31 ene 2016

قوة الكلمة وخطورتها في حياة الناس

 إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 
أحد معاني الإستقامة أن تعامل الناس كما أمرك رب الناس
قال الله تبارك وتعالى:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
[سورة النساء]
الآن سنستعرض فئات الناس التى أمرنا الله أن نعاملهم بالحسنى:
·       الوالدين (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
·       الأقارب كبيرهم وصغيرهم القريب منهم والبعيد الحاضر منهم والغائب (وَبِذِي الْقُرْبَى ‏).
·       واليتامى والمساكين .. فئة من الناس تحمل راية عالية، راية تنذر بالخطر، فكلما كان اليتيم مهملا في مجتمع ما كلما كان هذا المجتمع بعيدا عن رحمة الله، عليكم بقراءة سورة الفجر(وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ).
·       وهنا نصل إلى بوابة العالم الخارجي، ونظل نتدرج في المعاملات حتى نصل بها إلى العلاقات الدولية، بداية بالجار ذي القربى، فعندما أضاف الله إليه الجار الجنب فهذه إشارة واضحة إلى أن تشمل العلاقات الطيبة والمعاملة الحسنة كل البشر..( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ).
·       الصاحب والصديق، شخصيات نحتاجها للتروية، للترويح عن أنفسنا، لإثبات جوانب الخير فينا وفي الناس، كل منا يحتاج لصديق ولصاحب نتعامل فيما بيننا بأواصر المودة والرحمة، وهي صفة لا يعطيها إلا الله، ومن الحكمة البالغة البالغة أن أضاف الله تبارك وتعالى إلى الصاحب بالجنب إبن السبيل، لنشمله بنفس الرعاية والمعاملة الطيبة التى نخص بها أصدقاءنا وأصحابنا، إنها تربية ربانية عالية المستوى، فهنيئا لمن تحلى بها وأخذها بقوة،( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
·       (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ‏) فئة أنعدمت من مجتمعاتنا والحمد لله، ولكن هناك أشخاص سخرهم الله لنا ليخدمونا ويعاونونا على مشقة الحياة، فلابد أن نتقي الله فيهم ونعاملهم معاملة طيبة، وهنا يظهر الإيمان القوي السليم.
ثم يشرح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة في حديث جميل تعشقه النفس قبل العقل ويحبه كل ذي لب وفطنة وذكاء :
لا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎إِيمانُ‎ ‎عبدٍ‎ ‎حتى‎ ‎يَسْتَقِيمَ‎ ‎قلبُهُ‎ ‎، ولا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎قلبُهُ‎ ‎حتى‎ ‎يَسْتَقِيمَ‎ ‎لسانُهُ ، ‏ولا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ‎ ‎لا‎ ‎يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
الراوي أنس بن مالك‎ ‎المحدث‎: ‎الألباني ‏‎- ‎المصدر‎: ‎صحيح الترغيب‎ - ‎الصفحة أو الرقم‎: 2554‎خلاصة حكم المحدث‎: ‎حسن.
لا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎إِيمانُ‎ ‎عبدٍ‎ ‎حتى‎ ‎يَسْتَقِيمَ‎ ‎قلبُهُ
إذا لا تستقيم عقيدتنا إلا باستقامة القلب.. لأن مشاعرنا لها دخل كبير بتصرفاتنا، فإن استقام الإيمان استقامت مشاعرنا، أو استقام القلب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إذا فإستقامة القلب والمشاعر ( واستقامة المشاعر خلوها من الضغائن والنية السيئة) دليل على إستقامة الإيمان.
ولا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎قلبُهُ‎ ‎حتى‎ ‎يَسْتَقِيمَ‎ ‎لسانُهُ
وهنا نتذكر عطاء الله لعباده المؤمنين حين أمرهم بــــ:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
العفو عن الناس يقربنا من رحمة الله تبارك وتعالى، ويريح قلوبنا، فبالعفو ترتاح النفوس من وباء الضغينة والعداوة والبغضاء ومن وسوسة الشياطين.
‏ولا‎ ‎يَسْتَقِيمُ‎ ‎لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ‎ ‎لا‎ ‎يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
وهنا المصب بعد المنبع، فالكلمة فعل اللسان فإن سلم الجار من لساننا وأيدينا كان الإيمان سليما بسلامة القلب والعقيدة قوية بقوة الإيمان واللسان يلجمه معرفة الحلال والحرام ..
فاستقامة الإيمان والقلب واللسان تصب في معاملتنا للجار الذي اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم البوابة الرئيسية للعالم الخارجي.
الآن سنحاول استخلاص معاني الحديث الجميلة ووضعها في إطار بارز ليراها كل الناس فتابعوني رحمكم الله:
الإيمان  =   العقيدة
فبقدر قوة الإيمان تكون قوة العقيدة 

القلب  =  المشاعر
فيه تختلط الأفكار بالمشاعر فيتشكل الفؤاد

اللسان = الأفكار
وهو يعبر عن أفكارنا ومشاعرنا ونوايانا
فالكلمة كما صنفها الله إما طيبة أو خبيثة
·       إذا عقيدتنا هي دليل الإيمان، أو هي مرآة الإيمان، فقوة العقيدة مرتبطة بقوة الإيمان.
·       ومشاعرنا هي دليل قوة الإيمان أو ضعفه، فعندما تكون عقيدتنا مهزوزة وغير قوية تهتز مشاعرنا ويجد الشيطان الفرصة أمامه ليدس فيها الحقد والضغينة وينشر العداوة والبغضاء بيننا..( وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ).
·       أما الكلمة فهي التى تحمل معها مشاعرنا وأفكارنا ونوايانا، فهي إما سهم موجه إلى من نتحدث إليه إن كانت خبيثة، وإما رسول للمودة والرحمة والعلاقة الطيبة.
وسنرى سويا حوارا دار بين زعيم أهل النور وزعيم أهل الظلام، بين إمام المتقين وعمدة الفاسدين:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
حوار سيدنا إبراهيم نبع من إيمانه والنور الذي في قلبه، وذكر هذه الآيات الكريمة ينبهنا بأهمية أرتباطنا بنور الله وبالنور الذي جاء به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


21 ene 2016

أدب الكلام دليل استقامة الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم في صلاة الفجر مررنا بآية وقفت عندها كثيرا .. والعجيب أننا كنت تحدثت فيها بالأمس مع أحد أصدقائي، وقذفت إلى ذهني معاني كثيرة جدا .. سأحاول اليوم ذكر بعضها إن كتب الله لي التوفيق في ذلك ... اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .. اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا برحمتك يا كريم.
والآية تقول لكل من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمدا نبيا ورسولا صلى الله عليه وسلم :
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
[ سورة فصلت ]
إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
ولكن كيف تكون الإستقامة؟
يجيب على هذا السؤال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أرجو أن نعيره سمعنا وبصرنا وعقولنا وقلوبنا فهو صلى الله عليه وسلم يدلنا دائما على الخير وعلى مافيه نجاتنا من الهلاك والضياع والدمار:
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
الراوي أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - خلاصة حكم المحدث: حسن.
إذا فالإستقامة تبدأ من استقامة اللسان، ويظهر أثر ذلك واضحا عند الجيران .. سألوا سيدنا على رضي الله عنه عن حق الجار فقال أن تصبر على أذاه ..
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
الإستقامة تبدأ بأن نقول صدقا وعدلا ما نؤمن به حقا .. فإن قلناها بغير عقيدة ثابتة قوية وراسخة فهي مجرد كلام ، ودليل إستقامة عقيدتنا تظهر في معاملاتنا للناس عامة .. وأولهم الجيران .. طيب لماذا الجيران؟
لأن الجار هو أقرب الناس إلينا.. يرانا ندخل ونخرج، ويسمع حوارنا ويعرف زوارنا ويشعر ويرى بمعاملاتنا له .. فهو أول من يتلقى معروفنا وإحساننا أو إساءتنا خارج بيوتنا.
لايَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبد ٍحتى يَسْتَقِيم َقلبُهُ .
لا تستقيم القلوب لأن الإيمان بالله العلي العظيم ناقص ومعطل .. لم نراعي الله في تصرفاتنا .. لأن قلوبنا قد امتلأت عن آخرها بأشياء كثيرة جدا .. وبدون شك أنها من السلبيات ا لشيطانية..
طيب ياترى هذه السلبيات الشيطانية علاجها إيه ؟
ولايَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ
نعم علاجها أن يستقيم اللسان.. ولكن كيف يستقيم اللسان ؟
جعل الله تبارك وتعالى الإجابة على هذا السؤال في نداء خاص جدا بمن به آمن .. والعجيب والمدهش والغريب أنه أول نداء من رب العالمين لعباده المؤمنين.. وهو في سورة البقرة  الآية 103.. حيث قال الله تبارك وتعالى ينادي على من به آمن :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
وهكذا نجد أن استقامة اللسان تستدعي حتما وجذرا وبغير تفريط أن نلتزم بأمر الله بأن لا نقول كلمات أئمة الكفر والفساد، فكلمة راعنا يهودية الأصل ومعناها قبيح جدا ولكنها عندنا لا تحمل شيئا من القبح ، فلما سمعوا اليهود الصحابة يقولونها لرسول الله صلى الله عليه انتهزوا الفرصة واستخدموا هذه الكلمة ليسخروا منهم [ سخر الله منهم إلى يوم الدين في كتاب يتلى حفظه رب العالمين ].
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ
[ سورة إبراهيم ]
يعني كده أصبحت المسألة واضحة تماما .. فقد قسٌم الله الكلام كله إلى طيب وخبيث .. فلنحذر ولنطهر عقولنا من الخبيث بأن نبتعد عنه .. ولكن كيف نبتعد عن الخبيث السلبي الذي يأتينا من الشيطان وأعوانه؟
وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
يعني لازم نسمع أولا ونستمع إلى كلام الله .. بكثرة .. وبحزم .. وبقوة .. وبغير تهاون .. حتى نبرمج عقولنا من جديد على الكلام الطيب .. لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا...
طيب يا أستاذي المسألة ليست سهلة لأنها مسألة عادات متأصلة فينا من زمن بعيد .. والكلام بين الناس عموما قد أخذ هذا الشكل من التسيب الأخلاقي والتدهور البلاغي والإسفاف الفكري .. وهذا الأمر [ الكلام السلبي أو الخبيث أو الكذب أو الغش أو الخداع أو النفاق أو المداهنة أو المراوغة أوالفزلكة أو الفهلوة أو السخرية أو التريقة أو الإستهزاء ] كل ذلك أصبح عاديا بين الناس إلا ما رحم ربي .. فماذا نفعل ؟
أقول لكم بمنتهى الصراحة وبعد معالجة طالت معي سنين طويلة أن الأمر كله يكمن في الآية التالية :
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
[ سورة آل عمران ]
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
وهكذا نجد المسألة سهلة ومضمونة من رب العالمين .. كلما أخطأنا وزلت قدمنا وتكلمنا بما لا يرضي الله فعلينا أن نسارع إلى الله بالتوبة والإستغفار .. وهنا تكمن أول مراحل تقوى الله ..
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
علينا أن نساعد أنفسنا بأن ننفق في السراء والضراء .. خاصة مع الذين بيننا وبينهم عداوة .. فكظم الغيظ دليل الإيمان.. والعفو عن الناس هدية من الرحمن .. ثم هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
والله كأني بالله يقول لكل ضعيف فينا لا تيأس من رحمة الله .. أصبر على نفسك وداوم على الإستغفار في كل مرة تقع في معصية أو زلة لسان .. ولكن حذار من أن نصر على ما فعلنا أو تكلمنا أو عدم محاولاتنا الإستقامة على أمر الله.
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
***
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
هذه المغفرة من الله العزيز الحميد سنجدها عندما يأمن جيراننا بوائقنا.. فيتذوقون طعم السلام وربما سبقونا بالسلام والأمن والآمان..
الآن نعود إلى صدر الآية التى وقفنا عندها أول النهار .. فذلك من دواعي سروري لأنني وجدت فيها بشرى جميلة من العزيز الحميد .. ومنها عرفت نفسي .. وكذلك أنتم عندما نتدبر معاني كلماتها الجليلة:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)
وهنا نجد ملمح دقيق جدا وهو في غاية الأهمية .. وفي غاية اللطف والرحمة من العزيز الحميد.. أننا عندما نعمل صالح، عندما نهذب ألسنتنا، عندما نبتعد عن سماع ورؤية الخبيث من القول والعمل .. سنجد بل سنشعر بمصاحبة الملائكة لنا يبشرونا بأنهم أولياؤنا في الحياة الدنيا قبل الآخرة..
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
وبعد أن تم لنا هذا الإنسجام بيننا وبين الطيب من الكلام والصالح من العمل سنجد أنفسنا دون أن نشعر ندعو الناس إلى رب الناس ملك الناس إله الناس .. نستعيذ به من الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
ولكي تتم لنا هذه السيمفونية الأخلاقية الربانية يدلنا ربنا على الطريقة المثلى .. إدفع الضرر بالتى هي أحسن .. نتواضع لله .. نترك الإنتقام لأنفسنا فيزكينا ربنا ويجعل ذلك جبال من الحسنات والعمل الصالح الإيجابي بعيدا عن الشيطان وخطواته.
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)
وما ذلك إلا بالإستعانة بالصبر والصلاة .. الذي خصص لهما ربنا نداءه الثاني في سورة البقرة فقال تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
وطبعا هنا
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
ولا ننسى أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في كل مرة تراودنا فكرة أو خاطرة أو طائف من الشيطان .. سيعيذنا الله إن استعذنا به صادقين..
من خلال معالجتنا لأنفسنا سنعرفها ونراها على حقيقتها ... وقد ترك لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحا نتسلح به لمواجهة أنفسنا فعليكم به كلما دعت الحاجة إليه:
" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ ، وَالْكَسَلِ ، وَالْهَرَمِ ، وَالْجُبْنِ ، وَالْبُخْلِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَنَفَسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَدَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا "
والحمد لله رب العالمين

19 ene 2016

استقم كما أمرت واكتشف قدراتك الخفية ثم اصنع مستقبلك بيدك وفكرك وإصرارك

بسم الله الرحمن الرحيم
المودة والرحمة آية من آيات الله هو سبحانه الذي يمنحها أو يمنعها
قال الله تبارك وتعالى:
وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ بَهْمَرْدَ ، حدثنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حدثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ ، ثَنَا نُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " .
إذا هنا لدينا الأسس المتينة التى يجب أن نتبعها في بناء الأسرة السعيدة، فالمؤهلات اللازمة لكل رجل يريد الزواج هي أن يكون على خُلق ودين، لأن الدين هو المعاملة..
إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ
هذا توجيه لكل أب وكل أم، توجيه وضع فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشروط التى يجب أن يدقق فيها رب الأسرة عندما يتقدم أحدهم لطلب يد ابنته..
قصص الزواج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب علينا جميعا أن نعتد بها وندرسها ونأخذها بعين الإعتبار إذا أردنا تكوين أسرة سعيدة..
ولكن اليوم سنأخذ جانب معين من الموضوع يعرفه كل الشباب، كل من تزوج ضاربا بعرض الحائط نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كيف نختار زوجة المستقبل؟ هذا سؤال كبير أجابنا عليه قائدنا ومعلمنا وسيدنا المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم عندما قال :
(حديث مرفوع) أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ ، أنا أَبُو بَكْرٍ ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ ، نا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، قَالَ :
" تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَحَسَبِهَا ، وَدِينِهَا ، وَجَمَالِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " .
فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ
أي أن كل أب وكل أم لكي يحقق حياة زوجية على قدر من الإيمان والمستوى اللائق بالأخلاق الإيمانية يجب أن يربوا أبنتهم أو أبناءهم على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لأن المرء لمن يحب مطيع، فإذا ما أحببنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإننا سنطيعه، بغض النظر عن مراقبة الأباء....
فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ
فإذا ما كانت تربية البنت تربية إسلامية قائمة على تقوى الله في السر والعلانية أصبح من حق الأسرة أن تشترط حُسن الخلق والثبات على دين الله، حينئذ يتولى الله تبارك وتعالى أمر زواجها بمن يليق بها ويحفظها ويصونها ويقوم على خدمتها ..
أتمنى من كل شاب وفتاة أن يقوم بالنظر في محيط معارفه خاصة حالات الزواج القريبة منهم، سنجد أن الأسباب والظروف تعددت بعدد البشر ولكن النتيجة واحدة في كل الحالات إلا ما رحم ربي ..
في الحقيقة أن هناك قانون من العزيز الحميد يسري علينا وعلى كل المخلوقات إلى أن تقوم الساعة ..
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
العالم كله بإنسه وجنه، رجالا ونساءا، مؤمنين وغير ذلك، نجدهم أما في النور وأما في الظلام.
أهل النور يتعارفون فيما بينهم، أخلاقهم سمحة محببة تعرفهم بسيماهم، لا يكذبون، ولا يخادعون، ولا تبدر منهم أذية أو فعل قبيح، لأنهم يخافون الله، وهم دائما يعيشون في مودة ورحمة، كتبها الله لهم، وهداهم إليها، لأن المودة والرحمة آية من آيات العزيز الحميد، هو وحده الذي يمنحها أو يمنعها.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
الآن وصلنا إلى مربط الفرس.. عندما نختار شريك حياتنا ونحن بعيدا عن ذكر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإننا حتما سنختار من أهل الظلام...
إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ
وعندما نحاول أن نذهب إلى أهل النور نطلب يد من نطمع في مشاركته حياتنا فسوف نصطدم بالشروط التى وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبول النكاح، لأن أفكار أهل الظلام وتصرفاتهم وأخلاقهم لا تتوافق أبدا مع أفكار وتصرفات وسمات أهل النور. فيختلفون. ولا ننسى أبدا أن الله هو الذي يتولى أهل النور يخرجهم من الظلومات عندنا يتوبون، ويحفظهم من أهل الظلام ومن كل سوء.
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
‏[ سورة النور]‏
أول خطأ نقع فيه دون أن ندري أحيانا، النظرة، الإعجاب، وهي سلاح في يد الشيطان والعياذ بالله.. تجد الذي يطاوع نفسه وهواه ويطلق نظره هنا وهناك لا يبحث عن ذات الدين ولكنه يبحث عن جمال المظهروعن مواصفات أخرى يصورها له شيطانه..
الآن من تكملة الآيات سنعرف قدر المرأة وقدر القيود التى وضعها ربنا عليها، ليحفظ النسل والحرث والمجتمع المسلم الموحد بالله:
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)
إذا نساء المؤمنين لا يثيرون شهوة ولا فتنة ولا يتسببون في الإيقاع بالشباب المراهق لأنهن قد حفظن فروجهن وغضضن أبصارهن وقاموا بتنشئة أولادهن على هذا الأساس الأخلاقي الإسلامي الإيماني فهم من أهل النور ولن يرضوا بأحداً من أهل الظلام.
لذلك أيها الشاب عليك بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة والتحلي بالأخلاق الحميدة ولتأخذ عطاء ربك الذي جعله مصدرا للطاقة الإيجابية النورانية والتى تضفي على صاحبها نوعا فريدا من الثقة بالنفس والهدوء والإطمئنان، فتابع معي رحمك الله :
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
[ سورة البقرة ].
وهذه تنطبق على كل من أراد أن يتصالح مع نفسه وربه والكون كله وجميع المخلوقات، عليه بإستحضار شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الله كثيرا كثيرا ثم الإستعانة بالصبر والصلاة.. ولن يهمه بعد ذلك أن يتأخر زواجه أو يتقدم لأنه في معية الله العزيز الحميد اللطيف الخبير ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.
" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ "
وها نحن الآن في كل بلاد المسلمين نعيش هذه الفتنة والفساد العريض، لأننا تخلينا عن الأخلاق الحميدة واتبعنا الهوى ففسدت !!!!
اللهم أهدنا جميعا إلى ما تحبه وترضاه منا يا كريم .. اللهم إني أعذت شباب المسلمين بك من الشيطان الرجيم ومن الهلاك ومن الضياع ومن الفساد إنك سبحانك ولي ذلك والقادر عليه ... اللهم أهدهم واهدي بهم واحفظهم يارب العالمين ولا تجعل عليهم سبيلا من المفسدين الذي يفسدون في الأرض ولا يصلحون.. واشرح اللهم صدورهم للإسلام وحببه إليهم وادخلهم برحمتك في عبادك الصالحين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق كلهم أجمعين خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعثته بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.


11 ene 2016

مفاتيح السعادة الأبدية الخالدة من كتاب الله

المودة والرحمة
هل يا ترى افتقدناها أم نسيناها
1. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
2. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)
3. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
4. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
5. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
6. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21).
[سورة الروم]
هذه هي مراحل أو مفاتيح أبواب المودة والرحمة، بينَنها العزيز الحميد لعباده حتى لا نضل ولا نشقى.
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)
[سورة مريم]
لقد شرح لنا الله تبارك وتعالى معنى المودة والرحمة في الآية التالية :
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97)
[سورة مريم]
قوما لدا معناها قوما شديدي الخصومة بالباطل، وكأن المودة والرحمة لا يمكن أن تكون في خصام أو عداوة أو بغضاء أو كراهية ...
إذا البشرى للمتقين، والإنذار من الله للمختصمين، للأعداء، للمكذبين، الذين حرموا أنفسهم من رحمة الله بكفرهم وتكذيبهم وعداوتهم.
يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله أن الإنسان قد يفعل المعروف لمن يحب ولمن لا يحب ، ولكنه لا يتودد إلا إلى من يحب.
الآن سنتعرف على مفاتيح السعادة الناتجة عن الإيمان بالله ومودته سبحانه لمن به آمن:
أولا:
1.    وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16 الروم)
نلاحظ كلمة في العذاب محضرون، إنهم حاضرون دائما وأبدا حيث العذاب، فالقلق عذاب، والخوف بأنواعه عذاب، فمثلا الخوف من المرض أشد من المرض لأن المصيبة تقع على العبد ومعها لطف الله ورحمته.
يعني بالبلدي الفصيح إذا شعرت بعذاب أو قلق أو خوف أو اكتئاب أو ضيق فهذا معناه الوحيد أن عليك أن تجدد إيمانك بتجديد عهدك مع الله بالتوبة والإستغفار.
إذا أول مفاتيح السعادة التى يعقبها مودة ورحمة هي أن ننسلخ تماما من كل أفكار وأفعال الكفر، وأولها العداوة والبغضاء أوأن نٌبدي غير ما نٌخفي
2. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17 الروم)
3. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18الروم)
ثانيا وثالثا علينا بذكر الله وتسبيحه ليل نهار، تعمل جوارحنا وأيدينا وأرجلنا ولكن قلوبنا مع الله الواحد القهار نذكره ونسبحهه ونستغفره.
ولنا عند الله العزيز الحميد ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء حبل ممدود دائما ليخرجنا به ربنا من الظلومات إلى النور، وذلك بدليل الآية التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
[سورة الأحزاب]
4.    يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19الروم).
يعني بصريح العبارة يقول لنا ربنا أمضي في طريقك وحياتك ولا تخاف من مخلوق ولا تخاف من شيء حتى من الموت لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يخرج الحي من الميت، يعني عندما يموت عندنا أمل أو يخيب رجاء في من نحب فلنسارع إلى الله مولانا وربنا ليحيي ما قد مات فينا، ومعنى آخر جميل جدا تحمله لنا الآية التالية:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
5.    وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20 الروم).
فقط سنستخلص من هنا شيئا واحدا وهو أننا من تراب، فلا نتكبر ولا نزكي أنفسنا لأن الله تبارك وتعالى يزكي من يشاء وهو سبحانه ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء، نعم فله الكبرياء في السموات والأرض.
6.    وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21 سورة الروم).
هذه هي المفاتيح المؤكدة المفعول التى وضعها لنا ربنا لنحقق المودة والرحمة في حياتنا، ولكي نعرف نتيجة غيابهما أذهب إلى قاعة المحاكم، وأنظر في حياة المعذبين الذي حرموا أنفسهم من مودة الله ورحمته.
وهنا نصل إلى غايتنا وأتوجه لكل شاب وفتاة بنصيحة استخلصتها من الحياة، وهي أننا لن نجد في الظلام غير أهل الظلام، فإن أردت زوجة صالحة فأصلح من نفسك واخرج من الظلومات وتعرف على أهل النور، فإذا ما رأيت وشعرت بنور الله فاستسلم له ليتكفل هو بعدها بكل أمورك، وليكن حالنا هو :
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا