إذا عرفت الله أحببته، وإن أحببته
تفانيت في طاعته، وأصبحت
الدنيا تحت قدميك
*****
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)
سلام على إبراهيم .. صلى الله عليك وسلم يا خليل الرحمن .. يا من دعوت لنا بالصادق الوعد الأمين الذي بعثه الله بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد:
لدينا قصة في سطور قليلة ولها من المعاني ما يحتاج لسنين طويلة ندرسها ونستوعبها، ونتعظ بها ونعظ كل من أحببنا من خلق الله تبارك وتعالى.
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)
بدون تفسير سنضع النقط على الحروف، والتفسير متروك لحضراتكم للبحث عنه والإستزادة من هذا النور الإلهي العظيم ..
إذا عندما تضيق بنا الدنيا بما رحبت، وعندما لا نجد ملجأّ من الله إلا إليه فلنسرع إلى الله تبارك وتعالى بغير تردد.. ويكون حالنا وفكرنا هو [إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ].
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)
رب هب لي من الصالحين .. معنى الآية يتسع لكل احتياجات الجن والإنس مجتمعين.. فعندما نطلب من الله تبارك وتعالى أن يهب لنا من الصالحين يجب أن نترك الإختيار له سبحانه.. فيهب لنا ربنا ولدا أو أخا أو مدرسا أو صديقا أو ناصحا أو واعظا أو أياّ من الصالحين.. أو يجعل كل من حولنا في خدمتنا الخدمة الصالحة التى نحتاجها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ أحفظ الله يحفظك .. أحفظ الله تجده أمامك ].
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)
لقد جعل الله تبارك وتعالى هذا البيان العملي على يد خليل الرحمن إبراهيم، حتى تثبت وترسخ فينا روح الأمل والرجاء في الله العلي العظيم. .. أطلب من الله ما تريد بصدق ويقين وسوف تأتيك البشرى بإذن الله تعالى.
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)
هنا قد وصلنا إلى حكمة درس اليوم.. والتى تكمن في كيفية عرض سيدنا إبراهيم لقضية من أخطر قضايا البشر.. [ كيف نربي أبناءنا] يعلمنا الخليل أن نربيهم على الصدق واليقين بالله.
إبنه الوحيد .. ونستطيع أن نستنبط مدى حب سيدنا إبراهيم له من كلمة [ يَا بُنَيَّ ] عرض عليه القضية بغير لف ولا دوران .. بغير تبسيط ولا تمهيد .. لقد توكل على الله وجمع أمره وجماح نفسه ثم نفذ أمر الله .
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى
بمنتهى الصدق والآمانة والحب والعطف يعرض على أبنه أنه رأى في المنام .. سنجد هنا فكرا متطورا إلى نهاية الدنيا .. يبلغ تطوره وتقدمه وعلوه عنان السماء .. إنه اليقين بالله العلي العظيم، بالعزيز الحميد، خالق كل شيء .. والذي وسع كل شيء رحمة وعلما.
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى
يجب أن نتعلم من هذه الآية أن نعرض قضيتنا بصدق وبأمانة ولا نخشى إلا الله .. ويجب أن تكون قلوبنا عامرة باليقين بالله العلي العظيم.
فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى
الذي يجعلني أنحني أحتراما وإجلالا وحبا وإعزازا وإكبارا لسيدنا إبراهيم هي هذه العبارة ، فانظر ماذا ترى .. إنه فكر راقي موحد، نعم لأنه طوع مشاعره كلها وعواطفه وفكره لتنفيذ أمر الله، يقول لإبنه إني أرى في المنام أني أذبحك !!! ثم يعطيه حرية الإختيار، وحرية الرفض أو القبول.
قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)
وتأتي الإجابة على نفس المستوى .. المستوى الإيماني العالي جدا .. والمستوي الفكري الراقي جدا، والمستوى الثقافي والإلمام ببواطن الأمور ورؤية الحق حقا والباطل باطلا.
لقد استخرج سيدنا إبراهيم من ابنه الوحيد جوهر الإيمان بالله العزيز الحميد، طاعة وثقة وحب ويقين بالله العلي العظيم.
بنت أختى الصغيرة .. عمرها 9 سنوات .. أبوها يريد أن تكون دكتورة .. وأمها تريد أن تكون معلمة، سألتها وأنت ماذا تريدين ؟ قالت أنا محتارة .
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
مما سبق لدينا الآن طريقة جديدة نتعامل بها مع خلق الله على اختلاف أجناسهم وألوانهم وقرابتهم أو بعدهم، بالصدق والأمانة المطلقة وبغير لف ولا دوران. فالرب واحد والرزق واحد وتعددت الأسباب والموت واحد.
No hay comentarios:
Publicar un comentario