وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
في شرح وجيز للشيخ الشعراوي رحمه الله لهذه الآية وضح لنا فيه أهمية الزكاة في حياة المجتمعات الراقية، قال هي حث على العمل الجاد في المجتمع، وهي حلقة تواصل الفرد مع مجتمعه ومع الناس بنفس الروح المعنوية العالية في اتصاله بالله العلي العظيم في الصلاة..
فهو يعمل ليكسب قوت يومه ثم يخرج زكاة ماله وصحته وقوته وولده وزوجه، فيصبح كل فرد في المجتمع يعمل من أجل نفسه ومن أجل الآخرين في الوقت نفسه مع دوام الإتصال بالعلي العظيم يستمد منه الطاقة اللازمة والتى تعينه على الإستمرار في حياته وفي رحاب الله العزيز الحميد.
وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
أمر الله تبارك وتعالى بإيتاء الزكاة جاء قبل الركوع له سبحانه، وهذا يدل على أهمية الزكاة..
وفي حقيقة الأمر أن السبب الرئيسي في تدهور مجتمعاتنا هو عدم إخراج الزكاة والقوانين الوضعية التى وضعها البشر جعلت الناس يكتفون بما يخرجون من مالهم في صورة ضرائب وكثير منهم يدفعها مجبرا وحين لم يجد وسيلة للتهرب منها..
وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
وهنا بدأت الهوة السحيقة بين الفرد وربه أولا ثم بين الفرد ومجتمعه، فعدم تأديته للزكاة يعتبر خلل في ركوعه لله العلي العظيم والذي يتمثل في الخشوع له سبحانه والذي لا يمكن أن يكون مع التقصير في أمره...
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)
ثم بدأت الطامة الكبرى هنا، عندما بدأ الناس في الإعتماد على القوانين الوضعية واكتفوا بالكلام وأمر الناس بالصلاة والركوع وهم في فجوة منه..
ووصل الأمر عند معظم الناس {واني لأتحدث عن مصر بلدي} أن اعتبروا الضرائب أتاوة ظالمة يدفعونها عن يد وهم صاغرون فاخترعوا الحيل للتهرب منها، وبدأ الفقير يشعر بهذا واعتبره ظلما في كل شيء، ومن حسن حظ الشعوب أن الفقراء اعتبروا هذا الأمر الغير عادل ظلما في القوانين الوضعية..
ومن الفقراء عقلا ودين من اعتبر نفسه وليا على الآخرين ليحصل على حقه في المال بالدراع، فبدأ الأهمال في العمل والتزويغ والرشاوي وما إلى آخر ذلك .
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)
فبالإستعانة بالله نستمد الطاقة اللازمة لمواجهة مصاعب الحياة، بصبر وصلاة ودعاء وقرب من العلي العظيم..
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)
وهنا نجد مربط الفرس، الشيئ الوحيد الذي يساعدنا على الخشوع لله رب العالمين، وهو أن نضع في اعتبارنا أن الله معنا يسمع ويرى، وأنه هو الرقيب علينا، وأنه هو وحده المتصرف في ملكه فلا شريك له في الملك سبحانه، وأن كل ما أصابنا من خير فمن الله العلي العظيم فنحمد الله عليه ونشكر له، وأن كل ما أصابنا من سوء فهو من أنفسنا فنصبر ونحتسب.
خلاصة مستفادة ونصائح أنصح بها نفسي وإياكم:
- كن قويا في مواجهة القيل والقال واعلم أن كل ما هو سلبي فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه.
- كن توابا منيبا إلى الله لتستطيع العطاء ومواجهة الحياة بكل صورها وألوانها وأنت واثق من نفسك لأنك واثق من رحمة ربك وعدله سبحانه.
- كن معطاءا دائما، ولا تختزن في قلبك إلا ما قاله ربك ونبيه وخاتم رسله صلى الله عليه وسلم تنجى من السلبيات والظلومات وتحيا في رحاب الرحمن.
- ردد آيات ربك التى سكنت قلبك وتأثرت بها، رددها دائما كلما واجهت موقفا معينا، فالقرآن نور وهدى وفرقان، به تستطيع أن تفرق بين الحق والباطل.
- حدث نفسك بما ادخره لك ربك إذا ما أطعته وأخلصت له سبحانه قلبك وعقلك وفكرك ومشاعرك، وحياتك كلها.
- كن متفاءل دائما فربك الذي تعبده هو الحي القيوم وهو الجواد الكريم وهو سبحانه فعال لما يريد، وهو يهب الملك لمن يشاء وهو يحب المحسنين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
ResponderEliminar