14 nov 2016

حرر عقلك وطهر قلبك ثم خذ العفو من ربك

قال الله تبارك وتعالى:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
[سورة الأعراف]
الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نقوم بعملية تفريغ لمشاعرنا السلبية لكي نستطيع أن نأخذ العفو، لأننا لن نستطيع أن نعفو عن الناس وصدورنا مشحونة بمشاعر ضدهم،  لذلك المولى عز وجل لم يقل أعفو عن الناس ولكنه قال خذ العفو ..
وهذا معناه أن هناك عطاء من الله، وهو العفو .. وهو أكبر عطاء .. لأنه يريح النفس ويزيد من العلاقات الطيبة بين الناس ..
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
فإذا قمنا بتفريغ ما بأنفسنا من مشاعر سلبية فسوف يكون لدينا حتما متسعا للعفو الذي يحل محل كل تلك المشاعر التى استطعنا أن نتركها تذهب إلى حيث لا رجعة، تماما كالذي يفرغ أنبوبة الغاز من الغاز فيحل محله الهواء.. أو كالذي يملأ كأسه بالماء فيخرج منه الهواء.. حينئذ نستطيع أن نأمر بالعرف، لأننا استطعنا أن نفرغ صدورنا وعقولنا وقلوبنا من كل ما صدره لنا الشيطان.
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)
وهذه هي المرحلة الثالثة .. فبعد أن طهرنا مشاعرنا من الضغائن واستطعنا أن نأخذ عطاء ربنا المتمثل في العفو .. الآن أصبحنا جاهزين لأن نأمر بالعرف ومن يعترض ولا يقبل الإمتثال لأمر الله فلنعرض عنه ونتركه لحال سبيله وندعو الله أن يقينا شره.. ثم نواصل رحلتنا مع الآية الكريمة:
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)
طبعا هنا في هذه المرحلة لن يتركنا الشيطان، ولن يدعنا نواصل رحلتنا في طاعة الله ولن يتركنا نأخذ العفو ولن يتركنا في سلام وهو يرانا نقذف بكل ما أصابنا به من كراهية وضغينة وأمر بالفحشاء والمنكر، لن يدعنا نحرر أنفسنا من سموم الوساوس وجذور العداوة والبغضاء، سيحاول بكل استطاعته أن ينزغ بيننا ويدس الدسائس وسيعمل على نشر العدواة والكراهية بيننا، لذلك أعطانا الله مع العفو فعالية الإستعاذة به من الشيطان الرجيم.. وأكد ذلك بقوله أنه سبحانه وتعالى إنه سميع عليم.. يسمعنا ويعلم ما نُعلن وما نُخفي.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
[ سورة الأعراف]
الآن لدينا الطريقة الفعالة والمثالية التى تجعل الشيطان صغير وحقير ولا يستطيع شيئا البتة ضدنا، ذلك أن تقوى الله درع واقي يتحطم عليه كل سوء وكل شر وكل مكر وكل كيد.. لذلك فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول :
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا ، وقَالَ لآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ : لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ، كَانَ يَقُولُ :
" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا " .
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ

10 nov 2016

الكل يحاول غزو عقولنا فلندافع عنه بشدة لأنه هو رأس مالنا الحقيقي


أَفَلَا تَعْقِلُونَ

عقلك هو خادمك الأمين أعطاه الله أعلى مقام
فلا تجعل لأحد عليه سلطان فيقع في الظلام

هذه الكلمة جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى 13 مرة .. أي نعم 13 مرة يسأل المولى عز وجل الناس سؤال توبيخ وتأنيب وفي الوقت نفسه تذكرة لمن يخشى إذاَّ فلنرى مكانة العقل في حياتنا على لسان على ابن أبي طالب رضي الله عنه :
- عن عليٍّ قال أشدُّ خلقِ ربِّك عشرةٌ الجبالُ والحديدُ ينحِتُ الجبالَ والنَّارُ تأكُلُ الحديدَ والماءُ يُطفِئُ النَّارَ والسَّحابُ المُسخَّرُ بينَ السَّماءَِ والأرضِ يحمِلُ الماءَ والرِّيحُ ينقُلُ السَّحابُ والإنسانُ يتَّقي الرِّيحَ بيدِه ويذهَبُ لحاجتِه والسُّكرُ يغلِبُ الإنسانَ والنُّومُ يغلِبُ السُّكرُ والهمُّ يمنَعُ النَّومَ فأشدُّ خلقِ ربِّك الهمُّ
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات‏. ‏
قال أشدُّ خلقِ ربِّك عشرةٌ:
1.   الجبالُ.
2.   والحديدُ ينحِتُ الجبالَ.
3.   والنَّارُ تأكُلُ الحديدَ.
4.   والماءُ يُطفِئُ النَّارَ.
5.   والسَّحابُ المُسخَّرُ بينَ السَّماءَ والأرضِ يحمِلُ الماءَ.
6.   والرِّيحُ ينقُلُ السَّحابُ.
7.   والإنسانُ يتَّقي الرِّيحَ بيدِه ويذهَبُ لحاجتِه.
8.   والسُّكرُ يغلِبُ الإنسانَ.
9.   والنُّومُ يغلِبُ السُّكر.
10.                    والهمُّ يمنَعُ النَّومَ فأشدُّ خلقِ ربِّك الهمُّ
إذا السكر يغلب الإنسان فيجعله يهوي إلى الأرض .. إلى حيث تعيش المخلوقات الأدنى منه .. فإن الجبال قد تناطح السحاب .. فإذا ما سكر الإنسان هبط إلى ما لا يليق به كإنسان...
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ
 من الواضح أن الشرك بالله فيه خطر عظيم لأنه يخر بنا من فوق قمم الإيمان إلى مكان سحيق والعياذ بالله .. وعندما نندفع وراء شيئ ما وننساق إليه بغير الضوابط التى جعلها الله تبارك وتعالى فسوف نسقط ونقع ونصبح فريسة سهلة ..
وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ
هذا هو ما يحدث عندما نهبط وتهوى بنا الريح، نجد أنفسنا وجها لوجه مع الرغبات والشهوات والعربدة والفسوق.. لأن الهم يأكل قوتنا ويقتل إرادتنا ويضعف الإيمان فينا أو يموت ويجعلنا نعيش في دائرة مغلقة مظلمة بحيث لا نرى إلا ما أهمنا وأغمنا.
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
بمجرد أن يستخدم الإنسان عقله سيرى الحق حقا .. عندئذ يستطيع أن يواجه الدنيا بما لديه من معرفة ورؤية واضحة للحق.. ويُصبح جاهزا ومستعدا للرقي والصعود إلى أعلى القمم.. ولكن هناك خطر ينتظره دائما :
يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
كلما ارتقينا وصعدنا إلى أعلى حيث النور والصفاء والنقاء سنجد شياطين الإنس والجن يستموتون ليخرجونا إلى حيث سقطوا هم وأمثالهم وأعوانهم، ويستخدمون من أجل ذلك كل وسائل الإغراء والتزييف والتزيين والكذب البراق والخداع المتواري كما تتوارى العقارب والثعابين.. ولكن هناك دائما طوق النجاة وحبل الله المتين:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
في كل مرة نسقط فيها في ظلومات البر والبحر علينا أن نسارع بالتوبة والإستغفار فيخرنا ربنا ويعود بنا مرة أخرى إلى النور .. ولكن ما هي أفضل طريقة متاحة لنظل دائما في النور؟؟
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
إذا بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنظل دائما في النور بإذن الله .. ولكن ما هو موقفنا يوم القيامة؟
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
هذه آخر مرة ينادي فيها ربنا على من به آمن .. هذه آخر مرة في كتاب الله تأتي كلمة يا أيها الذين آمنوا.
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. وأن يختم بالباقيات الصالحات أعمالنا .. وأن يدخلنا برحمته في عباده الصالحين.. وصل اللهم وسلم وبارك على أشرف الخلق كلهم أجمعين والحمد لله رب العالمين.



لا ترمو بذور العنب بعد اليوم لأن فوائدها العظيمة سوف تصدمكم !

23 sept 2016

الصبر عالم كامل متكامل يدخله كل الناس طوعا أو كرها


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين
صلى الله عليه وسلم
***
الآن مع الحديث النبوي الشريف .. ربما فتح الله علينا بابا نتعرف فيه على الصبر الجميل ..

يا غلامُ أو يا بُنيَّ ألا أُعلِّمُك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بهنَّ ؟ فقلتُ بلَى ، قال : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه أمامك ، تعرَّفْ إليه في الرَّخاءِ يعرِفْك في الشِّدَّةِ ، وإذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ ، جَفَّ القلمُ بما هو كائنٌ ، فلو أنَّ الخَلقَ اجتمعوا على أن ينفعوك أو يضرُّوك بشيءٍ لم يقْضِه اللهُ لك لم يقدروا عليه ، واعمَلْ للهِ بالشُّكرِ في اليقينِ ، واعلَمْ أنَّ النَّصرَ في الصَّبرِ . تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرِفْك في الشِّدَّةِ ، واعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ على ما تكرهُ خيرًا كثيرًا، واعلَمْ أنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ ، وأنَّ الفرَجَ مع الكرْبِ ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا
الراوي عبد الله بن عباس.
إذا سنعيش الحديث خطوة بخطوة :
احفَظِ اللهَ يحفَظْك
أول مراحل الصبر .. أن نحفظ الله في أنفسنا فلا نطيعها في حرام.. وأن نحفظ الله في أفكارنا فلا نلوثها بأفكار من سلة المهملات ( شيطانية سلبية ).. وأن نحفظ الله في قلوبنا فلا نشرك في طاعته أحدا .. وكل هذه المسائل تحتاج إلى صبر وصلاة ودعاء ..
احفَظِ اللهَ تجِدْه أمامك
وهذه هي النتيجة الحتمية .. أن نجد الله دائما معنا يعيننا ويحفظنا ويفهمنا ويربينا ويعلمنا .. والوسائل متعددة بتعدد الشخصيات والعقائد والأفكار .. فمثلا المصلي الذي ينظر إلى الحرام .. إن كان مستهترا بدين الله فإن وسيلة تقويمه وتربيته وإصلاحه تختلف عن الذي تغلبه عينه ولكنه سريعا ما يعود إلى غض البصر.. أعد قراءة الحديث لكي نواصل لو سمحت:
تعرَّفْ إليه في الرَّخاءِ يعرِفْك في الشِّدَّةِ
حالة الرخاء وصفها لنا ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا في كثير من الآيات،  لم يترك المولى عز وجل حالة رخاء واحدة بغير أن يصفها لنا وصفا رائعا يأخذ لب الإنسان وفؤاده .. نذكر منها حالة في منتهى القوة والخطورة:
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا
وهنا نرى بوضوح حالة الرخاء وحالة الشدة في الإنسان، فالذي يقول ربي أكرمن يقول له الله تبارك وتعالى كلا .. أنت خاطئ .. لقد اعطيتك المال لتكرم اليتيم وتأمر أهلك وعمالك بإطعام المسكين .. وهذا معناه أن نتعرف إلى الله في الرخاء .. والنتيجة هي أن يحفظنا ربنا من هذا الشعور بقلة الحظ أو الإهانة .. أي يعرفنا ويحفظنا في الشدة، وكل هذه المسائل تحتاج منا إلى صبر وصلاة ودعاء ..
وإذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ ،
وهذه من أكبر المسائل التى تحتاج منا إلى صبر كبير .. وتحتاج منا علما ومعرفة بالدين وبالله العلي العظيم.. لأننا إن سألنا غير الله نكون مثل المريض الذي يذهب للمشعوذ أو الساحر بدلا من الطبيب..  
وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ
هنا يجب علينا على الفور أن نلبي نداء ربنا حيث قال تبارك وتعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
وهذا هو ثاني نداء من الله للذين آمنوا .. وفي درس سابق تكلمنا عن مفاتيح الصبر والصلاة والتى تتمثيل في الآيات التى سبقت هذا النداء ..
جَفَّ القلمُ بما هو كائنٌ ، فلو أنَّ الخَلقَ اجتمعوا على أن ينفعوك أو يضرُّوك بشيءٍ لم يقْضِه اللهُ لك لم يقدروا عليه
والآن لدينا هنا وثيقة تأمين وضمان اجتماعي وكارت أخضر وحصانة إلهية تشمل كل الحصانات التى عرفها البشر، وهذا كله معناه أننا بالله في غنى عن كل من سواه .. وأننا بالله أغنى الناس وأقوى الناس وأفضل الناس على الإطلاق.
واعمَلْ للهِ بالشُّكرِ في اليقينِ
وهنا أتذكر الآية الكريم ((اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)) أي أن الشكر ليس باللسان وكفى ولكن بالعمل الدؤب بغير فتور ولا انقطاع وهذه هي آفة المتخلفين عن الركب والتطور.
واعلَمْ أنَّ النَّصرَ في الصَّبرِ
أول مرة في حياتي أسمع هذه العبارة القوية والعميقة .. النصر في الصبر .. يا سبحان الله .. ربما المعنى هو أننا عندما نصبر سننتصر على أنفسنا والشياطين .. سننتصر في كل موقف نحتاج فيه للنصر .. إذا الآن قد عرفنا قيمة الصبر وكم هو جميل .. لأنه لا يوجد في العالم كله أجمل من الشعور بالنصر ...
واعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ على ما تكرهُ خيرًا كثيرًا
وهنا لن نُحصي الخير الكامن في الصبر .. ومن أهم هذه الخيرات ماجاء في كتاب الله على لسان لقمان وهو ينصح ابنه فقال :
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
وقال أيضا تبارك وتعالى:
وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
وهنا نجد أن التقوى لا تكون إلا مع الصبر .. ومواجهة أي أمر من أمور الحياة تحتاج لصبر وعزيمة قوية وقول سديد.
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
وهذه مرتبة أخرى رفيعة جدا ودرجة من الدرجات العلا .. أن نستطيع أن نغفر .. لن يكون لنا ذلك أبدا إلا بالصبر وكظم الغيظ .. ثم العفو الذي يذهب بغيظنا ويجعله كفقاعة هواء تذوب وتختفي سريعا.





9 sept 2016

مجموعة أدعية الشعراوى

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ


7 sept 2016

الموت والحياة في جعبة واحدة يعقب كل منهما الآخر

لموت قبل الحياة دائما أبدا

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ
لنا وقفة فكر وتدبر مع كل حدث من أحداث الحياة.. والموت أكبر حدث يواجه الإنسان.. عندما أمرنا الله بأن نستعين بالصبر والصلاة ذكر أن أول ما سوف نحتاج فيه إلى صبر مصاحب بصلاة وخشوع واستسلام هو الجهاد في سبيل الله لأن فيه مشقة كبيرة على النفس وموت وقتال .. فقد كان الصحابي معرض لأن يقتل أباه بيده إذا كان على الكفر.
العقل يخطط ويدبر ويتكتك للحرب أو لتحقيق أي غاية ممكنة .. لذلك ما وضع الله أبدا خطة حرب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكن ترك ذلك له وللصحابة وللتابعين من بعده .. والموت يهز العقول الشابة الزكية، لأنها تقف بلا حراك، لا تفهم الحكمة .. ولا تصل وحدها إلى الحقائق المتوارية خلف كل حكمة ..
من أجل هذا قال الله تبارك وتعالى :

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
لذلك وجب علينا أن نستعمل قلوبنا وأن نجعل عقولنا كعيون للقلب لترى الحقائق التى قد أخبرنا الله عنها في محكم آياته لنراها ونعيشها وتطمئن بها قلوبنا وتستسلم لها نفوسنا وترتاح لها عقولنا:
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وهذه مسألة لا يصل إليها الإنسان بعقله وحده .. ولكنه يراها بعيون قلبه وفؤاده وعقيدته الثابتة الراسخة .. أما العقل وحده يتوه وقد يتذمر وقد يتبع النفس فيضل ويشقى ..

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
وهكذا نرى أن الموت قبل الحياة .. ولدينا أمثلة واقعية قوية وغريبة وتحدث على مدار الساعة وربما الثانية، أنظروا إلى الطفل قبل أن يولد .. كان حيا يرزق في عالم من الرعاية المركزة الإلهية العجيبة .. كل يسير بإتقان لا نهاية له .. فهو قد خرج من حياة كل شيئ فيها يسير بحكمة عالية وبالغة وبغير نقصان ولا كذب ولا عدوان .. إلى حياة هي أقل وأدني والمشقة فيها قبل الهناء ..



29 ago 2016

هل لعقولنا حدود؟ وهل عقولنا تجيد الحب؟ وما علاقتها بالإيمان ؟

العقل هل هو معك أو ضدك ؟

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
(سورة الروم )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظللت فترة من الزمن لا أعرف ماذا أكتب .. تزاحمت الأفكار .. وداهمتني الأقدار .. وتفاقمت أمام عيني كل المسئوليات، ودخلت ثم خرجت ثم فكرت وأدبرت واليوم أقبلت ..
فإذا بي أمام العقل .. وتزاحمت الأسئلة .. وتراكمت .. وبدت القضايا العظام في رسوخ وشموخ .. ولم يستطع عقلي وقلمي إلا أن ينحني أمامها ..

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ
هذه العقول الفذة .. جبابرة الإختراعات وجهابذة العلم والسلطان ..أصحاب المصانع والهيلمان والصولجان.. هؤلاء الذين سمح لهم ربي أن يملكوا الرقاب .. سيقولون قولة الحائر الضعيف الأعمى والأصم .. سيقسموا أن لم يلبثوا في هيلمانهم وصولجانهم غير ساعة .. هذا هو العقل عندما يجد نفسه فجأة في عالم الروحانيات، وعالم الإيمان ، وعالم الملكوت الأعلى ..

يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ
يقسم المجرمون .. سبحان الله .. عقلهم الذي أضلهم في حياتهم الدنيا سيظل يوم القيامة في ضلاله وغفلته وكفره ونقمته وظلمه ... ومن ظلمه الشديد يقسم .. قسما لا قيمة له حتى في أنفسهم .. قسما لن يزيدهم إلا خسارا ..

كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ
كذلك أضلتهم عقولهم في الآخرة كما ضلوا في الدنيا ... وهنا يقذف أمام عيني سؤال .. هل عقلي معي أم ضدي ؟

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ
وقال أصحاب العقول المؤمنة .. إذا فالعقل لكي لا يضلك ويصحبك بسرعة الصاروخ إلى الضلال هو في حاجة إلى نور الإيمان ..
فالعقول الفذة بغير إيمان يضحك منها حتى الأبله السقيم .. فالعقل غذاءه العلم والقلب غذاءه الحب الذي لو بحثنا في جنباته وأعماقه لوجدناه إيمان يصرخ بوحدانية الله الواحد القهار.

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ


الآن هم أصحاب الكلمة .. هم أولوا الألباب .. هم أصحاب القلوب السليمة النقية التقية.. وهم أصحاب العقول المؤمنة .

الإيمان هو حياة الروح .. والحب هو حياة القلب .. والعلم هو حياة العقل .. فإن لم نغذي كل منهم على حدة عم الظلام وفي الظلام لا يوجد غير الضلال والعذاب والآلام والعياذ بالله .

اللهم أجعل لنا نورا في عقولنا نراك به في جميع مخلوقاتك .. وإيمانا في قلوبنا ينقيها من الهم والحزن والدنس .. وهب لنا من لدنك رحمة وعلما وهدى وتقوة .. وزكي أنفسنا فلا يقدر عليها إلا أنت .. فإنك سبحانك خالقها ووليها ومولاها.

19 ago 2016

الربا باب مهول سهل الدخول ولكنك إن خرجت منه تكون كمن خرج من فم الغول

 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)
[ سورة آل عمران ]
هذا ولكي تعرف قدرك عند ربك فتابع الآيات ففيها جعل الله تبارك وتعالى حبل النجارة، وأصح وأسلم طريقة للنجاة من النار في الآخرة ومن العذاب في حياتنا الدنيا:
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
[ أل عمران ]
هذا وهناك المزيد من الأسرار التى خبأها الله في هذه الآية لكل من يريد أن ينجو بنفسه ويتقرب إلى ربه فهو سبحانه الغفور الودود الفعال لما يريد ذو العرش المجيد:
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
هكذا نجد أنفسنا مع كلام الله رب العالمين الغفور الرحيم .. فهو ينادي علينا حتى لا نتوه في زحام الحياة ومطباتها وفخاخها وزيفها .
والحمد لله رب العالمين.

17 ago 2016

الصفات التي يحبها الله فيك \\ الدكتور محمد راتب النابلسي



سؤال وجيه جدا من فضيلة الدكتور حزاه الله خيرا .. مربي الأجيال .. قال : هل نتعامل مع الله تبارك وتعالى حسب منهج الله وسننه وقوانينه ؟ أم نتعامل معه على مزاجنا الخاص؟؟
قبل ثواني من الإستماع كنت استعرض شريط حياتي .. واكتشفت نقطة هامة جدا وحساسة جدا .. وهي أن كل مهمة يكلفنا بها ربنا .. ونقوم بها على الوجه الأكمل فإن المهمة التى تليها هي أكبر وأهم .. مثلا عندما نعبد الله ولا نشرك به شيئا فإننا بدون شك سنحسن إلى والدينا .. والعكس صحيح.. إن أشركنا بالله فلن نستطيع أن نحسن إلى والدينا .. وبالتالي إن أحسنا إلى والدينا فإن الله سييسر لنا الإحسان في كل شيئ .. هذا ما استخلصته من شريط حياتي ومن شرح فضيلة الدكتور النابلسي ... جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه


12 ago 2016

صحبك إن كان من أهل النور فأنت معه

البطانة هو ذلك الشخص القريب منك، يعلم سرك ومعظم حركاتك في الحياة، فإن كان تقيا فهذا حظ عظيم، وإن كان غير ذلك فلبي نداء ربك التالي:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
أي شرح لهذه الآية من جهتي قد يقلل من معناها الكبير جدا .. ولكني فقط أعود بحضراتكم إلى آية كريمة وما قيل فيها لتقرب المعنى إلى قلوبنا :
قال رب العالمين :
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وأقوى تفسير سمعته لهذه الآية أن المسلم الموحد بالله حينما يكون طائعا لله عابدا ومخلصا له الدين فإن قلبه يكون متجها إلى أعلى حيث النور .. فيسمع كأهل النور.. ويتكلم كأهل النور .. ويفكر مثلهم .. لأنهم جميعا في النور يذكرون الله ويعبدونه ويسبحونه .. فهم من أهل النور.. فهو يستقبل من النور، ويرسل إلى النور، لأنه يعيش فيه يتأثر ويؤثر.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
أما عند المعصية فيتحول القلب إلى أسفل حيث الظلام .. وهنا يرى برؤية أهل الظلام، ويسمع بسمعهم لأنهم لا يتكلمون بكلام أهل النور ولا يشعرون بمشاعر أهل النور لأنه في الظلومات ووليهم هو الشيطان الرجيم العدو المبين الذي أقسم ليقعدن لنا الصراط المستقيم.
ثم نواصل السير مع الآية الكريمة لنعرف بالضبط أين نحن منهم وأين هم منا، فلكل له مقام معلوم إما في الجنة وإما في النار والعياذ بالله :
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
{آل عمران }.
أخطر ما في الموضوع أننا نجد هذه المشاعر الخفية بيننا نحن المسلمين، تجده قد انتابه اليأس والقنوط وهو غير راضي عن شيئ في حياته، والمشاعر كالأفكار تتواتر وتتكاثر وتتوالد وتتعارف فيما بينها، وكل ذلك بمجرد نظرة وربما بمجرد ابتسامة مفتعلة تخفي وراءها ما تخفي.. أو كلمة ملونة مزينة والعياذ بالله.
أما الصابرون فلهم وضع آخر يختلف تماما فتابعونا رحمكم الله :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
صلوات من الله بجانب رحمة من عنده سبحانه وتعالى، فهنيئا لكل من ابتلاه ربه فصبر وشكر لينعم بصلوات ربه ورحمته وصحبة صالحة من الملائكة والناس.

10 ago 2016

نادي العضلات الإيمانية حديث وآية قرآنية: جدد حياتك بتجديد أفكارك وجدد إيمانك بتجديد عهدك مع...

نادي العضلات الإيمانية حديث وآية قرآنية: جدد حياتك بتجديد أفكارك وجدد إيمانك بتجديد عهدك مع...: جدد أفكارك بتجديد إيمانك وجدد إيمانك بتجديد عهدك مع الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (( كل فكرة فعالة من دونها كل فكرة هائل...

جدد حياتك بتجديد أفكارك وجدد إيمانك بتجديد عهدك مع الله الواحد القهار

جدد أفكارك بتجديد إيمانك
وجدد إيمانك بتجديد عهدك مع الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(( كل فكرة فعالة من دونها كل فكرة هائلة ))
د/ إبراهيم الفقي رحمه الله
***
أهل محبتي وأهل ديني وأهل علمي أعضاء النادي الكرام.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...أما بعد :
كل فكرة فعالة .. أي كل فكرة نضعها في حيذ التنفيذ، وأيضا كل فكرة تتحقق فعاليتها في حياتنا العامة والخاصة، وأيضا هي كل فكرة أخبرنا بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو استنبطناها من كلامه أو من غزاواته أو من نصائحه أو من حكمته البالغة..
من دونها كل فكرة هائلة .. أقل منها وأدنى منها وأقلها أهمية كل فكرة غير فعالة حتى ولو كانت فكرة كبيرة جدا ورائعة جدا وهائلة جدا .. طالما إنها غير فعالة فهي كفقاعة الهواء .. لا تأتي بنتائج قيمة...

اليوم لدينا لقطة صغير من غزوة عظيمة .. هي غزوة خيبر .. نقلتها من أحد المنتديات .. وهي تلخيص موجز ننطلق منه إلى فكرتنا اليوم ..

كانت خيبر مكونة من حصون منيعة عالية, عمل اليهود على تحصينها وحمايتها, وصل الرسول "صلى الله عليه وسلم"وجيش المسلمين الى « خيبر » وحاصرها, فالتجأ اهلها الى الحصون خائفين, واغلقوا عليهم الابواب, وامام حصونها المنيعة ارتدت فى اول كتيبة قوية يقودها « ابو بكر الصديق», وفى اليوم الثانى ارتدت كتيبة اخرى يقودها « عمر بن الخطاب ».
لم يجزع الرسول "صلى الله عليه وسلم" وانما القى على صفوف المسلمين كلمة متفائلة, وقال:« لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسولة, ويحبة الله ورسولة, يفتح الله على يديه ».
يقول « عمر بن الخطاب » -رضى الله عنة- « ما تمنيت الامارة قط الا ذلك اليوم, رجاء ان اكون من يحبه الله ورسولة».
*حامل الراية:
اصبح الصباح, واقبل المسلمون على رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وكلهم شوق الى معرفة الرجل الذى سيعطية النبى"صلى الله علية وسلم" الراية, والذى سيتم فتح هذا الحصن على يديه. ونادى الرسول "صلىالله علية وسلم" على « على », فقال: « هأنذا يا رسول الله! » وكان بعين « على » رمد, فمسح النبى"صلى الله عليه وسلم" عليها فشفيت باذن الله واعطاه الراية.
وفتح سيدنا علي الحصن ..ونكتفي بهذا القدر من القصة وكل من يريد أن يستزيد سيجدها على صفحات الإنترنيت.

الآن دققوا ... ما فعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عادت كتيبة سيدنا أبو بكر الصديق في اليوم الأول، ثم عادت كتيبة سيدنا عمر ابن الخطاب في اليوم الثاني .. قام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكمته البالغة ورؤيته الصائبة وفطرته الزكية ببعث روح الأمل والتفاؤل وإنشراح الصدر وإحياء القلوب بعد أن تعرضت لموقفين في غاية الصعوبة .. بعد أن استعصى فتح خيبر على الصديق وعلى الفاروق ..
لقد أعطي للمسلمين حينئذ ولكل المسلمين في جميع أنحاء العالم وحتى تقوم الساعة .. أعطاهم طريقة تحويل الصعب إلى السهل .. واليأس إلى أمل .. والإضطراب إلى ثبات .. وزعزة الفكر والمشاعر إلى الثبات والإصرار والتطلع إلى الأفضل دائما .. فقال صلى الله عليه وسلم :

« لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسولة, ويحبة الله ورسولة, يفتح الله على يديه »

وهكذا بات الجميع يحلم ويتمنى أن يكون هذا الرجل .. لقد قضوا ليلتهم في تضرع إلى الله .. ورجاء في الله .. وتجديد إيمانهم وحيويتهم وأحياء حب الله ورسوله في قلوبهم ..

وهذا قد قطع الطريق أمام ضعف النفوس .. وأمام وسوسة الشياطين .. وأمام الضعف بكل صوره .. وأمام الهوان والهوان واليأس .. لأن كبار الصحابة عادو دون الفتح .. وهذا شيئ جد كبير على كل النفوس حديثة العهد بالإسلام.

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
من هنا يجب أن تنطلق أفكارنا .. ومن هنا يجب أن نجدد إيماننا .. وتجديد الإيمان بتجديد الأمل والرجاء في الله .. وفي استعادت كل ذكرياتنا الجميلة مع القضاء والقدر .. ومع عطاء الله المستمر بغير انقطاع لنا ولجميع خلقه ..

فتجديد الإيمان بالله يسحق اليأس والتردد والذبذبة ... ويضع الشيطان حيث مكانه مع الكفرة والمشركين في سلة القاذورات حيث الحشرات والفيروسات والأمراض والروائح الكريهة التى لا يجب أن نقترب منها .