21 jul 2013

أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً



12 رمضان
العلاقة الوثيقة بين قلوبنا وعقولنا
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)﴾ البقرة.
نعيش اليوم مع العلاقة بين قلوبنا وعقولنا، بشرح وافي لفضيلة الدكتور النابلسي.. تابعونا جزاكم الله خير.. لتعرف ماعلاقة الحب بالعقل والقلب.. ونعرف ماذا نفعل عندما نقع في الحب؟ في حب إنسان، في حب شخص نرى فيه مواصفات حازت على إعجابنا الشديد.. في كل هذا يحدثنا الدكتور النابلسي فهلما إلى مائدة الحب ..
يقول فضيلة الدكتور النابلسي:
الإنسان قبل أن نشرح الآية جسدٌ يأكل، وعقلٌ يدرك، وقلبٌ يحب، هذه حقيقة الإنسان، وهذه جوانبه الثلاثة، جسدٌ يأكل، وعقلٌ يدرك، وقلبٌ يحب.
 دعونا من الجسد،. فنحن وبقية المخلوقات سواء، أجهزة وأعضاء وأنسجة، ويحتاج إلى طعام وإلى شراب وإلى راحة، له قوانينه وله مبادئه، والأطباء موكلون بمعرفة أمراضه ودوائه.
 دعونا من الجسد، ولنقف عند القلب الذي يحب، والعقل الذي يدرك، هل هناك من علاقة بينهما ؟ نعم، وهذه العلاقة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، دققوا في هذا الحديث:
(( أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ))
 فلو عرضت على إنسان قطعة بللور عادية وقطعة كريستال وقطعة ألماس ؛ فالماس ثمنها ثلاثمائة ألف، والكريستال ثمنها عشرون ليرة، بينما البللور ثمنها ليرتان، ثم قلت له: اختر، فإن اختار البللور فهو لا عقل له، وإذا اختار الكريستال فلديه بقية عقل، ولعله ما انتبه لقطعة الماس، أما الذي يعمل في بيع المجوهرات فإنه يأخذ الماس رأساً.
 فكلما نمت معرفتك ونما إدراكك، ارتقى اختيارك، وكلما نما عقلك ارتقى اختيارك، فالذي اختار الدنيا محدود، أحمق، غبي، لأنها قصيرة، ولأنها تنقطع عند الموت، ومهما علوت في الدنيا فكل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت، ومهما كنت غنياً فإن الكفن لا جيب فيه، ولا دفتر شيكات، ليس هناك قبر خمس نجوم، بل كل القبور نجمه واحدة وكل نجوم الظهر.
 فمهما كنت في أعلى مكانة في المجتمع، أو بأعلى مكانةٍ في المال، أو كنت حائزًا على أعلى الدرجات العلمية، بورد مثلا، فمصيرك إلى القبر.
نواصل مع فضيلته :
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
 هنا الحمق واضح جليّ، فإنسان فانٍ، إنسان ميت، إنسان محدود، إنسان ضعيف إنسان لئيم، تمنحه حبك، إنها متاهة تؤدِّي إلى الضياع.
 إنك لن تجد إنسانًا على وجه الأرض أخلص للنبي كسيدنا الصديق، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي ))(رواه البخاري)
 إذاً هذا القلب لا يليق به إلا أن يحب الله، فأنت تحتقر ذاتك إذا أحببت غير الله.
 قال تعالى:
﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾(سورة البقرة: الآية 130 )
 إنّ أشد أنواع احتقار الذات، أن تكون لغير الله، محسوب على غير الله، أو أن تُجَيّر - بالتعبير المصرفي- لغير الله، وأن تحب غير الله، دققوا في الآية:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
 إنك تحب زوجتك أكثر من الله، فهناك علامة، أعوذ بالله !! لا أحب إلا الله، حينما تطيعها في معصية الله، فاعلم أنك تحبها أكثر من الله، وهناك علامة كذلك أنك تحب أولادك أكثر من الله، حينما تطيعهم أكثر من الله، وهناك علامة أنك تحب هذا البيت أكثر من الله والجنة، فإذا جلست به مغتصباً، ولم تعبأ بتهديد الله لك، وتقول: القانون معي، خير إن شاء الله، فليشفع لك القانون عند الله تعالى.
والآن مع قصة قوية جدا وواقعية يحكيها لنا الدكتور النابلسي فدقق معنا لنعرف أن الحب في الله يرفع من قيمة الإنسان ويصل به إلى أعلى مستوى في الإنسانية:
هناك قصة وقعت من خمسين سنة، فخطيب جامع الورد بحي ساروجه رآى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: قل لجارك فلان إنه رفيقي بالجنة، ليس معقولاً، أنا الخطيب وأنا الداعية، والمنام ليس لي، بل للسمان جار المسجد، وفي الصباح طرق بابه، وقال له: لك عندي بشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا أقولها لك إلا إذا قلت لي ما صنعت مع ربك، فلما استحلفه قال له: والله تزوجت امرأة وبعد خمسة أشهر من عرسي كانت في الشهر التاسع، إذاً هذا الولد الذي في بطنها ليس مني.
 قال له: بإمكاني أن أسحقها، بإمكاني أن أطلقها، بإمكاني أن أفضحها، لكن وجد أنها زلت قدمها مرة واحدة، وأرادت أن تتوب على يديه، فأتى بقابلة، وأولدتها ليلاً، وحمل الوليد إلى المسجد بعد أن كبر الإمام تكبيرة الإحرام، حتى لا يراه أحد، ووضع الغلام عند طرف الباب، فلما انتهت هذه الصلاة، بكى هذا الوليد، فتحلق المصلون حوله وجاء معهم كواحد منهم، دون أن يشعرهم أنه يعلم، قفال: خير ماذا هنالك ؟ تعالَ انظر، ولدٌ وُلد لتوه، قال: أعطوني إياه أنا أتكفله فأخذه و رده إلى أمه وأمام الجيران سترها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل لجارك فلان: إنه رفيقي بالجنة.
 نحن الآن جميعاً أُعْجِبْنا بهذا الموقف، لأنّ الإنسان يحب الكمال، ويحب المروءة، والشهامة، والأمانة، والإخلاص، والجمال، والإنسان يحب النوال{ أي العطاء}.
والآن نعيش مع حديث قدسي يقصه علينا فضيلة الدكتور، فهيا بنا نعيش مع كلام رب العالمين الذي يسكن القلوب فيعمرها بالحب والطهر والنقاء والصفاء والإستقامة:
" إني والإنس والجن في نبأٍ عظيم، أخلق ويحمد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي، وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة بعشر أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بالعبد من الأم بولدها ".
 قل لي ما الذي تحبه أقل لك من أنت، فكلما نما عقلك أحببت ربك، وكلما ضعف العقل أحببت سواه، وكلُّ شيءٍ سواه فانٍ.
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)﴾   ( الرحمن: 26 )
أما إذا أحببت الله فأنت العاقل، وأنت الذكي، وأنت الموفق، وأنت المفلح، وأنت الفائز، وأنت الذي عرفت سر وجودك، وأنت الذي عرفت قيمة وجودك، فلا تعرف قيمة وجودك إلا إذا عرفت الله عز وجل، وأنت لله أوَّلاً وأخيرًا.
 إنّ الماء للتراب ليسقيه، والتراب للنبات لينبته، والنبات للحيوان ليأكله والحيوان للإنسان ليتغذى به، وأنت لله، فإذا أحببت غير الله فقد وقعت في شر أعمالك.
أنتهى كلام فضيلة الدكتور
Click HereClick Here
 أنَّهُ ، قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ! مَن أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟ قالَ : عائشَةُ . قالَ : مِنَ الرِّجالِ ؟ قالَ : أبوها
الراوي:عبدالله بن عمرو المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3886 خلاصة حكم المحدث: صحيح
كلمة لكل الشباب.. رجالا ونساءا.. عندما نتوجه بقلوبنا إلى الله.. فالقلب يهدأ ويمتلئ نورا وحبا عظيما جدا لله العلي العظيم .. وهذا الحب يشمل كل شيء .. الإنسان والحيوان والنبات والجماد.. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبل أحد أنه جبل يحبنا ونحبه..
هذه حقيقة مجربة.. وهي من الحقائق التى لا تقبل الشك.. توجه إلى الله بقلبك  مخلصا له الدين وستجد نفسك تحب كل مخلوقات الله لله، وستجد نفسك محبوبا في السماء وفي الأرض..
الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد
في مسالة الحب هذه ربما تكلمنا عنها في وقت لاحق.. ولكني اليوم سأهديكم دعاء جميل جدا قرأته منذ فترى في أحدى صفحات الشبكة ومنذ ذلك الوقت وانا ادعو به:
<< اللهم إني استودعتك قلبي فلا تجعل فيه أحدا سواك، واستودعتك نفسي فلا تجعلني اخطو خطوة إلا في رضاك، واستودعتك لا إله إلا الله فلقني إياها عن الموت، واغفرلي ولوالديا ولأخوتي ولأحبتي ولكل من له علي حق من عبادك أنت يامن لا تضيع عنده الودائع >>.

No hay comentarios:

Publicar un comentario