إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
أحد معاني الإستقامة أن تعامل الناس كما أمرك رب الناس
قال الله تبارك وتعالى:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
[سورة النساء]
الآن سنستعرض فئات الناس التى أمرنا الله أن نعاملهم بالحسنى:
· الوالدين (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
· الأقارب كبيرهم وصغيرهم القريب منهم والبعيد الحاضر منهم والغائب (وَبِذِي الْقُرْبَى ).
· واليتامى والمساكين .. فئة من الناس تحمل راية عالية، راية تنذر بالخطر، فكلما كان اليتيم مهملا في مجتمع ما كلما كان هذا المجتمع بعيدا عن رحمة الله، عليكم بقراءة سورة الفجر(وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ).
· وهنا نصل إلى بوابة العالم الخارجي، ونظل نتدرج في المعاملات حتى نصل بها إلى العلاقات الدولية، بداية بالجار ذي القربى، فعندما أضاف الله إليه الجار الجنب فهذه إشارة واضحة إلى أن تشمل العلاقات الطيبة والمعاملة الحسنة كل البشر..( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ).
· الصاحب والصديق، شخصيات نحتاجها للتروية، للترويح عن أنفسنا، لإثبات جوانب الخير فينا وفي الناس، كل منا يحتاج لصديق ولصاحب نتعامل فيما بيننا بأواصر المودة والرحمة، وهي صفة لا يعطيها إلا الله، ومن الحكمة البالغة البالغة أن أضاف الله تبارك وتعالى إلى الصاحب بالجنب إبن السبيل، لنشمله بنفس الرعاية والمعاملة الطيبة التى نخص بها أصدقاءنا وأصحابنا، إنها تربية ربانية عالية المستوى، فهنيئا لمن تحلى بها وأخذها بقوة،( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
· (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) فئة أنعدمت من مجتمعاتنا والحمد لله، ولكن هناك أشخاص سخرهم الله لنا ليخدمونا ويعاونونا على مشقة الحياة، فلابد أن نتقي الله فيهم ونعاملهم معاملة طيبة، وهنا يظهر الإيمان القوي السليم.
ثم يشرح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة في حديث جميل تعشقه النفس قبل العقل ويحبه كل ذي لب وفطنة وذكاء :
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ، ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
الراوي أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2554خلاصة حكم المحدث: حسن.
لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ
إذا لا تستقيم عقيدتنا إلا باستقامة القلب.. لأن مشاعرنا لها دخل كبير بتصرفاتنا، فإن استقام الإيمان استقامت مشاعرنا، أو استقام القلب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إذا فإستقامة القلب والمشاعر ( واستقامة المشاعر خلوها من الضغائن والنية السيئة) دليل على إستقامة الإيمان.
ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ
وهنا نتذكر عطاء الله لعباده المؤمنين حين أمرهم بــــ:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
العفو عن الناس يقربنا من رحمة الله تبارك وتعالى، ويريح قلوبنا، فبالعفو ترتاح النفوس من وباء الضغينة والعداوة والبغضاء ومن وسوسة الشياطين.
ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ
وهنا المصب بعد المنبع، فالكلمة فعل اللسان فإن سلم الجار من لساننا وأيدينا كان الإيمان سليما بسلامة القلب والعقيدة قوية بقوة الإيمان واللسان يلجمه معرفة الحلال والحرام ..
فاستقامة الإيمان والقلب واللسان تصب في معاملتنا للجار الذي اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم البوابة الرئيسية للعالم الخارجي.
الآن سنحاول استخلاص معاني الحديث الجميلة ووضعها في إطار بارز ليراها كل الناس فتابعوني رحمكم الله:
الإيمان = العقيدة
فبقدر قوة الإيمان تكون قوة العقيدة
|
القلب = المشاعر
فيه تختلط الأفكار بالمشاعر فيتشكل الفؤاد
|
اللسان = الأفكار
وهو يعبر عن أفكارنا ومشاعرنا ونوايانا
فالكلمة كما صنفها الله إما طيبة أو خبيثة
|
· إذا عقيدتنا هي دليل الإيمان، أو هي مرآة الإيمان، فقوة العقيدة مرتبطة بقوة الإيمان.
· ومشاعرنا هي دليل قوة الإيمان أو ضعفه، فعندما تكون عقيدتنا مهزوزة وغير قوية تهتز مشاعرنا ويجد الشيطان الفرصة أمامه ليدس فيها الحقد والضغينة وينشر العداوة والبغضاء بيننا..( وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ).
· أما الكلمة فهي التى تحمل معها مشاعرنا وأفكارنا ونوايانا، فهي إما سهم موجه إلى من نتحدث إليه إن كانت خبيثة، وإما رسول للمودة والرحمة والعلاقة الطيبة.
وسنرى سويا حوارا دار بين زعيم أهل النور وزعيم أهل الظلام، بين إمام المتقين وعمدة الفاسدين:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
حوار سيدنا إبراهيم نبع من إيمانه والنور الذي في قلبه، وذكر هذه الآيات الكريمة ينبهنا بأهمية أرتباطنا بنور الله وبالنور الذي جاء به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
No hay comentarios:
Publicar un comentario