المهام المقدسة لكل من الزوج والزوجة والأولاد
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وأن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا.
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري .
الضلع في الإنسان أعوج لحماية القلب والرئتين.. كذلك المرأة فهمي حماية للأسرة كلها من الهلاك والضياع بحسن فهمها لدين الله وحسن رعايتها لأولادها وزوجها.
نظرية قرآنية جديدة أعرضها عليكم وربما سمعتموها لأول مرة :
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
وهنا نرى العلاقة الواضحة والقوية بين الدور التى قامت به النملة ودور المرأة في رعاية الأسرة وتبدأ بزوجها.. فهي تحذره من الكسب الغير مشروع.. وهي تحذره من النظر إلى الحرام .. وهي تحذره من السهر خارج البيت وإنفاق المال فيما لا يجدي ولا ينفع .. وهي تحميه من الوقوع في ما حرم الله.. وهي تملأ عليه حياته وتحفظ ماله وعرضه وشرفه فلا يهلك.
ولدينا لفتة أخرى جميلة جدا:
قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ
هناك عامل مشترك بين ما قالته النملة لتحمي فصيلتها وبين قول المولى عز وجل :
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ
وقال أيضا تبارك وتعالى:
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
ما سبق هو دور المرأة وسنعرف الآن دور الرجل من سياق الآيات الكريمات فارجو أن تدققوا معي :
وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
هذه أول مهمة لآدم عليه السلام من الله العلي العظيم... الآن سننظر إلى أول مهمة من سليمان عليه السلام للهدهد وأول سفير من الطير لأول ملكة على وجه الأرض:
اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يتضح لنا من هذا أن الرجل مكلف بالإلمام بكل نواحي العلم الذي من شأنه يجعله سيدا وحكيما وذو شأن عظيم.. لكي يستطيع أن يواجه العالم كله بعلمه وحكمته وحُسن خلقه وحُسن تصرفه.
الآن سنصل إلى تكامل الهبات والملكات والقدرات والمواهب بين الرجل والمرأة ومسئوليتهما معا في بناء مجتمع كامل متكامل متجانس يقوم على العدل والإحسان وتكافؤ الفرص وحرية الإختيار والرأي في أعلى صور الديمقراطية القرآنية:
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ(..)
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
أكتمل الإيمان بين ملك الأنس والجان والطير وبين أعظم مملكة بعد مملكة سليمان عليه السلام، قالت (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، لقد جمع الله بين الرجل والمرأة ليبنوا معا المجتمعات في جميع أنحاء الكرة الأرضية، هو ملك نفسه وفكره وقراره.. وهي ملكة بيتها ومملكتها التى فيها الأسرة والأولاد والأحفاد .. وما هذا إلا استمرارا للتكريم الذي كرم به الله تبارك وتعالى آدم وحواء:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
الآن عندنا خطوات نتبعها عندما يجمعنا الله بمن سيشاركنا المأكل والمسكن والفكر والحركة والثواب والعقاب.. قال الله تبارك وتعالى:
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
[ سورة الروم ]
هذه المودة والرحمة إنما تأتي من اتباع منهج الله تبارك وتعالى، ولا يمكن بل من المستحيل الرباني أن نجدهما بعيدا عن منهج الله ..
هذا المنهج في هذا الموضوع بصفة خاصة عبارة عن خطوات بينها لنا ربنا في الآيات السابقة على هذه الآية .. ولنستعرضها معا آية بآية عسى ربنا أن يكتب لنا مع من نحب مودة ورحمة من عنده سبحانه وتعالى : [ الآيات في سورة الروم ].
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
إذا علينا كأول خطوة نتبعها لنحظى بالمودة والرحمة مع من نشاركه كل حياتنا هي أن نبتعد عن الكفر وأهله، لا نفكر مثلهم، ولا نحذو حذوهم، ولا نتكلم مثلهم، بل يجب أن تكون حياتنا وفقا لما سيأتي من آيات تالية على هذه :
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)
إذا نسبح ربنا في الصباح والمساء مع من نقتسم معه حياتنا، ويا حبذا لو أن في البيت أولاد وذرية فينعموا بالمودة وبالرحمة المهداة من رب غفور رحيم.
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
وكأني بالله العلي العظيم يقول لنا عندما نسبح حين نمسى وحين نصبح ندخل في زمرة المسبحين والحامدين في السموات والأرض فنساهم معهم بالتسبيح والذكر في جميع أوقات حياتنا، في الصباح والمساء وفي أوقات الظهر والضحى والعصر.
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
وهكذا تطمئن قلوبنا وتهدأ إذا ما عرفنا بيقين أن الله تبارك وتعالى على كل شيئ قدير، وفي الآية تنبيه جميل جدا ولطيف جدا أننا سنخرج مرة أخرى لنعود إلى الغفور الودود لنرى ما أعده لعباده المتقين المسبحين والمستغفرين بالأسحار.
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
سبحانك ربي .. كلمات في قمة البلاغة والتعبير.. يذكرنا بأننا من التراب وسوف نعود إليه حتى لا نتكبر على من يعيش معنا أو نتعامل معه، ثم بعد ذلك علىنا أن نعيش بشريتنا وننتشر نتكاثر وننشر الخير الذي هدانا إليه ربنا تبارك وتعالى.
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
[ سورة الروم ]
الآن يتم لنا السكن والسكينة ونحصل بإذن الله ورحمته على المودة والرحمة التى جعلهما ربي أساس بناء عش الزوجية الهادى الجميل القائم على ذكر الله وتسبيحه وابتغاء مرضاته.
لمن يريد الإستزاده فعليكم بتكملة السورة الكريمة فقد حدثنا فيها ربنا العزيز الحميد عن مزيد من آياته في كونه وملكه وملكوته حتى نتيقن أننا بين يدي ذوالملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.
أخي الكريم لا تجعلها تقف عندك .. فربما أنقذت بها حياة شاب أو فتاة وقعو في براثن الشيطان فتعثرت خطواتهم وذهب إطمئنانهم وراحو يبحثون عن الوهم تحت أسماء مختلفة كلها مزورة ومزيفة ولا نجني منها إلا مزيدا من التواهان.
No hay comentarios:
Publicar un comentario