مصادر الطاقة والنور
الصبر... والصلاة ... والقــــــرأن
هم مصادر الطاقة والنور بالنسبة لكل مؤمن
وهم أسس الفلاح الذي يشمل النجاح في كل إتجاهات الحياة
ومراداتها
الجزء الأول.
دليلنا في ذلك قول المولى عز وجل في ثاني نداء له
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة
والنجاح هو جزء يسير جدا من الفلاح، وهو ثمرة من
ثماره، ولكنهما لا يجتمعا إلا في تقي مؤمن
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره...
ولهذا نجد أن غير المؤمن التقي ينجح في حياته.. ولكن
شتان بين الفلاح والنجاح... لأن من رحمة المولى تبارك وتعالى أن جعل النجاح من
نصيب كل مجتهد بغض النظر عن كفره أو إيمانه، وهذا من فضل الله ورحمته بخلقه... لكي
تستمر بنا الحياة ويستفيد كل البشر من ثمرة نجاحهم في الدنيا.
ولكن المؤمن التقي الذي اتبع نبي الهدى والرحمة صلى الله
عليه وسلم وطبق ما جاء في كتاب الله من
أمر ونهي..ونهى النفس عن الهوى، فقد كتب
له المولى عز وجل الفلاح الذي من ثماره النجاح في كل خطوات حياته.. حتى فيما
يتمناه ويدعو به ولو أقسم على الله لأبره..
كلنا يتمنى أن يصل إلى تلك المرحلة، مرحلة أن يكون الله
معه يهديه وينير قلبه وحياته، ولكن قد تمنعنا بعض ما ارتكبنا في حياتنا من عادات
وتقاليد وربما أفعال تحول بيننا وبين الإستقامة الكاملة، وقد تمنعنا نفوسنا من
تحقيق ما نصبوا إليه من الهدى، وقد يكون المانع في بعض من يعيشون معنا..
لا تفرض رأيك أو وجهة نظرك.. ولكن ادخل على مليكك وخالقك في خشوع وخضوع الذي
يخاف عقابه، ويرجو عفوه.. ولا تجعل في نفسك غير هذا الإحساس.. إحساسك بالندم على
كل مافات من عمرك في ارتكاب المعاصي، وعاهد نفسك بصدق على عدم العودة إلى ما يغضب
الله، وتذكر دائما الموت والعقاب.
ثم لا تحزن ولا تخف ولا تيأس ولا تقنط من رحمة الله..
عليك بالتوبة في كل لحظات حياتك، والإستغفار الذي يلازمك كظلك، قبل كلامك وبعده،
وفي أثناء صمتك، فلا يفارقك لحظة واحدة.. فإن ذلك سيزيل من طريقك كل العوائق
والصعوبات ويذيبها كما يذيب الماء الملح.. وإن لم تصدق ذلك فعش معي كلام ربك:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا
اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا
تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ (32) . فصلت.
ستعاونك الملائكة إن استقمت على أمر الله..
وعن الفلاح حدثنا ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء
فقال:
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ
مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ
رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
(9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)
الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) سورة
المؤمنون
من أين يستمد البشر
طاقاتهم؟
يجيبنا المولى عز وجل عن هذا السؤال..
الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى
صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) سورة
إبراهيم.
أذا قبل نزول الكتاب، كان الناس في الظلومات.. خصص الله
لهم طاقة لا تصلح لأهل النور.. فهي طاقة لأهل الظلام.. لذلك تجد غير المؤمن لا يرى
الحقائق، ويتخطبط في الظللومات لأنه يرى برؤية أهل الظلام.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
أما الذي يؤمن بالله .. فقد أعطاه الله من فضله الوسيلة
المثلى ليواجه رحلة حياته وهو مملوء بروح القرآن والنور والأمل والطاقة الربانية
التى لا تخمد أبدا مادام العبد ذاكرا لله ويتقيه...
عندما يستعين العبد بالصبر على الصلاة.. ويستعين بهما
معا على طاعة الله... فإنه قد فاز بمعية الله وفضله ورحمته...
ولكم أن تتخيلوا عبد كان الله معه إينما كان. يمده بما
يحتاج من أمور في مشوار حياته، ويعينه على كل ما يبغي في طريق صلاحه..
عبد صبر على طاعة ربه.. ولم ينقطع عن ذكره.. يكون حاله
هو ما جاء في كتاب الله العلي العظيم :
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا
فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ
مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)
الأنعام.
هذا العبد الذي صبر وصلى ولم ينقطع عن ذكر ربه لحظة واحد
كما كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتى أوضحها لنا المولى تبارك
وتعالى الذي لم يفرط في كتابه من شيء ..
أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يقول لنا :
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا
شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) الأنعام.
وهكذا يجب أن تكون حياتنا، وحياة كل من اراد أن ينجى من
عذاب الدنيا وأحزانها، وكذلك ينجى من عذاب جهنم والعياذ بالله..
اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ
إذا وكما يعرف الجميع أن لكل سبب نتيجة... أنا أذاكر
وأجتهد في مراجعة دروسي فأنجح في الإمتحان، ولكن إذا أهملت دروسي ولم أجتهد
فالرسوب هو نصيبي...
وكذلك إذا إستعنا بالصبر والصلاة على طاعة الله ...
ستكون النتيجة الحتمية هي الفوز بمعية الله .
أخي في الله
للنداء تكملة وهي عبارة عن مراحل تترتب على ترك الإستعانة بالصبر والصلاة على طاعة
الله، وسنتكلم عنها بإذن الله تعالى في المرة القادمة إنشاء الرحمن... أما عن هذه
المراحل فهي كالآتي:
المرحلة
الأولى من النداء:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
إذا استعنت بالصبر والصلاة على طاعة الله في عموم حياتك
وخصوصها،فقد فزت بمعية الله التى تمنحك الطاقة والقوة والنور، وتصاحبك الحكمة،
وتسبقك المحبة إلى قلوب عباده، ويكتب لك القبول في الأرض، دليل هذا الكلام هو حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما
تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل
حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي
يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ،
وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته}.الراوي:
أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر:
صحيح البخاري - [صحيح].
المرحلة الثانية من
النداء:
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)
عندما تفوز بمعية الله في حياتك الدنيا، تلك المعية التى تضفي عليك
نعم خاصة، وفضل كبير من الله، يستوى عندك الأخذ والعطاء، وستعلم يقينا أن كل من
مات أو قتل في سبيل الله فهو حي يرزق عند ربه.
المرحلة الثالثة من النداء
عندما تجرفنا تيارات الحياة، وتأخذنا بعيدا عن مركز النور والطاقة
الإيجابية والتى مصدرها هو التقرب إلى الله بالنوافل والإستعانة على ذلك بالصبر
والصلاة، فإن الله سبحانه وتعالى يردنا إليه مرة أخرى بالإبتلااءات، مثل الخوف
والجوع الفقر والموت والفشل، حتى نعود إليه مرة أخرى.
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ (155)
من هم الصابرين ؟:
النتيجة الحتمية لحالة { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ }:
عندما نقول بصدق إنا لله وإنا إليه راجعون.. عندما تكون هذه هي
حالتنا التى نعيشها فعلا بكل كياننا.. فسنعيش حتما الحالة التالية والتى بشرنا بها
الرحمن الرحيم :
علامة
صدقنا عندما نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، هي أن تشعر بالطمأنينة والسكينة في
قلبك، فيذهب عنك الهلع والجزع، وترى هدى ربك واضحا أمام عينيك وفي قلبك وفؤادك وسمعك
وبصرك. هذا والله أعلى وأعلم ..
هذا هو النداء الثاني للذين آمنوا في سورة
البقرة، لا تجعلها تقف عندك
إنشرها وساهم في الأجر... فتكون لك صدقة جارية بإذن الله ، والحمد لله رب
العالمين. والصلاة والسلام على اشرف المرسلين الذي بعثه الله بالحق هدى ورحمة للعالمين.
**************
لقد خصص
المولى تبارك وتعالى طاقة خاصة لمن به آمن واتبع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم ،
وهذه الطاقة تختلف تماما عن الطاقة التى يتمتع بها غير المؤمنين... لذلك نادى الله
تبارك وتعالى على من به آمن ليعطيهم مصادر
تلك الطاقة النوارنية الربانية المباركة
حتى يفصل بين المؤمن وغير المؤمن، وقيل أن هذه الطاقة تنصب من السماء على الكعبة
الشريفة فكل من استقبل القبلة بوجهه وقلبه فإنه يستقبل تلك الطاقة النوارنية.
*****
28/9/2012
قال تبارك وتعالى:
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) غافر.
وقوله
تبارك وتعالى:
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ
وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ
وقوله
تبارك وتعالى:
مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ
وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24) هود
No hay comentarios:
Publicar un comentario