الخميس 12 مارس 2015
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم...
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واخرجنا من ظلومات الجهل والشرك والرياء إلى أنوار العلم والمعرفة وارزقنا الإخلاص لك وحدك في القول والعمل.
أما بعد أحبتي في الله...


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
وفي هذا النداء لدينا أمر ونهي، ينهانا عن أن نقول كلمة راعنا، ويأمرنا بأن نقول انظرنا، إذا هنا لدينا نهي عن شيء وأمر بآخر.

قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا 

ونجد في الوصايا نفس الأسلوب يحرم علينا ربنا الشرك ليدعونا إلى توحيده سبحانه، ويحثنا على الإحسان بوالدينا لينهانا عن عقوقهم، وهكذا في سائر الوصايا...
ولكن أين هو العامل المشترك بين الوصية والنداء؟


حديث شريف:
روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : 
وما الشرك الأصغر ؟ يا رسول الله ، قال : الرياء ، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة : إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ) .


إذا فالرياء شرك بالله 
والعياذ بالله

وفي النداء يأمرنا ربنا:
لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا
إذا فالشرك أن نعلن غير ما نخفي، وأن نقول كلاما يخالف حقيقة مشاعرنا، ومواطن الشرك في الكلام كثيرة جدا ومنتشرة جدا في مجتماعتنا العربية، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم كل هذه الأنواع في جملة واحدة من جوامع الكلم حين سئل عن الشرك بالله فقال:
( أن تجعل لله ندا وهو خلقك ) متفق عليه.
إذا فالرياء من الشرك، وقد حرم الله الشرك وبالتالي فالرياء حرام، وهذا هو العامل المشترك بين الوصية والنداء...يأمرنا الله تبارك وتعالى بأن نبتعد كل البعد عن الكلام الخبيث ولا نقول إلا طيبا، ثم يوصينا بعدم الشرك به سبحانه.الآن سنعود إلى الآية الكريمة التى نعتبرها ها مقياس الإيمان لدينا في جميع مراحل حياتنا وفي كل أحوالنا:
يقول الله تبارك وتعالى:

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

عندما يصيبنا حزن أو قلق أو ما يسوءنا فلنعلم أننا قد وقعنا في منطقة مظلمة، نتيجة كلمة أو فعل أو نية سلبية، فلنستغفر الله ولنراجع حساباتنا مرة بعد مرة حتى يكشف الله لنا خطأنا بالتوبة والاستغفار.
وقد أهدانا الله تبارك وتعالى كنزا كبيرا من كنوز الجنة وكنوز الرضا وكنوز السعادة والغبطة والأمن والآمان:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
(سورة الأحزاب)
وفي سورة الحديد أيضا هبة عظيمة من الله العلي العظيم لعباده المؤمنين:هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)
ينزل فعل مضارع، على عبده صلى الله عليه وسلم ليخرجنا من الظلومات إلى النور، ربما بالصلاة والسلام على سيدنا محمد يخرجنا ربنا من ظلومات أنفسنا ومن كل السلبيات إلى النور، فمن لم يصلى على الحبيب المصطفى فقد حرم نفسه من الخير كله.
خلاصة مستفادة من درس اليوم:
-الكلام الطيب من النور وهو إيجابي وقد أمرنا الله به.
-والكلام الخبيث من الظلام وهو سلبي وقد نهانا الله عنه.
-والشرك بالله فهو من الظلام لأنه ظلم وهو سلبي وقد حرمه الله علينا.
-والإخلاص لله من النور وهو إيجابي وقد وصانا الله به.

هذا والله أعلى وأعلم 
سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك