تقوى الله حق تقاته هي طريقنا الممهد إلى الإحسان
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
[ الذاريات]
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15)
عندما نتقي الله، ونتقي النار، ونتقي اليوم الآخر الذي لا تجزي نفس عن نفس فيه شيئا، إذا فنحن في جنات وعيون..
لأن في الجنة ملائكة، وفي بيوت الصالحين ملائكة كرام تتنزل عليهم قائلين لهم (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) إذا عندما نقرأ القرآن في بيوتنا، يتحول البيت إلى جنة تحفه الملائكة، وعندما نتدارس القرآن مع أهلنا يتحول البيت إلى دار علم تظله الملائكة بأجنحتهم، وعندما نقوم بأي عمل وتزيين المنزل في سبيل الله يتحول البيت إلى دار استقبال وإلى روضة من رياض الجنة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : " مَجَالِسُ الذِّكْرِ "
والآن مع الآيات التى نحن بصددها نستمد منها قوتنا وحيويتنا ونُحيّي بها قلوبنا:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)
صفتهم في الحياة الدنيا أنهم كانوا محسنين، لذلك وصانا ربنا في وصاياه ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) وكأن نتيجة عدم الشرك بالله نراها واضحة في الإحسان بالوالدين وبكل الناس والمخلوقات، حتى الذبيحة نذبحها فنحسن ذبحها.
كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)
أول صفات الإحسان، قيام الليل، منجاة رب الكون، والتضرع إليه، إنها درجة العارفين المحبين لله رب العالمين ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، جعلنا الله وإياكم من المستغفرين بالأسحار، ومن الذاكرين الله ليل نهار.
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
هذه فرصة عظيمة جدا، من عرفها وذاق طعمها لا يمكن له أن يسلاها، حتى إن بعض الصالحين أصبح يشتهي قيام الليل والإستغفار والتوبة ليل نهار فخاف على نفسه لكونها شهوة تشتهيها نفسه كما تشتهي الطيب من الطعام.
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
وهنا أقدم نصيحة أخوية في الله، وهي لا تطع نفسك إذا ما حدثتك بعيوب السائل، بأن تقول لك مثلا هو شاب ويستطيع أن يعمل، أو تقول لك سيأخذ النقود ويشتري الخمر أو شيئا من هذا القبيل، أو تقول لك لقد اتخذها مهنة وهو معه من النقود ماليس لك.. لا تطعها واعطه فهذا هو طريقك إلى الإحسان إلى نفسك وإنقاذها من الشح والبخل ومن النار، فإذا نجحت في ذلك ستجد نفسك تلقائيا تبحث عن المحروم لتعطيه، لأن نفسك قد ذاقت حلاوة الإيمان الكامنة في الإحسان.
وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
[الذاريات]
وقبل أن نختم هذا اللقاء المبارك بفضل الله، أوجه عناية حضراتكم إلى شيء جميل جدا ومهم جدا وخطير جدا، وهي النفس، علينا أن نصاحبها في الدنيا معروفا، بأن نزكيها، وبأن ننمي فيها كل ما هو طيب وفطرنا الله عليه، أنظر إلى صورتك عندما كنت طفلا، وتذكر الجانب الإيجابي فيها، وتذكر كل من أحبك ودللك وتمتعت بطفولتك معه، من أبويك وسائر الناس.
فهذه هي صورتك الذاتية التى صورنا الله عليها فأحسن صورنا، وأبدأ في حذف كل ما علق بالصورة من سلبيات وذكريات مؤلمة، وتذكر أن الذي خلقك هو الرحمن الرحيم وهو الغفور الودود وهو ذو العرش المجيد المبدئ المعيد والفعال لما يريد، فاركع له في خشوع وذلك ورجاء لكي يعيد لك صورتك الجميلة التى خلقك عليها، ثم استودعها عنده سبحانه ليحفظها لك.
إن فعلت ذلك فلن تضل أبدا ولن تشقى حتى تلاقي ربك، وذلك بدليل الآية الكريمة:
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
[سورة طه]
هذه من السور الجميلة جدا والمريحة للنفس والتى تدخل السرور والبهجة إلى القلوب، ففيها يشرح لنا ربنا ما جعله فينا من خلق عظيم مثل العقل والنفس والقلب والروح والمشاعر وكل ما وهبنا الله تبارك وتعالى ورأيناه خالصا في الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ... وأرجو من الله العلي العظيم أن تكون أنت داعية إلى الله بحسن استقبالك لآياته وتطبيقها فيتبعك كل من رأى فيك حسنا في الخلق والدين.
No hay comentarios:
Publicar un comentario