18 abr 2014

إذا أتتك من ربك رحمة فأبشر وكن عبدا شكورا

إذا أتتك من ربك رحمة فأبشر وكن عبدا شكورا
فبإذن الله سيتبعها علما من لدنه سبحانه
فهو الرحمن وهو الرحيم
فإن رأس الحكمة
خشية الله
***
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69){ الكهف} .
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا
كم وقفت أمام عظمة هذه الآية الكريمة من رب عظيم، سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا….
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا
سيدنا موسى كليم الله، وفتاه الذي أجرى الله على يديه علامة اللقاء، فرآها بعينه، حوتا يأخذ طريقه في البحر عجبا، ثم ينسى أن يخبر نبيه وقائده في الرحلة ليزداد صبرا ويقوى لديهم حافز اللقاء وشوقهم إليه..
آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا
وهكذا نرى أن رحمة الله وسعت كل شيئ وهي تسبق دائما إلى العباد مهما ارتفعت درجاتهم، بل كلما زادت رفعته ودرجته كلما اتسعت رحمة الله وتصاحبها حكمة وعلما وفهما وإدراكا وحلما وثبوتا وسعة صدر واتساع في الرؤية والفهم عن الله.
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
وهنا نرى مقام سيدنا موسى كليم الرحمن أمام العبد الصالح، يرجوه ويلتمس منه الصحبة ليزداد رشدا…
هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
مهما زاد علمنا وجاهنا وسلطانا وعمرنا لا يمكن أبدا أن نكف عن طلب الرشد واتباع الراشدين المتقين والورعين .. وليس غيرهم من الناس…
وهنا أوجه سؤالا للشباب، أصحاب الفتوة والهمة وأجمل مراحل العمر.. أسأل كل منهم وليكن أمينا مع نفسه :
  • أيها الشاب وأيتها الفتاة : من تتبع ؟
  • إلى من تستمع؟
  • إلى أي شيء تسعى في حياتك؟
  • من تصاحب؟
  • ماذا تقرأ؟
  • ماهي اهتماتك؟
  • كيف تقضي وقتك ؟
  • ماذا أعددت للقاء ربك ؟
  • بماذا ستجيب من يسألك في قبرك عن عمرك وشبابك؟
  • لماذا تتعلم ما تتعلم؟
  • وهل زادك علمك رشدا وتقوى وهدى ورحمة ؟
يقول الدكتور النابلسي أكرمه الله وجزاه عنا كل خير:
لكل واقع حكمة.. فإذا سمح به الله.. فهناك حكمة من وقوعه.
ومن هنا، ندرك الحكمة في أن الله تبارك وتعالى أجرى علامة اللقاء على يد تابع سيدنا موسى،  فإن كنت قائدا، أو معلما، أو رب أسرة، أو ربة بيت، أو موظفة، فلا تستهين بمخلوق مهما صغر حجمه، فربما أجرى الله علي يديه ما أنت بحاجة إليه.
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
لابد من بذل الجهد، والحفاظ على الهمة حتى لا تفتر، وذلك لن يتأتى لنا إلا إذا ثبتنا نظرنا على غايتنا، ولنضعها دائما نصب أعيننا صباحا ومساءا، وكلما كانت غايتك نبيلة كلما زادك الله محبة من خلقه ويسر لك كل شيئ تحتاجه كما يسر لسيدنا موسى عليه السلام عبدا صالح آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما.
قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وهنا نتعلم أن ما وقع في حياتنا إنما وقع لحكمة معينة فنصبر حتى يخبرنا الله بحكمته من الحدث الذي ربما أزعجنا كثيرا، ولا تنسوا كلمات الصبر التى علمنا إياها ربنا في نداءه الثاني لمن به آمنوا:
{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }
ونواصل الرحلة بإذن الله، راجيا من الله أن ينفعنا بما علمنا ويسره لنا من حكم بالغة ورحمة واسعة:
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)
وهكذا ندرك إدراكا لا شك فيه ولا ريب أن الصبر في حاجة لعلم بالشيء، فنحن عندما نكون في رحلة للنزهة فإننا نصبر على كل ما نلاقي فيها ولا ينسجم مع غايتنا وذلك لأننا نرى هدفنا بوضوح وهو أن نتم رحلتنا ونستمتع بها، كذلك الأمر في الحياة الدنيا علينا أن نصبر على كل ما يقع فيها ويقابلنا لأن غايتنا هي جنة الخلد والقرب من العلي العظيم ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.

ويقول الدكتور/ محمد راتب النابلسي حكمته الشهيره في هذا الأمر :
كلما ازددت علما إزددت صبرا
وهنا أكتفي بهذا القدر فقد مر الوقت يجري، ولم يعد في الأمر متسع، ولا نملك إلا أن ندعو ربنا أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علما ورشدا وهدى وتقوى وقربا منه سبحانه وأن يجمعنا بمن أحببناه بغير أن نراه أو نسمعه، صلى الله عليه وسلم .. ياربي غايتنا رضاك وأنت الكريم اللهم ربنا أشفي لنا كل مريض.. واكشف عنا الألام أنت الرحمن وأنت الرحيم .. ربنا تهنا في طريق دنيانا وأنت الدليل وبيدك هدانا.. فلا تسلمنا لأنفسنا فنهلك إن أنت العزيز الحكيم .
وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم .

No hay comentarios:

Publicar un comentario