31 dic 2015

استفتاء هام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
استفتاء.png

أخواني وأخواتي في الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. إن شاء الله تكونوا جميعا بخير وفي أحسن حال .. أسأل الله لي ولكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة  أما بعد
أرجو من حضراتكم المساهمة معي في تحديد أسباب تدهور هذه الأمة... على الرغم من أنني على يقين أنها ستهب كالمارد من رقدتها لأن الله تبارك وتعالى بهذا وعدنا ..
أريد أن نبدأ الدورة انطلاقا من نقاط ضعفنا .. وهي كثيرة .. ولكن هناك نقاط معينة تعتبر قوية التأثير في الناس .. مثلا الكلمة المتداولة بين عامة الناس .. معظمنا ينسى عندما يتكلم ان الله تبارك وتعالى قد صنف الكلام كله إلى طيب وخبيث .. وخصص لذلك أول نداء في كتاب الله للذين آمنوا ..
أرجو أن تساهموا معنا ولو بكلمة .. حتى نكون كلنا شركاء في الأجر إن شاء الله
دمتم بخير وصحة عفو من العزيز الحميد تبارك وتعالى.
قريبا جدا إن شاء الله  سنبدأ دورتنا من جديد… وما التوفيق إلا من عند الله.

29 dic 2015

الدين والحياة
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
[ سورة النمل 40]
ماذا يحدث عندما نفصل الدين عن الحياة؟
يوجد بداخلنا جهاز كمبيوترعظيم جدا وكبير جدا لا نهاية لوصفه، لا يعرف حدودا ولا مسافات والزمن لا يدخل في حساباته.. إنه العقل ولكي نعرف جزءا من حقيقته فعلينا بتدبر الآية سالفة الذكر عاليه .. [ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ] من هنا نعرف أن غذاء العقل هو العلم .. وأفضل العلوم وأعلاها هو ما نجده عندنا في كتاب الله تبارك وتعالى..حلو كده خليك معايا:
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ
( الآية تنبهنا أن الشيطان قد عرف قدرة العقل في الإنسان .. عندما علم الله آدم الأسماء كلها، لذلك هو جند نفسه وإرادته لكي يحول بيننا وبين ما منحنا الله من عقل لا يعرف حدودا ولا تحده الأزمنة ولا تؤثر فيه المسافات ولا يخضع لأي نظريات أو حسابات، عقلا إذا انطلق من كتاب الله أصبح الفلاح والنجاح والتوفيق من سماته الأصيلة لا يفارقانه أبدا إلا لمزيدا من المعرفة والعلم والإيمان ).
وبعدين الشيطان قاعد متربص مستني غلطة .. همسة .. نظرة .. أي حاجة .. ويعمل من الحبة قبة، وتبدأ الرسائل الشيطانية من شيطانك لشيطانه .. ويبدأ العقل الباطن في العمل .. بطريقة سلبية، ويخفي تماما كل الإيجابيات .. حسب أمرك انت ومشاعرك انت ونيتك انت .. لأنك زعلت من الشخص الآخر..[ راجعو كتاب قوة التفكير للدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله ].
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ
يدفن العقل ملفات الإعجاب .. ويفتح ملفات جديدة سلبية .. تحمل كل السلبيات .. هي كانت موجودة أصلا ولكننا كنا نتغاضى عنها .. وكذلك عقلنا .. ولكن عندما ينجح الشيطان في زرع العداوة والبغضاء ونحن نوافق على ذلك يبدأ الفكر السلبي يخرج إلى كل الدوائر التى نعيش فيها ويعود إلينا بمزيد من السلبيات ، ويتصل الفكر بالإحساس فتزداد الأفكار السلبية قوة .. ومع الوقت يتحول الحب أو الإعجاب إلى نقيضه.. وتنفجر العلاقة .. وينكسر زحاجها [ لذلك سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قوارير من الزجاج لنحترس ولا نكسرها] .. فتتحول إلى فتافيت تجرح وتصيب وأحيانا تكون مؤلمة جدا إذا كانت من حبيب أو قريب..
حبل الله المتين
في حياة كل منا خيوط حريرية قوية جدا .. أحيانا لا نراها .. هذه الخيوط هي حبل الله المتين .. ننشغل عنها عندما نهتم بحبال الناس من حولنا .. لدينا آية عن الحبال تقول :
[ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ]
هذا حبل متين من العزيز الحميد.. فإذا ما أهملناه ربما وقعنا في حفرة من النار والعياذ بالله، نار التفكك والكراهية والبغضاء وكل ما يسبب لنا الآلام .
وللناس حبال أخرى فحذار أن نخلط بين حبل الله المتين وبين حبالهم:
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ
والطريقة المثلى لتجنب كل هذا نجدها في الآية التالية:
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه
الراوي: أنس بن مالك - المصدر: صحيح البخاري  ـ خلاصة حكم المحدث: صحيح
عندما نحب شخص أو نهتم به أو .. أو .. أو .. علينا أن نمسك بهذا الحبل .. لأن من خصائص هذا الحبل أنه تتلاشى بجانبه كل الحبال .. طرفه بيد من يمسك به وطرفه الآخر بيد الله تبارك وتعالى ..
أجمل مايريح النفوس، ويغسل القلوب ويطهرها من الوساوس والعداوة والبغضاء أن نتذكر دائما نتيجة الحب في الله .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ ، وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ ؟ ، قَالَ : هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ :
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
[ سورة يونس آية 62]
المحبة في الله تكون خالية من المصالح المتبادلة، ومن القرابة والصداقة والتجارة وكل ما يرجى من غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
يعني مفيش داعي ابدا نخسر الناس .. اي انسان مهما كان هو جندي من جنود الله ينفذ قضاء الله وقدره فينا .. فعندما يسبني أحد فهذا اختبار هل سأنحدر إلى مستواه الآخلاقي المنحط؟ أم سأعتصم بأخلاق القرآن وآخذ العفو ثم أعرض عن الجاهلين ؟
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)
هذا هو الحل .. اعتصم بالله .. وخذ العفو .. لأن العفو هنا سيفرغ شحنة الغضب فيك، وسيذكرك بالله، سترى أن موقفك الإيماني هو أثمن مالديك.. وسوف تخسره إن لم تعفو ... وإن كان جاهلا فأعرض عنه حتى لو كان !!!!
وسنكتشف بعد ذلك أن التعامل مع الناس يحتاج أولا إلى قدرتنا على التسامح وأن نتغاضى عن أخطاءهم مهما كانت، وتحتاج إلى صبر كبير .. ومقومات الصبر هي العفو عن الناس.
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)
في هذه اللحظات لن يتركك الشيطان .. سيظل يوسوس لك .. وينزغ .. ويحتال .. ويأتيك من كل باب وجانب .. فاستعذ بالله بصدق وقوة وإحساس  وإصرار. وسيعيذك الله بإذن الله من الشيطان الرجيم.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
هنا نحتاج بشدة إلى التقوى .. تقوى الله هي الدرع الواقي من كل المصائب والإبتلاءات.. ومن العفاريت الزرق.. ومن الجن والإنس .. تقوى الله هي حبل نجاتنا من الشقاء والعذاب والهلاك والضياع والفشل والإحباط والإكتئاب...
وتقوى الله هي مشوار حياة، وهي وسيلتنا الفعالة لتحقيق الإستقرار النفسي، وهي كنبتة صغيرة تنبت ضعيفة، أو هي كضوء الشمعة تتأثر بأقل تيار من تيارات الحياة، وكلما كبرت ونمت ونضجت ورسخت فينا تقوى الله كلما كانت كدرع واقي يهابه العدو قبل الصديق، وذلك بدليل الآية التالية:
يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
[الأعراف 66 ]
ثم بعد ذلك كل محاولة منك لتغيير أفكارك تعتبر عمل صالح في سبيل الله
كل معلومة تحصل عليها هنا أو في أي مكان ضعها في حيز التنفيذ.. فكر فيها قبل النوم .. واربطها بآية أو بنية حسنة .. وسيتبناها عقلك الواعي تلقائيا ..ونام وأنت محتضن نية التغيير بتطبيق ما تعلمت.
بعدها ستملك قلوب الناس بحسن معاملتك لهم وبالعفو عنهم وغض البصر عن أخطاءهم وعوراتهم.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم

18 dic 2015

الذاكرة مرتبطة ارتباط وثيق بذكر الله .. فهي تنشط وتقوى وتكون في أحسن حالاتها


هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15
[سورة غافر]

بسم الله الرحمن الرحيم 
وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ 

وجدت في رحلتى الأخيرة معنى جديد لهذه الآية الكريمة .. وارتبطت بشكل قوي بالوصايا ... فقد ختم الله الوصايا التسعة بقوله عز وجل : 
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
يعنى لن نستطيع أن نكون من الذاكرين المتذكرين والمذكرين إلا إذا أنبنا إلى الله
بمعنا أن نرجع إليه حتى ونحن عنده، وربما الجزء الأخير من حديث رسول الله يوضح لنا هذا 
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " .
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ
يعني من حلاوة الإنابة التى هي الرجوع إلى الله يصبح الإنسان العاقل يكره أن يترك هذه الحلاوة ويعود
إلى مشاغله الدنيوية، لذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ونتوب إليه في كل ثانية
وكان صلى الله عليه وسلم عندما يسلم بعد انتهاءه من الصلاة يستغفر الله العلي العظيم 
قائلا استغفر الله ... استغفر الله ... استغفر الله 
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

يارب أكون استطعت أن أوصل لكم المعلومة 
فإني رغم اختلافنا إلا إني أحبكم في الله

17 dic 2015

افتتاحية سورة الفجر


بسم الله الرحمن الرحيم 
كلمة شكر وتقدير من القلب للقلب 
اتقدم بجزيل شكري وعظيم تقديري وفائق إحترامي لكل من زارنا في هذه الصفحة المتواضعة وعبر بكلمات ودعاء نرجو من العلي العظيم ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء أن يتقبله منا وأن يجعله في ميزان حسناتكم إن شاء الله .. أكثروا من الدعاء فهو أمر من الله العلي العظيم واجب النفاذ:

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 
*****
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا 
******

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ 
*****
وهكذا نرى أن الدعاء هو وسيلتنا الأكيدة للخروج من كل هم وكرب وحزن وقلق ... والله يحب عبده اللحوح.. ويغضب من عبده إن لم يسأله الخير في كل أموره .. 
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. وجعل منكم جميعا دعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ... قال الدكتور النابلسي أن الحكمة هي أن تعمل بما علمت من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .. وهنا وجب علي أن أذكركم بآية كريمة تدعم هذا الكلام وهي دليله وبرهانه ....
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)فصلت
*****
والدعوة إلى الله المقصودة هنا تختلف عن دعوة العلماء والشيوخ والوعاظ .. لأن الله تبارك وتعالى أضاف{ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فالعالم والواعظ والشيخ ليسوا في حاجة لقول أننا من المسلمين لأنه يدعو إلى الإسلام .. فلن يدعو إلى الإسلام مسيحي أو يهودي أو ملحد.. إذا فالدعوى المطلوبة هنا هيا بالمعاملة الحسنة لكل خلق الله من إنسان وحيوان ونبات وجماد .. وما من شيئ إلا ويسبح بحمد الله وهكذا وجب علينا حسن معاملته.. حتى الذبيحة حتى الهرة والكلب .. وناهيك عن الجار والأقارب وعموم البشر.. وهذا تطبيقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وضع فيه المنهج الإسلامي كله :
{ عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهُ قالَ قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اتَّقِ اللَّهَ حيثُما كنتَ وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ}
هذا واستغفر الله لي ولكم وكل عام وأنتم بخير وسعادة وزيادة في الإيمان وفي محبة الله ورسوله وفي القرب من الحق قولا وعملا وسرا وعلانية ..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك واتوب إليك

لنا مع كل طلعة شمس طاقة نوارنية جديدة يحصل عليها من صلى لله خاشعا

وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْفَجْرِ
قسم عظيم بوقت عظيم من رب عظيم فهل نعي ما في هذا القسم ؟؟ ... الفجر هو الفاصل بين الليل والنهار.. وكل منا له شأن في هذه الأوقات ... وكل منا في هذا الوقت المحبب إلى النفوس له شأن يغنيه .. وغاية يسعى إليها ...
وَلَيَالٍ عَشْرٍ
بعد الفجر وقسم الفجر يقسم ربنا بالليالي العشر.. فهي تأتي في العظمة والمكانة بعد الفجر .. أو ربما كان فجر الليالي العشر هو المقصود بالقسم ....
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
ثم يقسم  المولى عز وجل بالشفع والوتر... بالزوج والفرد... قسم من بعد قسم ومن بعده قسم .. فيا لها من أهمية قصوى .. لا يغفل عنها عاقل ...
وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ
عندما يسري الليل نكون قد انتهينا من مشقة النهار... وهفونا إلى الراحة والسكن .. ففي الليل لكل منا غاية وآمل .. وهذا القسم يعيدنا إلى أول الليل لنسير معه قسما قسما وخطوة بخطوة...
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
يسأل ربنا إنسنا وجننا .. هل في هذا القسم كفاية لكل ننتبه .... نعم ياربنا ومولانا وخالقنا ورازقنا وولي نعمتنا .. لبيك اللهم لبيك ... إن الحمد والنعمة لك والملك ... لا شريك لك لبيك ...
سأترككم اليوم مع السؤال .. ليجاوب كل منا ربه ... فقد أقسم بخمسة أشياء عظام ... ثم وجه سؤاله سبحانه لنا نحن سكان أرضنا .. وعمارها.. نعيش فيها بحلوها ومرها.. لنا إخوان من كل نوع وصنف وجنس .. ورحمة ربنا وسعت كل شيء والحمد لله رب العالمين ...
فأجب سؤال ربك ولنا لقاء عاجل إن شاء الله تعالى لنعيش سويا تلك الليالي التى قيل أنها خير أيام الدنيا .. حتى ذلك الحين استودعكم الله دينكم وآماناتكم وفكركم وفقهكم .

سأل الله ذوي العقول الراجحة سؤالا فأجابوه فهل ياترى عرفت السؤال ؟ فإنه موجه للإنس والجن معا


( 2 )
وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)
*****
وقفنا عند السؤال الموجه من العلي العظيم لنا نحن عبيده.. هو الذي خلقنا ورزقنا ووهبنا من الملكات والنعم والمواهب ما لايعد ولا يحصى... يسألنا لننتبه .. فهل أنتبهنا ؟؟؟  إن شاء ننتبه ونلبي ونقول لبيك اللهم لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لاشريك لك لبيك ..
وَالْفَجْرِ (1)
هنا سنحاول أن نعلم عن الفجر علما يقينيا، من كتاب الله، فلابد لنا لكي نستحضر ما في هذه الأيام المباركة من نفحات ورحمات وقربات ووصال لابد لنا أن نعلم علم اليقين بآيات الله ... وفي الفجر جاءت آيات كريمة فهلما إليها نعيشها ونفهمها ونتدبرها :
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) الإسراء
هذه الآية تسير بنا في تفسير واضح وجليل لسورة الفجر التى لدينا ... دلوك الشمس  أي بعد زوالها، إلى غسق الليل أي عندما تشتد ظلمته ...
فقرآن الفجر عندما نسمعه ونحن نصلي متخيلين أمامنا الكعبة الشريفة، والطواف والجنة والنار، هذه كلها تعتبر روابط فعالة لنعيش الفجر وقرآنه وصلاته حياة حقيقية مليئة بالحيوية والطاقة النوارنية التى تنزل علينا وتتسلل إلينا من خلال كلمات القرآن الذي هو روح من أمر الله ...
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ
ربط الله تبارك وتعالى الفجر أيضا بالصيام والقيام... وكأني بالله أرى أن الفجر هو قاعدة أنظلاقنا حيث النور وحيث المحبة وحيث القرب وحيث الإنس بالله العلي العظيم ... هو بداية عمرنا، وهو بداية يومنا، وهو بداية قربنا وصلاتنا وحياتنا... الفجر فيه حياة الروح...
وحتى الغد القريب إن شاء الله اترككم في رعاية الله وحفظه .

من علم اليقين إلى حق اليقين نقطع مشوار حياتنا في آمان الله


والفجر (3)
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) سورة الفجر
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفنا في اللقاء السابق عند سؤال المولى عز وجل إن كان في كل ما أقسم به الله كفاية لكي ننتبه لما سيقول لنا ... وفي الحقيقة وجب علينا الإنتباه، لأن مافي هذه السورة شيئا لا تصح الأعمال إلا به، لقد بين لنا ربنا في هذه السورة القصيرة الكريمة كل ماضي الدنيا، ثم يخاطب كل منا على انفراد ويشرح لنا حاضرنا، واقعنا الآن في هذه الأيام، ثم يصور لنا النهاية الكبرى للعالم كله، تصوير بديع وجميل ولكنه مرعب ومخيف.. فتابعونا بإهتمام، لأن الله تبارك وتعالى قد فرض علينا في هذه السورة ما سوف يساعدنا كثيرا على تلقي النفحات الربانية العظيمة في ليالينا العشر,,
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)
لم يرى الرسول صلى الله عليه وسلم ولم نرى نحن ماذا فعل ربنا بعاد... وهنا لنا وقفة كبيرة ومهمة فدققوا تسلموا وتغنموا..
لقد شرح علماءنا الكرام هذه الآية بإستفاضة غنية وقد أشبعوا فيها نهمنا لفهمها، كل التفسيرات المطروحة تشير إلى أنه يجب علينا أن نأخذ كل كلام ربنا بيقين ثابت وكأننا رأيناه بعيوننا، لأن المتحدث هو المولى عز وجل ... ولدينا هنا آيات توضح لنا درجات اليقين :
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
لنا في اليقين ثلاثة مراحل ..
1 ـ علم اليقين . 2 ـ عين اليقين . 3 ـ حق اليقين.
ولكي نقرب المسألة إلى أذهاننا سنفترض مثلا ولله المثل الأعلى أنني قرأت في الصحيفة أن هناك منزل للإيجار أو للبيع ، هذا هو علم اليقين، ثم ذهبت لرؤية المنزل، فهذا هو عين اليقين فقد رأيته بعيني، ثم اشتريته أو أجرته وعشت فيه، هذا هو حق اليقين ...
وضرب الدكتور محمد هدايا مثلا آخر أعجبت به كثيرا .. قال لو أن هناك مجموعة من الناس يستمعون له، وهو أحضر بطرمان عسل نحل ووضعه أمامه ولكنه أخفاه عن العيون  وقال للناس هذا الإناء فيه عسل نحل .. هنا سينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام.. منهم من سيصدق لأنه يثق في المتحدث فهذا هو علم اليقين .. وهناك فريق آخر من الناس سينهض ويذهب ليرى العسل بعينه ...  فهذا هو عين اليقين ... وهناك فريق آخر سيأتي ويفتح البطرمان ويذوق العسل .. فهذا هو حق اليقين ... الآن سنكمل الآية لنعرف ماذا عن أصحاب حق اليقين :
فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) الواقعة
هؤلاء لن يصدقوا بيوم الدين وبكل ماجاء به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حتى يدخلوا الجحيم.. وعن حق اليقين يحدثنا ربنا في آية أخرى :...
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52) الحاقة
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) الفجر
الآن نستطيع أن نعلم علم اليقين بل ونرى بعين اليقين كيف فعل ربنا بعاد.. إرم ذات العماد... وهذه قصة ستساعدنا كثيرا كثيرا كثيرا لنتقرب من ربنا في كل ما سنقوم به من قربات في ليالينا العشر فتابعونا غدا إن شاء الله .. وحتى ذلك الحين أترككم لتنعموا بكل ما سيقدمه لنا زملائنا وأعضاء منتدانا الكرماء فاستودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع

إذا أصبت اليقين في أي من مجالاته الشاسعة فأنت في معية الله


الفجر وليال عشر (4)
اليقين والتقوى قرينان إن غاب أحدهما غاب الآخر
1 ـ علم اليقين . 2 ـ عين اليقين . 3 ـ حق اليقين.
اليقين والتقوى لا يمكن أن يفترقا أبدا .. وذلك بدليل الآية الكريمة التالية :
(1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَبِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
لابد لنا أن نكون على يقين من كتاب الله، أن نؤمن بالغيب وكأننا رأيناه بعيوننا، كانوا قديما عندما يقفون للصلاة كانوا يرتجفون خوفا من الله لأنهم كانوا يرون الكعبة أمامهم والجنة عن يمينهم والنار عن يسارهم فتوجل قلوبهم لأنهم يعلمون علم اليقين بل يرون بأعيونهم ما غاب عنهم واخبرهم به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .. ومراحل اليقين وضحها لنا ربنا في الآية التالية :
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) التكاثر.
فإما أن نعلم علم اليقين ونستسلم لله، وإما أن نصل إلى عين اليقين فنتقي الله  ونتقي النار وكأننا نراها .. وإما أن نعيش باليقين الكامل وهي درجة الإحسان في كل شيئ وهي أن نعبد الله وكأننا نراه....
وهذه هي الحالات الثلاثة التى تساعدنا الآن على أن نقوم بالعبادات المطلوبه في هذه الأيام الجليلة المفترجة من ذي الحجة.. فنصلي ونلبي وكأننا نرى الكعبة الشريفة .. ونستحضر في قلوبنا الطواف والصفا والمروة ونعيش شعائر ومناسك الحج بالتعظيم المناسب والملائم لها وذلك هو عين اليقين ..
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج
كيف سنعظم حرمات الله إن لم نكن على يقين بها؟ ثلاثة أشياء هي دليل تعظيم حرمات الله :
أولا : أجتناب الرجس.. والرجس هو كل شيء سلبي وهو كل إثم وعدوان. الكذب والغش والخداع.
ثانيا : ثم أجتناب الرجس من الأوثان.. أن يعبد الإنسان هواه.. أو يتبع طاغية من طواغيت هذا الزمان، أو يجعل في قلبه حبا أشد من حب الله ورسوله وجهاد في سبيله .. ففي عصرنا هذا تغير شكل الصنم فأصبح هو الهوى أو الشيخ أو الأستاذ أو القائد أو الزوجة أو الأبن أو المصلحة الشخصية أو فلان وعلان من الناس.
ثالثا : إجتناب قول الزور... وهذه هي الحفرة الكبيرة التى نقع فيها دون أن ندري .. فأحيانا لا نقول الزور ولكننا نؤيده أو نصدقه أو نسكت عنه أو نصفق له أو نتبع من يقوله ويعمل به...  والأمر من الله بالإجتناب هو الإبتعاد كلية عن الزور وقول الزور...
حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)الحج
تعظيم شعائر الله تحتاج منا إلى يقين نتدرج فيه من علم اليقين إلى عين اليقين إلى حق اليقين  وذلك بدليل الآية التالية :
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ(50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52) الحاقة
هذا القرآن هو تذكرة للمتقين، الذين هم به موقنون، وهم منه على يقين، وهو بالنسبة لهم حق اليقين فسبحان ربي العظيم .
هذه مرحلة يجب أن نمر بها كلنا .. مراحل اليقين الثلاثة.. فالإيمان محله القلب.. وتقوى الله محلها القلب .. واليقين بالله وكتبه ورسله محله القلب ...
زادنا الله وإياكم علما وهدى ويقينا وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. وإلى أن نلتقي في الغد القريب إن شاء الله لكم منى أجمل دعائي وحب واحترامي ..
استودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

القلب هو ملك متوج من قبل الرحمن لذلك لن يجد راحته إلا في رحاب من خلقه سبحانه

اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ

القلب المنيب
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) عافر
القلب المنيب هو الذي يرى آيات الله .. لأنه يؤمن بها .. والقلب المنيب له ذاكرة قوية وجاهزة  بمعنى أن الشيطان لا يستطيع العبث بها ... والقلب المنيب صاحبه دائما منشرح الصدر... لأنه عندما ينيب الإنسان ويرجع إلى ربه ينشرح صدره وقلبه.. بدليل الآية الكريمة:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) الأنعام
القلب المنيب هو قلب سعيد .. صاحيه يعيش في سعادة دائمة .. وهو دائما منشرح الصدر صاحب ابتسامة في معظم الأحيان..
والقلب المنيب قلب لا يعرف الرجس طريقا إليه ... أي لا يستطيع الشيطان أن ينفذ إليه بألاعيبه الملعونة.. فهو ليس له سلطان على الذين آمنوا:
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ . { النحل }.
والقلب المنيب ، قلب رقيق ورحيم .. قلب ذاق طعم رحمة الله .. فهو يرحم خلق الله.. لأنه عرف أن الله تفضل عليه برحمته ليرحم هو من حوله من خلق الله...
اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ
والقلب المنيب قلب قد هداه الله ... وهو قلب خالي من الأمراض... قلب لايعرف الحقد ولا الحسد ولا الضغينة ولا النفاق..
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا


هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) غافر
هذه ليست إلا تذكرة ، فإن الذكرى تنفع المؤمنين... هذا والله أعلى وأعلم

إذا أردت تحقيق شيء ما بقوة فعليك بالتقوى فهي طريق التفوق وتحقيق الأحلام الكبيرة

تقوى الله حق تقاته هي طريقنا الممهد إلى الإحسان

إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
[ الذاريات]
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15)
عندما نتقي الله، ونتقي النار، ونتقي اليوم الآخر الذي لا تجزي نفس عن نفس فيه شيئا، إذا فنحن في جنات وعيون..
لأن في الجنة ملائكة، وفي بيوت الصالحين ملائكة كرام تتنزل عليهم قائلين لهم (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) إذا عندما نقرأ القرآن في بيوتنا، يتحول البيت إلى جنة تحفه الملائكة، وعندما نتدارس القرآن مع أهلنا يتحول البيت إلى دار علم تظله الملائكة بأجنحتهم، وعندما نقوم بأي عمل وتزيين المنزل في سبيل الله يتحول البيت إلى دار استقبال وإلى روضة من رياض الجنة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : " مَجَالِسُ الذِّكْرِ "
والآن مع الآيات التى نحن بصددها نستمد منها قوتنا وحيويتنا ونُحيّي بها قلوبنا:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)
صفتهم في الحياة الدنيا أنهم كانوا محسنين، لذلك وصانا ربنا في وصاياه ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) وكأن نتيجة عدم الشرك بالله نراها واضحة في الإحسان بالوالدين وبكل الناس والمخلوقات، حتى الذبيحة نذبحها فنحسن ذبحها.
كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)
أول صفات الإحسان، قيام الليل، منجاة رب الكون، والتضرع إليه، إنها درجة العارفين المحبين لله رب العالمين ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، جعلنا الله وإياكم من المستغفرين بالأسحار، ومن الذاكرين  الله ليل نهار.
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
هذه فرصة عظيمة جدا، من عرفها وذاق طعمها لا يمكن له أن يسلاها، حتى إن بعض الصالحين أصبح يشتهي قيام الليل والإستغفار والتوبة ليل نهار فخاف على نفسه لكونها شهوة تشتهيها نفسه كما تشتهي الطيب من الطعام.
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)‏
وهنا أقدم نصيحة أخوية في الله، وهي لا تطع نفسك إذا ما حدثتك بعيوب السائل، بأن تقول لك مثلا هو شاب ويستطيع أن يعمل، أو تقول لك سيأخذ النقود ويشتري الخمر أو شيئا من هذا القبيل، أو تقول لك لقد اتخذها مهنة وهو معه من النقود ماليس لك.. لا تطعها واعطه فهذا هو طريقك إلى الإحسان إلى نفسك وإنقاذها من الشح والبخل ومن النار، فإذا نجحت في ذلك ستجد نفسك تلقائيا تبحث عن المحروم لتعطيه، لأن نفسك قد ذاقت حلاوة الإيمان الكامنة في الإحسان.
وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
[الذاريات]
وقبل أن نختم هذا اللقاء المبارك بفضل الله، أوجه عناية حضراتكم إلى شيء جميل جدا ومهم جدا وخطير جدا، وهي النفس، علينا أن نصاحبها في الدنيا معروفا، بأن نزكيها، وبأن ننمي فيها كل ما هو طيب وفطرنا الله عليه، أنظر إلى صورتك عندما كنت طفلا، وتذكر الجانب الإيجابي فيها، وتذكر كل من أحبك ودللك وتمتعت بطفولتك معه، من أبويك وسائر الناس.
فهذه هي صورتك الذاتية التى صورنا الله عليها فأحسن صورنا، وأبدأ في حذف كل ما علق بالصورة من سلبيات وذكريات مؤلمة، وتذكر أن الذي خلقك هو الرحمن الرحيم وهو الغفور الودود وهو ذو العرش المجيد المبدئ المعيد والفعال لما يريد، فاركع له في خشوع وذلك ورجاء لكي يعيد لك صورتك الجميلة التى خلقك عليها، ثم استودعها عنده سبحانه ليحفظها لك.
إن فعلت ذلك فلن تضل أبدا ولن تشقى حتى تلاقي ربك، وذلك بدليل الآية الكريمة:
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
[سورة طه]
هذه من السور الجميلة جدا والمريحة للنفس والتى تدخل السرور والبهجة إلى القلوب، ففيها يشرح لنا ربنا ما جعله فينا من خلق عظيم مثل العقل والنفس والقلب والروح والمشاعر وكل ما وهبنا الله تبارك وتعالى ورأيناه خالصا في الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ... وأرجو من الله العلي العظيم أن تكون أنت داعية إلى الله بحسن استقبالك لآياته وتطبيقها فيتبعك كل من رأى فيك حسنا في الخلق والدين.