن تفقهنا في ديننا وأن تجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ربي نحن في حاجة شديدة إليك، لتصلح لنا أعمالنا وحياتنا وشأننا كله بعد أن أفسدناها بأيدينا ...
الْخَوْفِ :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
الخوف هو أول الإبتلاءات .. كل الإبتلاءات تبدأ بالخوف.. هل تعرفون لماذا نخاف من أي شيء؟
إن لم نرجع إلى الله العلي العظيم عند أول شعور بالخوف من أي شيء، مثلا عندما نخاف من المرض، تجدنا نعيش في حالة أسوأ من الحالة التى يصيبنا فيها المرض، لأن الإبتلاء يأتي ومعه لطف ربي.. أما الخوف من غير الله فيحملنا إلى الخوف من كل شيء...
من خافني في الدُّنيا أمَّنتُه يومَ القيامةِ
عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما يَروي عن ربِّه جلَّ وعلا أنَّه قال :
وعِزَّتي لا أجمعُ على عبدي خوفَيْن وأمنَيْن  إذا خافني في الدُّنيا أمَّنتُه يومَ القيامةِ ، وإذا أمِنني في الدُّنيا أخفتُه في الآخرةِ
الراوي: أبو هريرة المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/209 خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
عندما يأتينا الخوف من أي شيء علينا أن نحتسب ثم ننظر إلى حياتنا، مواقفنا الذهنية، ماذا قلنا أو فعلنا ولم نخاف ربنا...
وهذا في حد ذاته يحتاج لصبر، نصبر على أنفسنا التى تعترض وتثور، ونصبر على تحكمنا فيما نقول، فلا نقول إلا ما أمرنا به ربنا[إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ] ثم نبحث في غابر أيامنا ونستعرض شريط حياتنا، ولكن بغير أن ننسى بشرى ربنا.. ولننظر في مواقفنا لنرى في أي موقف تصرفنا ولم نخشى فيه الله تبارك وتعالى .. فنتوب إليه منيبين إليه فيغفر لنا إن شاء الله ونحقق لأنفسنا بشرى رب العالمين [وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[54 المائدة].
علامة حب الله لنا وحبنا له سبحانه وتعالى أن لا نخاف في الله لومة لائم.. تجد من أحبه الله لا يخاف إلا من الله، شجاعا مقداما ومهذبا، لأنه يخشى الله فلا يقول ولا يتصرف إلا في حدود الأدب مع الله أولا ثم مع نفسه فيحترمها ثم مع الناس فيحبونه ويحترمونه، حتى أعداءه يكنون له الإحترام مع العداء.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ[المائدة 94 ] .                                                                        في موسم الحج تجد الصيد سهلا جدا بسلاح أو بغير سلاح، وما هذا إلا لنثق في أنفسنا ونهذبها فلا نصطاد لتعرف النفس أن الله يراقبها ويختبرها.
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ[51 الأنعام].
عندما نخاف على أنفسنا من يوم الحشر، ومن أهواله، ومن الحساب والعقاب يهب لنا ربنا تقواه فنستمر في الحياة بخطوات ثابتة متبعين في ذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [21 الرعد].
الخوف من العلي العظيم ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء يربي فينا خشية الله، والخشية هي أول درجات الخشوع لله رب العالمين.. هذا والله أعلى وأعلم .
أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [النور50].
الخوف من غير الله يسبب مرضا في القلب فتجده يشك في كل شيء، وإذا دخل الشك حياة الإنسان دمرها، تجده يدمر حياته بنفسه، بشكه، بريبته، ومهما كان عاقلا ومتعلما فالشك هو الكارت الذهبي في يد الشيطان يدمر به حياة كل من اتبعه.. اللهم إنا نعوذ بجلال وجهك الكريم وبسلطانك القديم من الشيطان الرجيم ومن أن نخاف من غيرك أو نخشاه فلا معبود بحق سواك .
سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك
















No hay comentarios:

Publicar un comentario