أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ (...)
أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
[ سورة الرعد ]


ثم يأتينا حديث سيدنا ونبينا وقائدنا ومعلمنا الكتاب والحكمة خاتم الأنبياء والرسل وخير الخلق كلهم صلى الله عليه وسلم ليوجز لنا كل تلك الأعمال الصالحة في خطوات عملية بسيطة جدا :
عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهُ قالَ قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ:
اتَّقِ اللَّهَ حيثُما كنتَ وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ



ثم يواصل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسيرته نحونا فهو أبدا لم يسقطنا من حسابه ‏ولكنه ترك لنا كل شيء بإيجاز شديد حتى لا نتعب وحتى لا نمل وحتى يحببنا في دين الله وفي ‏القرب منه ومن الحق ومن الصلاح ومن الفلاح وحتى لا تكثر علينا تعاليم الدين :‏

(حديث مرفوع) وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْيَمَامِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَابًا يَسِيرًا ، وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ "، قَالُوا : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ " ، قَالَ : فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَمَا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " أَنْ تُحَاسَبَ حِسَابًا يَسِيرًا ، وَيُدْخِلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ " .
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عَمِّهِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" أَلَا أَدَلُّكُمْ عَلَى مَا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " تَحَلَّمُ عَنْ مَنْ جَهِلَ عَلَيْكَ ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ ". 
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا حَسَنٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَبَّانُ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ , عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ :
" أَفْضَلُ الْفَضَائِلِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ ،وَتُعْطِيَ مَنْ مَنَعَكَ ، وَتَصْفَحَ عَمَّنْ شَتَمَكَ ".
(حديث مرفوع) (حديث موقوف) قَالَ عُقْبَةُ : ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَابْتَدَأْتُهُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ ، فَقَالَ :
" يَا عُقْبَةُ ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ " .
هذا فكر راق جدا، وأسلوب فعال، لو اتبعناه سنشعر بقيمة أنفسنا، سنشعر بأننا بشر قد نخطئ ولكننا نتمسك بمبادءنا.. والأهم من كل ذلك أننا سنشعر براحة نفسية كبيرة جدا، وسنفرح فرحة النصر لأننا أنتصرنا على الإسفاف والسقوط وشباك الشياطين.
وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ
العفو عمن ظلمنا هذه رياضة نفسية عظيمة جدا، ينجح فيها من يكظم غيظه، قد نفشل مرة أو مرات في كظم غيظنا ولكننا سننجح حتما إذا ما واصلنا بإصرار لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. فإذا نجحنا في أن نعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلمنا فسوف نصل حتما من قطعنا لأن النفس تحب الرقي والسمو والتميز، وهذه الأعمال تجعلنا أقوياء بإذن الله.قال فضيلة الدكتور النابلسي جزاه الله خيرا:ٌجَُبّل الإنسان على :
حب الجمال وحب الكمال وحب النوال
كلنا يحب الجمال .. وكلنا يحب الكمال .. وكلنا يحب أن ينال ما يحلم به .. وكل هذه المعطيات عبارة عن درحات نصعد عليه لنرقى وننسمو ونعلو عن الإسفافات والماهات والأحزان والإكتئاب والفقر.حتى الموت سنقهره بعدم الخوف منه بل بإنتظاره لأن الله سيرينا هنا في حياتنا الدنيا موقفنا منه سبحانه في الآخرة فهو سبحانه الذي قال :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا