قال الله تبارك وتعالى:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
[سورة الأعراف]
الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نقوم بعملية تفريغ لمشاعرنا السلبية لكي نستطيع أن نأخذ العفو، لأننا لن نستطيع أن نعفو عن الناس وصدورنا مشحونة بمشاعر ضدهم، لذلك المولى عز وجل لم يقل أعفو عن الناس ولكنه قال خذ العفو ..
وهذا معناه أن هناك عطاء من الله، وهو العفو .. وهو أكبر عطاء .. لأنه يريح النفس ويزيد من العلاقات الطيبة بين الناس ..
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
فإذا قمنا بتفريغ ما بأنفسنا من مشاعر سلبية فسوف يكون لدينا حتما متسعا للعفو الذي يحل محل كل تلك المشاعر التى استطعنا أن نتركها تذهب إلى حيث لا رجعة، تماما كالذي يفرغ أنبوبة الغاز من الغاز فيحل محله الهواء.. أو كالذي يملأ كأسه بالماء فيخرج منه الهواء.. حينئذ نستطيع أن نأمر بالعرف، لأننا استطعنا أن نفرغ صدورنا وعقولنا وقلوبنا من كل ما صدره لنا الشيطان.
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)
وهذه هي المرحلة الثالثة .. فبعد أن طهرنا مشاعرنا من الضغائن واستطعنا أن نأخذ عطاء ربنا المتمثل في العفو .. الآن أصبحنا جاهزين لأن نأمر بالعرف ومن يعترض ولا يقبل الإمتثال لأمر الله فلنعرض عنه ونتركه لحال سبيله وندعو الله أن يقينا شره.. ثم نواصل رحلتنا مع الآية الكريمة:
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)
طبعا هنا في هذه المرحلة لن يتركنا الشيطان، ولن يدعنا نواصل رحلتنا في طاعة الله ولن يتركنا نأخذ العفو ولن يتركنا في سلام وهو يرانا نقذف بكل ما أصابنا به من كراهية وضغينة وأمر بالفحشاء والمنكر، لن يدعنا نحرر أنفسنا من سموم الوساوس وجذور العداوة والبغضاء، سيحاول بكل استطاعته أن ينزغ بيننا ويدس الدسائس وسيعمل على نشر العدواة والكراهية بيننا، لذلك أعطانا الله مع العفو فعالية الإستعاذة به من الشيطان الرجيم.. وأكد ذلك بقوله أنه سبحانه وتعالى إنه سميع عليم.. يسمعنا ويعلم ما نُعلن وما نُخفي.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
[ سورة الأعراف]
الآن لدينا الطريقة الفعالة والمثالية التى تجعل الشيطان صغير وحقير ولا يستطيع شيئا البتة ضدنا، ذلك أن تقوى الله درع واقي يتحطم عليه كل سوء وكل شر وكل مكر وكل كيد.. لذلك فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول :
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا ، وقَالَ لآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ : لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ، كَانَ يَقُولُ :
" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا " .
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ
No hay comentarios:
Publicar un comentario