19
رمضان
عندما تتحرر عقولنا من سيطرة النفس
تتحول تلقائيا إلى أجنحة وعيون بالنسبة للقلب
فنرى بها الحقائق الكبرى
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ
قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)الحج ..
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ
عندما
يميل الإنسان ولو قليلا عن الحق، ويتبع هواه، يكون بذلك قد استسلم تلقائيا وكليا
لنفسه، فتسيطر هي على عقله وتستخدمه لتحقيق أغراضها.. ويصبح القلب معطلا عن ممارسة
مهامه في رؤية الحق والتفريق بينه وبين الباطل في كل أمور الحياة، وتضعف العقيدة
ويصيبها خلل ومع كل معصية تنكت نكتة سوداء في القلب حتى يسود كله .. والحل الوحيد
في هذه الحالة هو تلبية نداء الرحمن الذي يقول فيه :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي
اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا
وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم .
تعرضُ
الفتنُ على القلوبِ كالحصيرِ عُودًا عُودًا ، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها ، نُكِتْتْ
فيه نكتةٌ سوداءُ ؛
وأيُّ قلبٍ أَنكَرَها نكتتْ فيه نكتةٌبيضاءُ ، حتى تصيرَ على قلبينِ : أبيضُ
مثلُ الصفا فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامتِ السمواتُ والأرضُ والآخرُ أسودُ مِربادًّا ،
كالكُوزِ مُجَخِيًا لا يَعرِفُ معروفًا ولا يُنكِرُ مُنكَرًا إلا ما أُشْرِبَ هواه
مجخيا أي مقلوبا .
رَبَّنَا
لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ
رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
وهنا يعلمنا ربنا أن صلاحنا
في الحياة الدنيا ونجاتنا من الهلاك والضلال مرتبط إرتباطا وثيقا بثبات قلوبنا على
الحق، على دين الله ، فإن القلوب تزوغ بزوعان النفس عندما نتبع أهواءنا وعندما
تسيطر النفس على عقولنا، فنضل ونشقى..
يا
أيُّها النَّاسُ استَغفِروا ربَّكم وتوبوا إليهِ فإنِّي أستَغفِرُ اللَّهَ
وأتوبُ إليهِ في كلِّ يومٍ مئةَ مرَّةٍ أو
أَكْثرَ مِن مئةَ مرَّةٍ
الراوي: رجل من المهاجرين المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر: الأمالي المطلقة -الصفحة أو الرقم: 255
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الإستغفار يعيدنا إلى الوضع
الصحيح في حياتنا، وييساعد قلوبنا على أن تتخلص من كل ما علق بها من مغريات الحياة
فتجليه وتجعله في وضع صحيح وجيد ليستقبل عن الله سبحانه وتعالى رحماته ونفحاته
عندما يوافق دعاءنا واستغفارنا لحظة إجابة من العلي العظيم .
الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ
تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
إذا إطمئن قلبك فلا خوف لديك
إلا من الله، وإن إطمئن قلبك فأنت في عيشة هنية وكل ما يقلقك ويحزنك سيذهب عنك
حزنه بالدعاء وبذكر الله.
ذَٰلِكَ
وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ
تعظيمك لشعائر الله، ذكره
وتسبيحه وإقامة الصلاة في أوقاتها وصلة الرحم والصدقات وتحري الصدق وفعل الخيرات
والتقرب إلى الله بالنوافل هي مدخلنا الكبير إلى تقوى الله، وإلى تطهير قلوبنا من
كل ما يتعلق بها من أمور تعوق مسيرتنا نحو رضى الرحمن .
هُوَ
الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ
يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا
ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى
وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.
غافر -
الآية 67
جميع مراحل حياتنا بيد الله
تبارك وتعالى، فعندما نغفل عن هذا تجرفنا تيارات الحياة، فنبتعد عن راحة قلوبنا
وراحة بالنا ويبدأ الشقاء يدخل إلى نفوسنا مع كل ما يحمله من أحزان وأوهام وقلق لا
ينتهي.
اللَّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ
إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
البقرة
نعود إلى هذه الآية الكريمة
لنطمئن إلى رحمة الله، فعندما نستغفره ونتوب إليه ونحرر عقولنا من غزو الأفكار
والفلسفات والنظريات حينئذ نشعر بإرتياح ويدخل النور إلى قلوبنا.
أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
إِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
هنا نرى سيطرة النفس واضحة
على عقل الإنسان .. يخلو قلبه من الإيمان وتغزوا عقله نزغات الشيطان، ويفقد النور
الإلهي الذي يتمتع به كل من تدبر آيات الله وتفكر فيها وطبقها.
قَالَ
إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا
مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ (258) البقرة.
وهنا في الحال إستدرج سيدنا
إبراهيم هذا الذي أتاه الله الملك إلى بؤرة الظلام في نفسه فلم يستطع ردا وبهت
الذي كفر.. وهكذا تكون شخصية المؤمن التقي الموحد بالله، يرى بنور الله وهو بارع
في حواراته مع الآخرين يرى فيهم نقاط ضعفهم فيعالجها بكلمات رقيقة وصائبة.. ثم بعد
ذلك الله يهدي من يشاء.
أحبابي في الله هذا ما وفقني
الله إليه من خواطري، وما فيها من صواب فمن الله وحده سبحانه وتعالى وما فيها من
خطأ فمني وأستغفر الله لي ولكم ...
فإن رأيت فيها خيرا وصلاحا
فقم بنشرها بين أحبابك للتذكرة بدين الله فإن الذكرى تنفع المؤمنين. والصلاة
والسلام على أشرف المرسلين والحمد لله رب العالمين .نف
No hay comentarios:
Publicar un comentario