اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ و مَعَالِيَ الأُمُورِ
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى بْنِ أَبِي حَنْظَلَةَ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّيْدَاوِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الْمَدَنِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا " .
والنفس البشرية إن لم تسف فهي تواقة لمعرفة معالي الأمور بحكم ملكة الفضول فيها، وهي تحب من أحسن إليها وتميل إليه، فلو جعلناها ترى إحسان الله وفضله العظيم علينا خشعت واستسلمت واطمأنت وقد تلومك إن أنت قصرت في حق الله .
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى
{سورة طه}
ولذلك يبذل الشيطان أقصى ما في وسعه ليأخذها ويسيطر عليها قبل أن تنتبه لتلك الأمور العالية فتقع وتسف وتهبط ..
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى
كل سيئ نمر به هو من اتباع خطوات الشيطان، فالذي يسبك قد وقع في حفرته واتبع هواه فسبك، فإن رددت الإساءة بإساءة فأنتم سواء، وقد ضاع الفضل بينكما.
لذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ونتوب إليه قبل الذنب وبعده وطول الوقت، فقال عليه الصلاة والسلام :
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، قَالا : ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا مُعْتَمِرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ يُحَدِّثُنَا ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إِلَيْهِ ، فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ ، أَوْ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ " .
ونتيجة الإستغفار والتوبة ثم الإنابة إلى الله تبارك وتعالى نرى نتيجتها المؤكدة عندما نواصل قراءة الآيات :
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى
( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) إجتباه ربه أي جعله في عناية الله المركزة فطهره وغفر له وطهره من المعصية والرجز ثم هداه .. قال الله تبارك وتعالى:
قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ
[الرعد 27 ]
( وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) أناب بمعنى رجع إلى الله بقلبه وعقله وفؤاده، أي رجع إلى الله بكل كيانه، بكل مشاعره وأحاسيسه، إن الإنابة إلى الله معناها أن نستسلم له كما يستسلم الطفل الرضيع لأبويه.
قال الله تبارك وتعالى:
وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ
(وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) بعد الإنابة، بعد الرجوع إلى الله العلي العظيم ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء إياك أن تتبع غير سبيل الذين أنابو إليه، إن لم تجدهم في طريقك فخلص قلبك من كل ما سوى الله وسوف تراهم يمدون لك يد العون وينيرون لك الطريق وينصحونك لوجه الله تعالى ولا يرجون منك أجرا ولا شكورا، فمثلا ولله المثل الأعلى أنت عندما تذهب إلى الأسكندرية فسوف تجد في طريقك كل المسافرين إلى الأسكندرية ولن تجد فيهم مسافر إلى أسيوط مثلا.. وهكذا علينا أن نتبع سبيل من أناب إلى الله العلي العظيم ..
هذه الإنابة وهذا الإتباع نجد ثمرته فيما يلي من كتاب الله فدقق فقد تكون فرصة عمرك للنجاة من العذاب إن شاء الله :
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ
[ سورة غافر آية رقم 7 ]
(فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) حتى حملة العرش ومن حوله يستغفرون للذين اتبعوا الهدى الذي جاء به سيد الخلق كلهم أجمعين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم.
أنصح بقراءة سورة غافر لما لها من شأن عظيم في ترقيق القلوب وترويض النفوس واستشعار عظمة الله العلي العظيم الودود الغفور ذو العرش المجيد الفعال لما يريد.
أخي في الله إن وجدت فيها خيرا فأحتضن الآيات وخذها بقوة فإنها رزقا حسنا فتح به الله لك أبوابا من الخير لا يعلمها إلا هو سبحانه.
No hay comentarios:
Publicar un comentario