6 nov 2013

مع الغفور الودود سنعيش اليوم



الأثنين 1 يوليو 2013

 
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
 ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) سورة البروج.
كنت أبحث عن اسم الودود في كتاب الله .. فوجدته جاء مرة واحدة في كل القرآن .. في هذه السورة.. وقرنه الله تبارك وتعالى باسمه الغفور.. الغفور الودود.. فكرت وتدبرت وتيقنت أننا نحن البشر.. أبناء هذا العصر الذي فقدنا فيه كل ما هو جميل مما مضى.. لن ننعم بالمودة .. مودة الرحمن الرحيم.. إلا إذا تعلمنا أن المغفرة هي سبيلنا إلى المودة بيننا.. لابد من أن نغفر للآخرين.. وفي هذه النقطة سنتكلم في آخر المقالة.. أما الآن فسنعيش مع هذه السورة الصغيرة والتى أرى فيها واقعنا الأليم، الذي يهزنا هزا.. بل ويزلزلنا زلزلة قوية وكأنها القيامة..
ما تخطه يميني هو فقط وجهة نظري الخاصة والتى لا ألزم بها أحدا.. ولا أقصد بها تفسيرا.. ولا أريد بها إلا لفت نظرنا لمواطن النور في الآية الكريمة...
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)
يقسم الله تبارك وتعالى بالسماء ذات البروج، وبيوم القيامة، وبكل شاهد وبكل مشهود..{ وإن اردتم تفسيرا فعليكم بكتب التفسير} ...
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)
يذكرنا الله أن العداوة من غير المؤمنين قديمة قدم التاريخ.. هم ينقموا من الطهر والنقاء والصفاء والنور والجمال والحلاوة والسعادة والأمن والآمان الذي ينعم به من آمن بالله وفقدوه هم.. فهم يعيشوا عيشة الحشرات الضارة، عقارب تعابين، وكذلك يعيشون عيشة الوحوش الشرسة الذين لابد لهم من القتل وأكل الجيفة التى يأنف منها الحيوان الأليف، حتى  الكلاب لا تقتل.. حتى القطط تعيش في ود وسلام مع بقية المخلوقات الأخرى وهي مسخرة للإنسان.. أما هؤلاء القتلة الفجرة لا يستطيعون أن يرقوا بأنفسهم إلى مستوى الحيوان الأليف .. بل هم أما وحوش كاسرة قاتلة تعيش على الجيفة والنتانة بشتى ألوانها وصورها.. وإما حشرات ضارة، تمتص دم الإنسان، فهم من فصيلة مصاصي الدماء...
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)
كل المشكلة التى بيننا وبينهم أننا آمنا بالله العزيز الحميد.. هو سبحانه وتعالى عزيز.. يمدنا بالعزة في كل مرة نلجأ إليه.. ويمدنا بالعزة كلما احتجنا إليها ولم نلجأ لغيره سبحانه .. ثم هو بعد ذلك عزيز حميد.. يحمده كل خلقه على عظيم فضلة، فيزيدنا نعما وقربا وشكرا.. نقول في مستهل وقوفنا بين يديه سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم فيضعنا  برحمته في موقف الحمد لله رب العالمين .. ثم يغطينا بعظيم فضله وبعظيم عطاءه وبعظيم نعمه باسمه مرة ثانية.. الرحمن الرحيم .. وكأننا وقد غلفنا الله تبارك وتعالى بالرحمن الرحيم، في جميع جوانب حياتنا وحركاتنا وسكوننا نحن دائما نسعى ونحية ببسم الله الرحمن الرحيم.
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)
وسط هذه المعمعة الدائرة بيننا الآن في مصر وسوريا وسائر البلاد.. في وسط هذه الحيرة الكبيرة التى أصابت خيرة شبابنا.. وسط هذه الموجة العارمة من القتل والسلب وسفك الدماء.. يقول لنا الله العلي العظيم أنه سبحانه هو مالك الملك وهو ملك الملوك.. وهو سبحانه له ملكوت السموات والأرض.. وهو سبحانه شهيد وكفي به شهيدا.. حتى لا نجزع.. ولا نفزع.. ولا نقع في براثن الشياطين من الإنس والجن..ولا نخاف إلا الله، وهذه من أهم صفات الإيمان.
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)
هذا هو مصيرهم.. كل من تسبب في فتنة المسلمين.. كل من وعد وأخلف وعده.. كل من قتل وسفك الدماء وشرد العائلات تحت اسم الدين.. كل من سرق ونهب قوت الغلابة والمساكين.. كل من تاجر في أقوات الناس وأمنهم وسلامتهم.. كل من سقاهم ماءا ملوثا.. وباع لهم بأغلى ثمن أقواتهم.. كل هؤلاء لهم عذاب الحريق.. ولهم عيشة الخنازير في الدنيا.. لا تجده يغار على شيء لا على اسمه ولا على نفسه ولا على زوجته وولده .. لا تجده يحافظ على شيء.. لا تجده إلا قاسيا خوانا مخونا لاعانا ملعنا.. وقد خرجت الرحمة والآمانة منه وبلا عودة... إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)
أنت يا من تمسكت وقبضت علي دينك.. أنت يامن دعوت ربك لك ولغيرك من المسلمين.. أنت يامن حافظت على صلاتك.. أنت يامن أحسنت إلى أبويك.. وأنت يامن لم تطعم الحرامه أو تطعمه لأولادك .. وأنت يامن لم تساهم في الفتنة والقتل والسلب والنهب.. لك البشرى من الله العلي العظيم بالفوز الكبير.. اللهم إنك أنت ولينا في الدنيا والآخرة توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين إنك سبحانك ولي ذلك والقادر عليه .
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
الآن يطمأنك ربك .. يقول لك أن بطشه شديد فلا تخف من هؤلاء الذين أشاعو الفساد.. فهو سبحانه يبدئ ويعيد، هو سيعيد عليهم الكرة عندما يبطش بهم.. أما من آمن به وتمسك واعتصم بحبله سبحانه ومضى على خطي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو سبحانه وتعالى بالنسبة لهم الغفور الودود... اللهم ياأرحم الرحمين افرغ علينا صبرا واجعلنا ممن يفوز بودك ياكريم يا حليم يا ذو العرش المجيد.. اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم :
{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا } مريم
ثم نأتي لختام السورة الكريمة والتى يذكرنا فيها ربنا بما مضى ممن كانوا أقوى من هؤلاء المعاصرين الآن والذين لم يتعظوا بما مضى من الحياة الدنيا والتى هي أكبر شاهد وأكبر دليل على نهاية كل ظالم:
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) سورة البروج.
أشعر الآن بالإطمئنان رغم كل ما يحدث.. رغم كل ما يجري .. لأن الله تبارك وتعالى من ورائهم محيط.. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. أما هؤلاء الظلمة الكفرة الفجرة فالنار مصيرهم...
ولكني أخشى على أولادنا وعلى شبابنا وعلى فتيات المسلمين وعلى كل من جهل عظمة ربه وغفل عنها ولم يرى إلا من يدعي الكبرياء وهو حقير بل أحقر من حشرة حقيرة .. يتكبر على الناس ويعذبهم ويكذب عليهم ونسى أن الموت من ورائه ينتظر إنتهاء رحلته ليريح الناس من ظلمه..
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
هو سبحانه الودود.. جعل مودته مسبقوة بغفرانه.. حتى لا يقنط من أسرف على نفسه بالذنوب.. ثم جعل سبحانه المودة بين الناس قرينة الرحمة{ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}لابد لنا من أن نغفر للآخرين مهما فعلوا.. حتى نحصل على المودة من الله العلي العظيم.. والمسألة بسيطة جدا.. أبنك يخطئ تسامحه.. ربما ارتكب ذنبا عظيما ولا تحرك ساكنا، وقد تعاقبه ولكنك لا تقطع صلتك به لأنه ابنك من صلبك .. أما جارك أو قريبك أو صديقك قد يقول لك كلمة بغير قصد فتقاطعه وتكيل له الكيل من التأنيب والتوبيخ.. لماذا هذه التفرقة؟ إن ابنك أوزوجك أو أخاك هم مخلوقين لله العلي العظيم، وكذلك جارك هو مخلوق لله، تعظيمك لربك وإيمانك به يجبرك أن تغفر له لتنعم بالمودة والرحمة بينك وبين الكون كله.. وفي هذه لنا عمل جماعي مشترك في رمضان إن شاء الله سنتدرب على الخطوات التى خصصها لنا ربنا لنحقق المودة والرحمة بيننا.
فاللهم يا ربنا.. أنت سبحانك جئت بنا إلى هذه الدنيا.. لحكمة بالغة بالغة بالغة.. ولكن فينا من تاه عنها، واتبع هواه، وأغوته وأغرته الدنيا.. لكنك ياربنا أن الرحمن وأنت الرحيم وأنت الغفور الودود وقد بعثت فينا ومنا خير خلقك وخاتم رسلك وأنبياءك وقد وعدته سبحانك أنك لم تخذه في أمته.. فبه صلى الله عليه وسلم نسترحمك فارحمنا، وبه نتوسل إليك فاغفرلنا وادخلنا اللهم برحمتك في عبادك الصالحين وتوفنا مسلمين لك الوجه والدين ..آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين .

No hay comentarios:

Publicar un comentario